تشهد موسكو وكبريات المدن الروسية خريفا ساخنا في حدته ودرجة حرارته علي وقع أنغام معركة الانتحابات البرلمانية وعلي خلفية إعلان رجلي الدولة مدفيديف وبوتين تبادل الأدوار علي المسرح السياسي والرسمي لروسيا خلال فصل الربيع القادم ، ومما زاد من سخونة الخريف منذ أوائل شهر أكتوبر الجاري اشتداد الحملة المنظمة بقيادة قوي ومنظمات للقوميين الروس المتشددين والمدعومين من عواصم غربية وواشنطن، في توظيف حملات الدعاية الانتخابية بغرض الوصول لأعتاب «الدوما» البرلمان الروسي من ناحية ومن ناحية أخري حشد الناخبون الشباب من العاطلين ومن الطبقات الدنيا التي أضيرت تماما من جراء الأزمة الاقتصادية . وعلي هذا المنحي جمعتني المصادفة بأحد الصحفيين الروس في جلسة مع أصدقاء صحفيين بلغار ودار الحديث عن مستويات المعيشة والوضع الاقتصادي حيث تباري صديقنا الروسي للقول إن موسكو هي أعلي مدينة في أوربا من حيث الأسعار . وعلي كل بدأت حملة اليمين المعنونة "لا لاطعام القوقاز " تأخذ بعدا عرقيا ووفق إعلان مروجيها فيما سموه أرادة الوطنيين الروس والهادفة في مجملها لحشد الضغوط الشعبية علي السلطة لتقليص حجم الموازنات المالية المدعومة من الحكومة الفيدرالية بموسكو والمخصصة لمناطق القوقاز ، ويزعم مروجو الحملة بأن مناطق القوقاز تمثل بؤرا للإرهاب ضد الروس السلاف الأصل ذوي الدين المسيحي الأرثوذكس بل إنها خطر علي السلطة المركزية والأمن القومي الروسي ، وعكست الشعارات اليمينية المرفوعة مدي امتعاض مروجيها من عمليات الضخ المالي المركزي لهذه المناطق علي خلفية الأزمة الاقتصادية ، بل يسعي المروجون العنصريون في نهاية المطاف لاعلان روسيا دولة قومية بدلا من الوضع الفيدرالي الحالي المتعدد القوميات ،إلا أن ذلك يتغطي بقناع ديماجوجي بطلب ضمان المساواة في الحقوق والواجبات للشعوب الأخري التي تعيش علي الأراضي الروسية ،ويتضح الأمر أكثر في مطالباتهم في الوقت نفسه بامتيازات لمواطني روسيا الأصليين السلاف في إشارة للتعامل مع باقي القوميات كأقليات . وقد حذر الكثير من المحللين والخبراء الروس من مغبة مواجهات عرقية قادمة علي أساس عرقي وهو ما حدث أوائل الشهر الجاري في مواجهات فجرها مصرع مشجع لفريق سبارتاك موسكو لكرة القدم عقب مشاجرات دموية بين مواطنين روس وآخرين ينحدرون من القوقاز ،وهو مادفع الرئيس الروسي مدفديف لزيارة جامعة موسكو الأحد الماضي لالقاء محاضرة ضد التعصب الديني والعرقي ،قوبل بشعارات وهتافات غاضبة من الطلاب مما اضطر الأجهزة الأمنية للتدخل واعتقال عدد منهم ،ورد الطلاب علي ذلك معلنين يوم الأحد من كل أسبوع يوما للنظافة تطوعا في إشارة لزيارة مدفيديف .وتلعب القوي القومية المتطرفة وبالأخص منها حزب" رودينا "الوطن ورئيسه ديميتري غروزين المندوب الدائم لموسكو بحلف الأطلسي والذي قرر التفرغ لحملته بداية من ديسمبر القادم ،علي هذا الوتر مع بقية التنظيمات المتطرفة لجذب أصوات الشباب المتحمس والعاطل ،بل تمادي الحزب في انتقاد علني باتهام المسلمين باستعراض عضلاتهم أثناء أداء شعائر صلاة الجمعة بمساجد موسكو الخمسة والتي لا تتسع لقرابة المليون مسلم روسي وقوقازي ومن جمهوريات آسيا الوسطي المقيمين بموسكو ،حيث يضطرون لاستحدام الساحات المجاورة للمساجد لاستيعاب أعداد المصلين.