[email protected] في عصر المعلومات وثورة الاتصالات الذي نحياه لم يعد استخدام الكمبيوتر والانترنت مقصورا علي فئة معينة إذ أن تزايد الوعي الاجتماعي جعل هذه الأدوات هدفا لجميع الفئات من المستخدمين لاسيما وأنها الأقدر علي تلبية احتياجاتهم وتطلعاتهم والتعبير عن آرائهم ومقترحاتهم وتصوراتهم سواء إزاء ما يحدث في الوقت الحالي أو في المستقبل. وتناولنا أمس في نفس هذا المكان مفهوم ظاهرة المدونات الشخصية أو "البلوجرز" كأحد أهم مظاهر حرية التعبير التي تكفلها شبكة الانترنت لجميع مستخدميها للتعبير عن آرائهم ورؤيتهم الشخصية عن الأحداث والواقع الذي يعيشونه ويحاولون نقله لجميع مستخدمي الانترنت دون التقيد بشروط أو تحفظات حيث تتيح لهم الانترنت إمكانية أن يشاركهم الآخرون في متابعة جميع الأحداث سواء سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية. وأشرنا إلي دعوي منظمة "العفو الدولية " مؤخرا جميع المدونين علي الانترنت إلي إظهار دعمهم لحرية التعبير كما دعت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان التي تتخذ من نيويورك مقرا لها المدونين إلي نشر معلومات حول زملائهم الذين تعرضوا للسجن بسبب ما نشروه علي الانترنت. وتعد المدونات العسكرية وسيلة ممتازة للجنود الأمريكيين المتواجدين في منطقة الشرق الأوسط للتعبير عن أنفسهم علي نطاق واسع وتبادل خبراتهم مع بقية العالم هناك الآلاف من المدونات التي قام الجنود بإنشائها وتسجيلها حيث أكدت مؤخرا قيادة الجيش الامريكي أن هناك وحدة مراقبة متخصصة تخضع مدونات الإنترنت (blog) التي يدونها الجنود الأمريكيون في الخطوط الأمامية في جبهتي العراق وأفغانستان لرقابة صارمة خوفا من إفشاء أسرار عسكرية أو معلومات تهدد الوجود الأمني للمارينز. تنتمي الإدارة التي أسند إليها مراقبة المدونات الرسمية وغير الرسمية ومواقع الويب إلي خلية تقييم مخاطر الويب وتفحص أي معلومة تهدد سلامة وأمان الجنود الأمريكيين، وتتولي الإدارة فحص المدونات خشية تضمنها مستندات رسمية أو معلومات اتصال شخصية أو صور أسلحة أو مداخل للمعسكرات. ونتصور أن الدور الرئيسي لوحدة المراقبة علي مدونات الجنود الامريكين هو ضمان عدم نقل الصورة الحقيقية لحالة الجيش اليومية في أماكن القتال مع انخفاض الروح المعنوية للجنود وفقدانهم الحافز لاستمرار تواجدهم كما تقوم وحدة المراقبة بمراجعة مئات الآلاف من المواقع كل شهر وأحيانا تطلب من الجنود إلغاء بعض المعلومات أو حذفها، وإذا لم يذعن الجندي يتم اللجوء إلي القيادة المباشرة له لحل المشكلة. ويقول مدير الوحدة إن هذه الوحدة أشبه بهيئة تصحيح سياسي حيث تحاول تحديد المحتوي الضار وتوعية الجنود بالمخاطر المحتملة لسوء استخدام هذه المعلومات من قبل الإرهابيين الذين يضرون بمصالح الولاياتالمتحدة. ونعتقد أن دور هذه الوحدة يتماثل بدرجة كبيرة مع ما يقوم بها العديد من الأجهزة الأمنية الحكومية في مختلف دول العالم بداية من الولاياتالمتحدة مرورا بالصين وحتي الدول النامية ولعل السؤال الذي يجب أن نوجهه للجهات المعنية بحرية التعبير والإشراف علي شبكة الانترنت متي ستكون الانترنت ساحة حرة للتعبير عن الآراء دون الخوف من التعرض للعقاب والمراقبة؟ وهل الأمر في حاجة إلي وجود بروتوكول عالمي وتشريعات دولية لحماية مدوني الانترنت أم أن الأمر يخضع لمدي إحساس مدوني الانترنت بالمسئولية وكسب المصداقية فقط فيما يتم تداوله من قضايا وموضوعات؟ في النهاية نأمل في ظل الحديث عن تشكيل فريق العمل الخاص بحكومة الانترنت وهو مجلس استشاري عالمي يضع توصياته الخاصة بالأمور المتصلة بالسياسات العامة بإدارة الشبكة وتطوير هذه السياسات بما يدعم نموها وإسهاماتها في عمليات التنمية بجوانبها المختلفة أن يكون هناك كيان موحد سواء تحت إشراف منظمة الايكان أو منظمات هيئة الأممالمتحدة يجمع بين جميع المدونين في مختلف دول العالم بهدف تعظيم الاستفادة من هذه الخدمة في نقل وتبادل الخبرات بين شعوب العالم ولا تتحول إلي أداة ضغط في أيدي الأجهزة الأمنية لفرض مزيد من الرقابة علي مستخدمي الانترنت.