واشنطن حبلي بحمل صادق: الانسحاب من العراق! بوش وإدارته، بعد طول مماحكة ومطل، يفكرون علنا في الاسحاب.. انما المشكلة: بأي قدر يتم ومعدل؟! تحت وطأة كرابيج رموز الحزب الديمقراطي، وضغوط المسئولين في نظام الحكم العراقي المؤقت.. وانتخابات الكونجرس في الخريف المقبل التي قد تقلب موازين السلطة الامريكية.. تجد واشنطن نفسها في موقف لا مفر منه، الا الرحيل! كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية التي تعاير بدقة كل وضع يطرأ علي الرأي العام الامريكي تكشف ان الموقف يكتنفه علاج غائم غير مطمئن (Foggy nostrums) ثم تضيف لعبارتها توضيحا صريحا: "لا اعتقد ان القوات الامريكية تحتاج للبقاء في العراق، بهذه الارقام، لمدة طويلة جدا"! فوجئ المسئولون في البنتاجون بمثل هذا التدخل في الشأن العسكري، لكنهم سرعان ما ابتلعوا غصتهم.. هم ايضا يناقشون في العلن لاي حد ينبغي النزول بالقوات في العراق تحت قوي ال 160 ألفا الراهن! تبلورت اكثر الرغبة الجامحة في تخفيض القوات في العراق بعد ان تخطي عدد القتلي في القوات الامريكية هناك المائة الثانية بعد الالفين.. وارتفعت اصوات زعامات السنة والاكراد والشيعة في مؤتمرهم بمقر الجامعة العربية بالقاهرة تطالب بجدول زمني لانسحاب القوات الامريكية، ودعمهم للمقاومة العراقية واضفاء الشرعية عليها مادامت لا تمارس العنف والارهاب ضد المدنيين والمؤسسات ودور العبادة! اما العسكريون فيضعون للرحيل خطوطا حمراء.. ليوتنات جنرال - فريق - جون فانيز قائد الجيش في العراق يحذر من أي انسحاب متهور (Precibitous pullout) يهز أركان الاستقرار! لكن الانسحاب المتسارع الذي اصبح الان مطلبا شعبيا متداولا، انما يرجع الفضل فيه الي عضو مجلس النواب الديمقراطي جون ميرثا الذي أثاره بشدة، نوفمبر العام الماضي فترددت اصداؤه في جنبات الشارع الامريكي! انما ثمة مفاتيح وضوابط بالغة الاهمية عظيمة الخطر، تحكم الانسحاب الامريكي من العراق.. منها: مدي جدية الانسحاب؟ الشروط الواجب توافرها قبل الرحيل؟ هل يبقي العراق علي حد الامان بعد الانسحاب؟ وماذا عن امن الشرق الاوسط؟ ثم يجيء الضابط الاهم: هل تصبح امريكا اكثر امنا بعودة قواتها الي حضن الوطن؟! ... وندبر التفكير حول كل المعايير، لعلنا نصل الي غايات صحيحة! إذا ادلهمت الأمور* ** الضابط الأول - جدية الانسحاب: ليست هناك خطة واحدة للانسحاب.. انما زحام من الخطط.. جميعها تعطي للقوات الامريكية خيارات مرنة متعددة! ويتفق البنتاجون والجنرال جورج كيسي قائد الجيش في العراق علي رؤية متطابقة: ان تكون القوات الامريكية في العراق في حدود 100 الف جندي في نهاية العام الحالي.. لكن علي الجنرال كيسي ان يحسم الرقم في يونية المقبل.. موعد ابلاغ الوحدات العسكرية الرئيسية رسميا بأوامر اعادة الانتشار! ويحذر كبار الضباط في البنتاجون سرا من ان مستوي عدد القوات قد يزيد في العراق في احوال طارئة.. منها: اذا لم تصل قوات الامن العراقية الي المستوي القتالي المطلوب.. اذا زادت قوات المقاومة قوة وضراوة.. أو إذا تحول الصراع المدني الي حرب أهلية! مسئول بالبنتاجون يؤكد لمجلة تايم ان دونالد رمسفيلد طلب من مخططي وزارة الدفاع ان يعطوا خططهم خيارات تواجه حدوث اي طارئ غير متوقع خلال هذا العام! اما اذا ادلهمت الامور فان القوات الامريكية لن تهرب أو تقفز.. سوف تلجأ الي قواعد ضخمة محمية تنفق عليها القوات الامريكية مليارات الدولارات كملاذ آمن! وبعامة يقول زلماي خليل زاد السفير الامريكي بالعراق: نحتاج الي وجود متزن ليس اقل مما ينبغي ولا اكثر.. بينما يري الجنرال بيتر شوبيكر رئيس اركان الجيش ان قوة قوامها 100 الف جندي ينبغي ان تبقي في العراق خلال السنوات ال 4 المقبلة! ** الضابط الثاني شروط الرحيل: 5 شروط.. اولها: دور سياسي للسنة له وزنه.. ثانيها: عدم تفاقم قوة المقاومة.. ثالثها: تنامي قدرات قوات الامن العراقية.. رابعها: نظام حكم قوي.. خامسها: دعم قدرات الاتصال وخفة الحركة بصورة تسمح للقوات الامريكية بتعزيز قوات الامن العراقية عند الاحتياج. وتصر العسكرية الامريكية علي توافر كل هذه العلامات الاشارية علي الطريق الصحيح لسلامة موقف ما بعد الانسحاب.. ويسوقون هذه الحجج: رغم ازدياد هجمات المقاومة الي نحو 50 عملية في اليوم، ولم تستطع ان تعوق العملية السياسية.. المواطنون يتحولون بازدياد ضد رجال المقاومة.. بلاغاتهم السرية عن المقاومين تضاعفت من 442 في فبراير العام الماضي الي 4700 في سبتمبر.. وان كانت ليست هناك ارقام لعدد المرشدين عن رجال المقاومة الذين تم اسرهم من جانب المقاومين.. او قتلهم!