* أسوأ الآثار الجانبية لثورة 25 يناير المصرية محاولة البعض تلطيخ كل رموز المجتمع الدينية والسياسية والاقتصادية والأمنية بحق أو بغير حق.. بل وتعدي الأمر ذلك إلي المؤسسة العسكرية. * فقد كان الجيش المصري وقادته خطاً أحمر باعتباره جزءاً من الأمن القومي ولكن يبدو أن هذا الخط قد انتهي تماماً. * وأنا لا أعيب علي من ينتقد الآخرين نقداً موضوعياً مهذباً يستند فيه إلي الحقائق ويسمو بلغة الخطاب والنقد إلي مرتبة الأدب الراقي والخلق النبيل.. ولكن كل هذه المعاني النبيلة لا توجد الآن. * وقد دخل علي هذا الخط السييء بعض شيوخ المدرسة السلفية الذين يتلاسنون مع بعضهم دون أدني داع لذلك.. ودون أن يلتزم البعض آداب السلف الصالح في البعد عن تجريح دعاة الإسلام حتي وإن أخطأ بعضهم خطأ له وجهة فقهية أو سند من أئمة السلف.. حتي ولو كان ضعيفاً. * فقد استطاعت بعض الصحف التي تكره السلفيين الإيقاع ببعضهم في فخ إعلامي محكم ليهاجم آخرين.. مما أحدث شرخاً كبيراً في جدار المدرسة السلفية. * وإن تكرر الوقوع في الفخاخ الإعلامية فسوف يتسع الخرق وتزداد الجفوة ويغيب الصفاء.. وإذا كنا قد تحملنا جفاء الأطراف الإسلامية المتصارعة في السياسية وعلي كراسي البرلمان لأن التنافس السياسي بطبيعته يؤدي إلي التشاحن والبغضاء.. فإن الدعوة ليس فيها تشاحن ولا بغضاء بل هي رمز للصفاء والنقاء والتآلف والإيثار. * وعلي دعاة التيار السلفي أن يعودوا إلي سابق عهدهم في احترامهم لبعضهم وتوقيرهم لشيوخهم والتفافهم حول بعضهم... لأنهم إذا بدوأوا سلسلة التنازع والشقاق فلن تنتهي هذه السلسة إلا بالانهيار الكامل لمنظومتهم الدعوية. * لأن المنظومة السلفية قامت أساساً علي الأخلاق والدين والتحاب في الله.. وليس علي الكراسي والمناصب أو المغانم.. ولم تتعود علي كثرة الخلاف أو الأخذ والرد أو التلاسن عبر الإعلام. * وعلي الدعاة الذين تعرضوا للهجوم أن يصبروا صبراً جميلاً علي هذا الابتلاء.. وأن يعفوا ويصفحوا ويتغافروا عملاً بالآية الكريمة "فأصفح الصفح الجميل".. وأن يحافظوا علي تماسك البيت السلفي الدعوي وأن يحلوا مشاكله في داخل البيت وليس علي صفحات الصحف أو شاشات الفضائيات. * وأكثر ما يعجبني في الشيخ محمد حسان رقته ورفقه وفرط أدبه في التعامل مع الآخرين.. وعدم قدحه في أحد.. وهذا ما جعله مقبولاً لدي معظم أطياف الشعب المصري قبل وبعد الثورة. * فقد أحبه الرسميون في الدولة.. وأحبه المسيحيون كذلك.. وأحبته كل التيارات الإسلامية بلا استثناء.. لأنه لم يتورط في قدح أحد منهم.. ولم يكن مسفاً أو متطاولاً أو فاحشاً في أي خلاف فكري أو فقهي حدث بينه وبين أحد.. كما أنه يؤثر له عدم اصطدامه كغيره بمؤسسة الأزهر ممثلة في الإمام العالم الطيب د/ أحمد الطيب.. ولا بمؤسسة الإفتاء وعلي رأسها د/ علي جمعة.. كما أنه لم يتطاول مثل غيره علي دعاة وعلماء وأبناء الطرق الصوفية أو جماعة الإخوان المسلمين.. أو الجماعات الإسلامية الأخري. * لقد كان الشيخ/ محمد حسان نسيجاً وحده في المدرسة السلفية التي دأب بعض دعاتها علي الهجوم المستمر علي الآخرين.. فتارة يهجمون علي الأزهر وشيخه الكريم رغم تواضعه وأدبه.. وتارة علي فضيلة المفتي رغم فقهه الغزير. * بل قد يصل البعض إلي حد التشكيك في عقيدة الرجلين بل والأزهر كله.. وكأن الأزهر وشيوخه لم يعرفوا الدين ولا العقيدة الصحيحة ولم يقرأوا في كتب السلف حتي جاء الداعية الحديث السن ليعلم هؤلاء صحيح الدين والإسلام.. ناسياً أن الأزهر هو أصل العلم الحقيقي ومورده الصافي ومنبعه الأصيل. * وبعض هؤلاء لا يكتفون بالهجوم علي الأزهر والإفتاء.. ولكنهم يهاجمون علماء أجلاء خارج مصر وداخلها. * وقد رأينا الهجمات الفظيعة التي تعرض لها العلامة د/ يوسف القرضاوي من بعض دعاة المدرسة السلفية ثم عادوا بعد ذلك إلي كل مقولاته في فقه السياسة والدولة.. دون أن يكلفوا أنفسهم أن يعتذروا للرجل يوماً أو يقولوا لقد أصاب وأخطأنا.. وعرف وجهلنا.. ونحن اليوم نقدم اعتذاراً عن كل تلميذ من تلاميذنا شتمه أو أهانه أو حقره يوماً.. أو أخرجه من دائرة العلماء والفقهاء. * واليوم هناك من أبناء المدرسة السلفية من يشتمون د/ سليم العوا صباح مساء ويطعنونه في دينه طعناً يقطع قلوب الصالحين الذين يعرفونه. * فتارة يقولون عنه أنه شيعي.. أو أنه يناصر إيران.. أو أنه يريد أن تأتي الشيعة إلي مصر.. وكل ذلك لا أصل له.. وهو كذب ومحض افتراء علي الرجل. * فالرجل من كبار علماء السنة يحب الصحابة حباً جماً.. وعلي رأسهم وزير رسول الله "صلي الله عليه وسلم" وهو أصولي وفقيه متميز.. وله كتب سياسية نظرت وقننت لكل ما يحدث الآن.. والذين كانوا يشتمونه كانوا ينكرونها ويرفضونها وهم الآن يقولون بها سواء في جواز تكوين الأحزاب أو في جواز التعددية السياسية أو اللجوء إلي الصناديق لتحقيق مبدأ الشوري والرضا الشعبي عن الحاكم إلي غير ذلك من مقولاته التي قالها منذ أكثر من عشرين عاماً تقريباً.. قبل أن تأخذ بها أي حركة إسلامية.. وذلك لأنه جمع الثقافة الإسلامية والغربية معاَ. * فهو الأول علي دبلوم الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق.. فضلاً عن تعليمه الفقهي والأصولي في المساجد علي أيدي الشيوخ. * كما جمع إليها الثقافة الغربية بحصوله علي الدكتوراه في القانون الدستوري من بريطانيا. * والغريب أن والد د/ العوا كان سلفياً.. بل من أوائل دعاة المدرسة السلفية في الإسكندرية قبل أن تعرف مصر كتب ابن تيمية وابن القيم بهذا الانتشار الواسع. * فعلينا أن نتوقف عن الطعن في الدعاة والعلماء لأن من يفعل ذلك سيذوق وبال أمره.. وعلي أيدي آخرين من الإسلاميين أيضا.. أو علي أيدي تلاميذه. * فهل نعقل ذلك.. أم نستمر في غينا.. وغفلتنا؟