منذ 10 سنوات فقط كان لدي اليابان 14 بنكا تجاريا كبيرا والاَن بعد الأزمة المالية وانتهاء فقاعات كل أنواع الأصول صارت 3 فقط.. وخلال هذه المسيرة انهارت بعض البنوك وأفلست تحت وطأة القروض المتعثرة والمعدومة التي كانت قد أخرجتها في حقبة الثمانينيات عندما كانت البورصة في ذروتها وكذلك أسعار الممتلكات. كما اختفت بنوك أخري عن طريق سلسلة من الاندماجات لإيجاد كيانات أكبر قادرة علي مواجهة الأزمة.. ومع ذلك فإن البنوك التي بقيت لا تحقق حتي الاَن أرباحا كافية وإن كانت قد بدأت في وضع استراتيجيات تتيح لها الاستفادة من الانتعاش الاقتصادي الحادث حاليا. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن البنوك التجارية اليابانية الثلاث المتبقية تعد بنوك كبري بكل المعايير.. وعلي سبيل المثال فإن بنك MUFG الذي نشأ هذا العام من اندماج بنك طوكيو ميتسوبيشي وبنك UFJ يعد واحدا من أكبر بنوك العالم من حيث قيمة الأصول إن لم يكن هو أكبر بنك في العالم من هذه الناحية. كذلك فإن بنك ميزيوهو الذي نشأ نتيجة اندماج بنك اليابان الصناعي مع بنك داي إتشي كانجيو وبنك فيوجي وكذلك بنك SMBC الذي نشأ من اندماج سوميتومو بانك مع ميتسوي بانك يعدان هما الاَخران من البنوك الكبري عالميا.. وقد حقق كل منهما أرباحا قياسية خلال العام المنتهي في 31 مارس 2006 علي الرغم من أن جزءا مهما من هذه الأرباح يعود إلي ما حدث من ارتفاع غير متوقع في أسعار الفائدة طويلة الأجل. وفي نفس الوقت فقد انخفضت القروض المعدومة والمتعثرة لتصبح نحو 2.10 تريليون ين فقط بعد أن كانت قد تجاوزت 2.40 تريليون ين عام 2002 وانخفضت نسبتها إلي إجمالي القروض من 7% ذات يوم لتصبح 1 2% فقط هذا العام. ولذلك يمكن القول بأنه أصبح في مقدور إدارات هذه البنوك التجارية الثلاث أن تمد بصرها إلي أبعد من مجرد البقاء علي قيد الحياة لتفكر في وضع استراتيجيات لتحقيق المزيد من الأرباح.. وقد بدأت البنوك تعمل بالفعل علي تفادي أخطاء الماضي. وهنا يقول نوبويوكي هيرانو المدير العام لبنك MUFG: لقد اعتدنا أن يكون دورنا هو نقل النقود من الأفراد ذوي المدخرات العالية عبر الودائع إلي الشركات التي تبحث عن التمويل من أجل تحقيق النمو، أما اليوم فقد أصبحت الشركات الكبري غنية بالسيولة ويمكنها أن تمول نفسها بنفسها. وبدلا من إقراض نخبة من الشركات عن قمة الهرم الاقتصادي الياباني بدأت البنوك تنوع عملياتها وهذا يعني أن البنوك التجارية الثلاثة صارت تتنافس الاَن علي مناطق النمو وفي مقدمتها إقراض الشركات المتوسطة والصغيرة، وقروض الأفراد والتمويل العقاري والعمل في الأسواق الدولية. أما بالنسبة للمقترضين فإن النفع واضح ويكفي أن الأرقام التي أذاعها البنك المركزي الياباني يوم 8 أغسطس الحالي توضح التنامي السريع لحجم الائتمان الذي تفوق سرعته كل ما حدث خلال العقد الأخيرة. وتقول مجلة الإيكونوميست إن الخلفية التي تتحرك عليها البنوك الاَن من الناحيتين المالية والاقتصادية تشجعها علي أن تعود إلي التصرف بشكل طبيعي أو عادي مثل غيرها في البنوك في مختلف أنحاء العالم.. فقد بدأ البنك المركزي الياباني برفع أسعار الفائدة وهناك اتجاه لمساواة البنوك مع شركات صرافة المستهلك فيما تتمتع به من مزايا في شأن أسعار الفائدة. وفي ظل هذه الأوضاع الصاعدة راحت البنوك تسدد ماعليها من ديون للحكومة، ففي يونية الماضي سدد بنك MUFG كل ما عليه من ديون عامة وتلاه بنك ميزيوهو في يولية أما بنك SMBC فسوف يستكمل سداد ما عليه من ديون قبل انصرام هذا العام.. وكان يمكن تلك البنوك من اعتبار الأرباح جزء من رأس المال.