إيرفان ألام شاب هندي في السابعة والعشرين من عمره ينتمي إلي ولاية ببهار وهو يتذكر بوضوح متي داعبته أحلام التحول إلي "منظم" يمتلك مشروعا بازغا، ويقول ألام "المنشورة صورته وسط هذا الموضوع" انه كان يجلس في احدي عربات الركشا ذات يوم قائظ من أيام الصيف في أحد شوارع مدينته بجوزاراي وعندما شعر بالعطش سأل الرجل الذي يقود عربة الركشا عن شربة ماء فلم يجد، وقال ألام لنفسه ان سائق الركشا لا يكسب سوي روبيات قليلة هي ما يتبقي له كل يوم بعد ان يدفع ايجار العربة لصاحبها الأصلي، وان هذا السائق الذي يعتمد كليا علي مجهوده العضلي في انجاز ما يقوم به من توصيلات يمكنه ان يكسب أكثر لو فكر في بيع المشروبات والجرائد وحتي كروت شحن التليفونات المحمولة لركاب عربة الركشا، ولما كانت كل عربة ركشا تعمل يوميا في نطاق مسافة طولها 10 كيلو مترات فإن السائق يمكنه ايضا حمل بعض السلع الخفيفة والاعلان عنها لكل من يمر بهم في الطريق وبذلك يمكن ان تتضاعف عن مكاسبه. وقد تطورات أفكار ألام هذه كما تقول مجلة "الايكونوميست" لتتحول إلي مشروع بازغ تحت اسم "سامان" ومعناها بالعربية "الكرامة" وهو أحد المشروعات الثلاثين المرشحة للفوز بلقب أفضل مشروع بازغ من خلال مسابقة تضم 500 مشروع وتنظمها الشبكة الوطنية للمنظمين NEN. ولا أحد ينكر بطبيعة الحال ان فكرة "المنظم" هي فكرة قديمة في التقاليد الهندية وخاصة في مجال التجارة ولكن الاجيال الجديدة من المنظمين الهنود هم اصحاب فكر مختلف فالتاجر القديم كان مسلحا بالقدرة علي صنع النقود اينما حل معتمداً علي قدرته علي المساومة اما الاجيال الجديدة فهي مولعة بالارقام ولذلك فهي تتجه إلي شركات التكنولوجيا في المقام الأول مثل الشباب الذي تعاون علي تأسيس شركة البرمجيات الفوسيز عام 1981 وهناك يقول الصحفي الهندي فيرسانجا في ان هؤلاء الشباب أرادوا تأسيس شركة تقوم علي الجدارة والاحترافية لا علي الصداقة والقرابة. وتقول مجلة "الايكونوميست" ان راكيش فاريير احد العاملين في انفوسيز استقال من الشركة عام 2006 ليقيم مشروعه البازغ الخاص به تحت اسم "أكتف كيوبز" وهو من المشتركين ايضا في المسابقة السالفة الاشارة إليها وقد تعلم فاريير الدرس من مؤسس شركة انفوسيز انفسهم والحقيقة ان هناك العديد من النماذج الملهمة للشباب الهندي في قطاعات الخدمات والتكنولوجيا والانترنت بوجه خاص، ولعله لذلك لم يكن مصادفة ان يكون ثلث المشروعات البازعة المشتركة في المسابقة في قطاع الكمبيوتر اما أغلب المشروعات الباقية فهي تعمل في قطاع الخدمات وخاصة الترفيه والتعليم والموارد البشرية، واللافت للنظر ان الجيل الجديد من المنظمين الهنود لا يزال ينظر إلي الصناعات التمويلية بإعتبارها شيئا بغيضا علي حد قول راكيش بازانت خبير المعهد الهندي للادارة في أحمد أباد وذلك لأن هذه الصناعات تفرض علي المستثمرين فيها قدراً أكبر من التداخل مع الروتين الحكومي المعوق. ولعله تجدر الاشارة الآن إلي ان مشروع ألام يعد استثناء في هذه الناحية فهو يقوم بصنع عربات الركشا الانيقة للعمل في المناطق السياحية ذات الطرق الراقية كما يصنع عربات ركشا تناسب شوارع ولاية بيهار الأخري سيئة الرصف، واذا كان ألام قد بدأ مشروعه بقرض مصرفي فإن 87% من المشروعات الخمسمائة المشتركة في المسابقة السالف ذكرها بدأت بأموال من المدخرات الشخصية ومدخرات الأهل والاصدقاء. بقي ان نقول ان الشباب الامريكي عادة ما يبدأ مشروعه البازغ بمبلغ صغير مثل الشاب الهندي ولكنه سرعان ما يجد لنفسه ممولاً يرعاه ويمده بما يحتاج إليه من أموال للتوسع وتذكر أرقام مركز ابحاث المخاطرة بجامعة نيوهامشاير ان عام 2007 شهد تأسيس 57 الف مشروع امريكي بازغ تكلفتها الكلية 26 مليار دولار بمتوسط قدره 456 الف دولار لكل مشروع، أما في الهند فإن متوسط تكلفة المشروع البازغ لا تتجاز 100 الف دولار في العادة وان كانت تزيد احيانا الي ضعف هذا المبلغ اما فكرة امداد هؤلاء الشباب برأس مال اضافي عن طريق صناديق استثمار رأس المال المخاطر فهي فكرة لا تزال جديدة جدا علي الهنود ولا يستفيد منها سوي عدد محدود من المشروعات الهندية البازغة.