بقلم : سعد هجرس اليوم.. يجتمع رؤساء تحرير الصحف القومية والحزبية والمستقلة لبحث ظاهرة "صحافة السباب والشتائم" التي قفزت الي السطح في بلاط صاحبة الجلالة مؤخراً . وهي ظاهرة مضرة لمهنة الصحافة ولكل الصحفيين وليس فقط للأطراف المباشرة في هذا التلاسن الفظ. كما ان من شانها ان تقضي علي البقية الباقية من مصداقية مهنة البحث عن المتاعب، وان تشيع مناخاً مسموماً من الغوغائية يختلط فيه الحابل بالنابل، والنقد الجاد بالشتائم البذيئة، والتقييم الموضوعي للسياسات المطروحة علي بساط البحث بالاستهداف الذاتي وشخصنة الخلافات السياسية. هذا المناخ غير الصحي.. فضلا عن تناقضه مع تقاليد مهنة الصحافة، وإهداره لرسالة الكلمة، وانحرافه بدور الصحفيين كقادة للرأي العام وحملة لمشاعل التنوير والعقلانية، يعطي الذريعة لاعداء حرية الصحافة - المتربصين في الظلام دائما وابدأ - للانقضاض علي القدر المتاح من الحريات الذي نطالب بتوسيعه وتعميقه. وإذن.. فان الحكمة تقتضي وقف هذا التردي وذاك التراشق السخيف وتلك المهاترات السقيمة والممجوجة. ولعل القيادات الصحفية التي ستجتمع اليوم، في بيتهم الكبير، اي في كنف نقابة الصحفيين وتحت رعايتها، ان تسمو عن الحسابات الصغيرة، وان ترتفع الي مستوي الحفاظ علي هذه المهنة التي لعبت دوراً اساسياً في تحديث مصر ونهضتها ودعم كفاح الشعب المصري من اجل الاستقلال الوطني والديمقراطي والتقدم والتنمية . ولن يتأتي ذلك بالوعظ والإرشاد والكلمات الإنشائية والشعارات الرنانة، وانما يتأتي بالاتفاق الصريح علي نبذ منهج السباب والشتائم، والتعهد بالالتزام بتحويل هذا الاتفاق الي أسلوب عمل، خاصة وان هذه القيادات الصحفية هي المسئولة عما ينشر وما لا ينشر، وبالتالي فانه لا عذر لها في حالة اي خرق لمضمون وروح هذا الاتفاق، كما انها هي التي تتصدر البرامج الحوارية في قنوات التليفزيون المصرية والفضائيات العربية. وهذا ليس مجرد " اتفاق ودي"، وانما هو اتفاق في إطار ميثاق الشرف الصحفي وأحكامه. ولذلك يجب علي هذه القيادات الصحفية، جنبا الي جنب مع نقيب الصحفيين ومجلس النقابة، ان تكون الأكثر حرصاً علي تفعيل هذا الميثاق بعد طول تجاهل. واتفاق القيادات الصحفية، من مختلف المدارس الفكرية والسياسية، علي إعادة الاعتبار الي ميثاق الشرف الصحفي يجب ان يكون مقترنا بالتأكيد علي ان اللجوء الي تطبيق احكام الميثاق يجب الا يكون انتقائيا، فيطبق علي الصغير ولا يطبق علي الكبير، او يتم تذكره عندما يكون الانتهاك موجها ضد طرف معين ويجري نسيانه وتجاهله عندما يكون موجها ضد طرف آخر. ثم لا يجب ان ننسي ان ميثاق الشرف الصحفي لا يتحدث عن " واجبات" الصحفيين فقط، وانما يتحدث أيضا عن " حقوقهم " وبالتالي فان تفعيل الميثاق يجب ان يكون في الاتجاهين وليس في اتجاه واحد فقط . ثم ان الأهم من ذلك كله .. ان يكون واضحاً وضوح الشمس ان التصدي لصحافة التلاسن والشتائم لا يجب ان يمس حق النقد المشروع والمطلوب لكافة السياسات وكل المسئولين بلا استثناء. طالما ان ذلك يتم بصورة مهنية وموضوعية محترمة .