في ظل زيادة معدلات العجز في الموازنة العامة للدولة والذي ارتفع إلي أكثر من 144 مليار جنيه..وهبوط الاحتياطي النقدي من 36 مليار دولار إلي15.3مليار مع نهاية يونيو الماضي..وأيضا في ظل تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول قرض بقيمة 3.2 مليار دولار.. ناهيك عن توقف النشاط السياحي وارتفاع معدلات البطالة بنسبة 10٪.. فإن مصر بأزمتها الحالية والتحديات التي تواجهها أصبحت تحتاج وبشكل سريع دون الانتظار لتشكيل الحكومة الجديدة المتعثرة لخطة إنقاذ عاجلة لتحقيق التعافي الاقتصادي.. وكما يري المحللون فإن تكلفة خطة الإنقاذ هذه تبلغ 12 مليار دولار وينبغي أن ترتكز علي رؤية واضحة للأوضاع السياسية والاقتصادية لدعم النمو الاقتصادي ومواجهة العجز المتزايد في الميزانية والتوصل إلي اتفاق مع صندوق النقد الدولي لإقناع مؤسسات التمويل الدولية بقدرة الاقتصاد المصري علي التعافي مع ترشيد النفقات وتحسين بيئة الاستثمار. كما أن خطة الإنقاذ يجب أن تركز كما يوضح توني ليتبارسكي الخبير السابق بصندوق النقد الدولي علي حزمة من الإجراءات من بينها التقشف النسبي ومواصلة الإصلاحات الهيكلية مطالبا بضرورة إعادة النظر في نظام الدعم المخصص للغذاء والطاقة والذي يلتهم الجانب الأكبر من الميزانية المصرية..ويري أن علي مؤسسات التمويل الدولية الإحجام عن وضع شروط مجحفة كإجراءات التقشف الصارمة أو إلغاء الدعم بشكل كامل مقابل إقراض مصر لتجنب إثارة غضب الرأي العام وعرقلة الجهود الرامية إلي تحقيق الأمن والاستقرار بمصر. ومن جانبها قالت ناتالي هيو خبيرة الأسواق الناشئة وكبيرة الخبراء الاقتصاديين بمؤسسة ساتش آند ساتش الدولية إن الحكومة المصرية ينبغي عليها اتخاذ الإجراءات اللازمة لدعم الأمن والاستقرار من أجل استعادة عائدات السياحة وزيادة معدلات التدفقات الاستثمارية الأجنبية المباشرة وتشجيع التجارة الخارجية وطمأنة المستثمرين بأنه ستتم حماية مصالحهم ولن تتم مصادرتها. وأضافت أن انخفاض عائدات السياحة وتدني التدفقات الاستثمارية الأجنبية وتراجع ثقة المستثمرين في بيئة الأعمال المصرية عقب ثورة يناير، أثرت سلبا علي النمو الاقتصادي وعائدات الضرائب، محذرة من احتمال انزلاق الاقتصاد المصري إلي الركود حال استمرار حالة عدم الوضوح علي الساحتين الاقتصادية والسياسية. كما أن قدرة الحكومة المصرية علي تجاوز التحديات الاقتصادية الحالية- كما تري ميلاني ليوناردو كبيرة الخبراء الاقتصاديين بمؤسسة جلوبال إيكونومي- سوف تتوقف علي الدعم الدولي سواء من جانب الدول العربية والأوروبية أو مؤسسات التمويل الدولية.. وينبغي علي الحكومة المصرية الشروع فورا في تنفيذ خطة الإنقاذ لاستعادة ثقة المستثمرين، مشددة علي أن مصر تمتلك إمكانات طبيعية وبشرية تؤهلها في دعم النمو الاقتصادي وزيادة التصنيف الائتماني لمصر. ولمست نقطة هامة حول احتمالية هروب الاستثمارات الأجنبية بشكل كامل عن مصر حال سيطرة الإسلاميين علي الحكومة القادمة،نافية ذلك تماما مشيرة إلي أن الشركات الكبري تتخذ قراراتها الاستثمارية بناء علي معدلات الربحية وبيئة الاستثمار المواتية. وفي الوقت نفسه يركز البنك الدولي في استراتيجيته الجديدة لمساندة مصر، التي تشهد تحوّلات سياسية عميقة، علي تطبيق إصلاحات بغرض تعزيز الشمول الاجتماعي ورفع مستوي الشفافية والمساءلة، وعلي الصعيد الفوري خلق فرص اقتصادية لجميع المصريين. ويأتي مكملا لهذه الاستراتيجية القصيرة الأجل، مشروع يعمل علي توفير فرص عمل فورية علي المدي القصير من خلال ضخ استثمارات في الأشغال العامة بالمجتمعات المحلية المحرومة. وقالت إنجر أندرسون نائبة رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إننا سنستمر في عرض جميع أنواع المساندة علي مصر وهي تجتاز هذا التحوّل التاريخي.. وتعكس استراتيجيتنا رغبة قوية من جانب الأطراف الفاعلة الجديدة في مصر في التركيز علي خلق فرص العمل والإصلاحات من أجل بناء أنظمة أفضل للإدارة العامة.. وسنحافظ علي ما تتسم به من مرونة واستعداد للاستجابة للطلبات الجديدة من الحكومة. وكانت مجموعة البنك الدولي قد وسعت، في أعقاب ثورة 25 يناير من نطاق تعاونها مع كل قطاعات المجتمع المصري، وكانت مذكرة الاستراتيجية المؤقتة التي ناقشها مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الدولي نتاج سلسلة من المشاورات مع الحكومة الانتقالية والمجتمع المدني والأحزاب السياسية الجديدة والمنظمات الشبابية وممثلين عن المؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص. وقال ديفيد كريج المدير القطري لمصر واليمن وجيبوتي في البنك الدولي إننا استمعنا العام الماضي لمناقشات عديدة ساعدتنا علي المواءمة بين أنشطة البنك الدولي في المستقبل وما تم التعبير عنه من طموحات خلال الثورة..كما ساعدتنا المناقشات علي الوقوف علي أفضل السبل لمساعدة مصر في التصدي للتحدي المزدوج المتمثل في تنفيذ إصلاحات حكومية تشتد الحاجة إليها مع تلبية الحاجة الملحة إلي مزيد من الفرص الاقتصادية. وتتيح مذكرة الاستراتيجية المؤقتة منطلقا لاستمرار مجموعة البنك الدولي في مساندة مصر خلال الثمانية عشر شهرا القادمة حتي ديسمبر 2013.. ويستخدم البنك هذه المذكرة بدلا من استراتيجية الشراكة القطرية التي تستمر ثلاث سنوات وذلك في الأوضاع التي تسود فيها الشكوك والهواجس وتتسم بسرعة التغير. وتتركز مذكرة الاستراتيجية المؤقتة لمصر، التي تم إعدادها بالاشتراك مع مؤسسة التمويل الدولية والوكالة الدولية لضمان الاستثمار، علي ثلاثة مجالات إستراتيجية.. أولا مساندة الحكومة في سعيها لتحسين الإدارة الاقتصادية، بحيث سيوفر البنك الدولي المساعدة للحكومة من أجل استعادة إطار عمل سليم وصحي وفي بدء إصلاحات لتعزيز مستوي الشفافية في جميع العمليات الاقتصادية الحكومية. وثانيا، من أجل المساعدة علي معالجة مشكلة تفشي البطالة، ستساند مجموعة البنك الدولي عمليات إقراض واستثمارات تصحبها مساعدة فنية. وعن ذلك يقول مؤيد مخلوف، المدير الإقليمي لمؤسسة التمويل الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لقد لعبت مؤسسة التمويل الدولية دورا قويا في مواجهة التقلبات الدورية من خلال مساندتها القطاع الخاص المصري منذ قيام الثورة، ونتوقع أن نحافظ علي هذا الزخم خلال فترة الاستراتيجية المؤقتة. ويهدف المجال الثالث للمساندة الاستراتيجية إلي مساعدة مصر في مرحلة ما بعد الثورة علي تعزيز عملية العدل الاجتماعي بين مختلف قطاعات المجتمع. وفي مواجهة تزايد مستويات الفقر والبطالة نتيجة لبطء النمو الاقتصادي، صادق البنك الدولي أيضا علي تمويل المشروع الاستثماري الطارئ الكثيف العمالة في مصر والذي يهدف إلي خلق ربع مليون فرصة عمل. وسيساعد هذا المشروع، الذي تبلغ تكلفته 200 مليون دولار ووافق عليه مجلس المديرين التنفيذيين للبنك اليوم، علي خلق فرص عمل للعاطلين والعمال غير المهرة وذوي المهارات المحدودة في أشد المناطق فقرا في مصر.