كنت أتصور أن وزارة الثقافة ستكون هي الوزارة الوحيدة التي لا يمكن أن يقترب الإخوان منها، نظرا لأن الثقافة لها ظهير قوي من المثقفين والمبدعين، القادرين علي مواجهة أي فكر ظلامي يحاول المساس بالعقل المصري، والميراث الثقافي والفكري الذي توارثناه علي مدار آلاف السنين، لكن يبدو أن تصوري كان خاطئا، فقطار «الأخونة» لا يرضي إلا بالتوقف في كل المحطات ومنها المحطة الأهم وهي «محطة العقل» المصري، فهم يريدون طمس هوية هذا العقل من خلال تطبيق سياساتهم، التي ترمي للاستحواذ علي مفاصل الدولة، من خلال اختياراتهم الاستفزازية لأشخاص لا يعرفون شيئا عن الأماكن التي يتولون إدارتها، فليس عندهم العلم الكافي أو الخبرة اللازمة في المجالات المختلفة، مما يؤدي في النهاية إلي خراب مؤكد لتلك المؤسسات. فما بالنا بوزارة الثقافة بما تتضمنه من أنشطة تساعد علي تنمية الوعي والذوق، هذه الأنشطة باتت مهددة – وبشدة – خاصة بعد الإقالات المستمرة لقيادات الوزارة وتعيين أناس بعيدين عن العمل الثقافي في الإدارات المختلفة. بالإضافة إلي التصريحات المستفزة للإخوان والتي تستهدف تكفير الإبداع وتحريم بعض أنواعه كفن الباليه، والذي وصفه أحدهم بأنه فن «العراة»، مع العلم أن هذا الفن متعارف عليه في جميع أنحاء العالم بأنه أرقي الفنون، فكيف يثير هذا الفن الغرائز – كما يقول بعض الجهلة – ولعل مواقف المثقفين في الفترة الماضية بحاجة إلي صلابة أكثر ودعم مجتمعي لرفض كل محاولات «اخونة الثقافة»، فليست المسألة في تولي وزير ينتمي – بشكل أو بآخر إلي فكرهم – ولكن القضية الكبري تكمن في تطبيق سياساتهم علي المنتج الفني – إن وجد في عهدهم – فالمسألة لا تبشر بخير أبدا، فهم لا يعرفون عن الفكر والإبداع شيئا، والتاريخ شاهد علي ذلك فلم يخرج من بينهم أديب أو مفكر أو مبدع أسهم بشكل أو بآخر في حركة التحديث في الأدب والإبداع المصري والعربي. بل إن ما يذكره تاريخ الإبداع، أن هذه «الجماعة» وقفت وبشدة ضد الإبداع من خلال رفع قضايا حسبة ضد المبدعين، نالت من حرية الرأي والتعبير.