المرشحون الثلاثة عشر لرئاسة الجمهورية بعد أن أغلق باب الترشيح واستوفوا شروطه وخرج واستبعد من لم يستوفها لأسباب عدة معروفة بعد إضافة أحمد شفيق في خروج وعودة في وقت قياسي من غير المستبعد أن يكملوا جميعا السباق إلي خط النهاية إما بانسحابات جديدة أو تحالفات أو الاتفاق علي مرشح تتوافق عليه تيارات أو كتل سواء من التيار الإسلامي أو القوي الليبرالية واليسارية ، فمازالت هناك توقعات قد تصل لمفاجآت أو صدمات قد تظهر حتي اليوم الأخير للدعاية وقبل الانتخابات ربما بساعات ولأسباب كثيرة. فنحن نعيش في أيام الصدمات أو الأخبار التي في أغلبها غير سار وقليل منها عكس الاتجاه والأحداث التي عايشناها في زمن مبارك وكانت تقع في شهور وربما في سنين تحدث في تلك المرحلة الانتقالية الصعبة خلال أيام فلا يكاد يمر أسبوع دون حدث رئيسي يكون حديث الناس وهمهم حتي يأتي أخر أكثر سوءا تتوجه معه بوصلة المصريين نحوه ، ننتقل من أزمة لأخري دون فترة لالتقاط الأنفاس وكل بناء نحوله لخرابة يظهر لنا كما في المثل الشعبي عفريت وتحت الأرض الكثير من الألغام تنسف الطريق الذي نمضي فيه لبناء الدولة الجديدة. عشرات بل مئات الأزمات مرت بنا بعد نهاية أيام الثورة الثمانية عشر التي أسقطت رأس النظام ومازلنا نسعي للإجهاز علي جسده ووصولنا لمرحلة اختيار رئيس الجمهورية القادم بعد أن عبرنا عقبة انتخاب أول برلمان بعد الثورة لايجب أن تنسينا أن كل ذلك مهدد بالانهيار في ساحات القضاء التي قد تعيدنا لنقطة الصفر مرة أخري فالبناء الذي جري تشييده علي عجل بعد الثورة لم تكن أساساته قوية بما يكفي للبقاء طويلا فخرج لنا من كل صوب وحدب من يطعن في كل شيء وبدا أن الكلمة الفصل في كل هذا البناء في يد القضاة من محاكم الدرجة الأولي وحتي الدستورية العليا ، البرلمان مهدد بالحل والانتخابات الرئاسية مهددة هي الأخري بقانون العزل السياسي والتأسيسية في دوامة توافق مزعزع يلتئم تارة ثم يعاود الالتهاب مرة أخري والشارع لايعرف الهدوء لحظة من مليونيات إلي اعتصامات ووقفات احتجاجية وقطع طرق إلي أحداث مروعة بدأت بجرائم السطو المسلح والخطف وصولا للحرائق التي امتدت عبر البلاد ولاننسي الأزمات المفتعلة في كافة السلع الحيوية وخاصة الوقود بأنواعه ثم وصولا لأزمة السفارة السعودية. وسط هذه الأجواء الملبدة بالغيوم والعواصف يأتي سباق الرئاسة الذي يفترض في نهايته أن يصل فائز واحد لكرسي الرئيس الشاغر ليقود البلاد خلال السنوات الأربع القادمة في مهمة لاتحمل سوي وصف وحيد أنها انتحارية قد يكون هو في بدايتها خارج القصر نتيجة لحكم قضائي !! القضاء الذي يفترض أن يكون ساحة للعدالة وأحكامه هي عنوان للحقيقة صار ساحة لتصفية الحسابات بين فرقاء المشهد السياسي لأننا صرنا بلا دستور يحدد الخطوط الفاصلة بين السلطات حتي لاتتغول سلطة علي الأخري ، وشاهدنا خلال الفترة الماضية قضاة حتي في المحكمة الدستورية العليا علي شاشات الفضائيات وفي ساحات التظاهر ثم يفصلون بعد ذلك في القضايا التي يكون بعض أطرافها من كانوا بجوارهم فالعدالة معصوبة العينين تفترض ألا يكون للقاضي رأي مسبق في القضية المعروضة أمامه أو علي صلة بأطرافها. نعود لمعركة الرئاسة فنقول إنها ستكون في مرحلتها النهائية القادمة خلال الأسابيع القادمة أكثر شراسة وسيتم فتح الصناديق السوداء بالمرشحين والكشف عن المزيد من المفاجآت ، وحتي بين المرشحين ستسدد الضربات ليس فقط تحت الحزام وإنما الضربات القاضية ، والمعارك ستدور في عدة جبهات ، معركة بين القوي الثورية والفلول والثانية بين التيارين الليبرالي والإسلامي وربما داخل التيارات نفسها ! التيارات المختلفة تسعي هذه الأيام للتوافق فيما بينها علي مرشح توافقي لتجنب تفتيت الأصوات لصالح الآخرين وهذا سيقود لتنازل بعضهم وخروجه من السباق لكن الأزمة تبدو حادة في صفوف التيار الإسلامي مع تباينات في المواقف بين أطياف هذا التيار بين إخوان وسلفيين وجماعة إسلامية وغيرهم حول ترشيح أبو الفتوح ومحمد مرسي ، ووسط كل ذلك فإن الناخب المصري سيجد نفسه أمام معضلة حقيقية في اختياره ، هل يختار من يقول له إنه رئيس جاهز باعتبار سابق الخبرة السياسية والإدارية ( موسي وشفيق) أم مرشح قريب من الميدان والقوي الثورية ( حمدين وخالد والحريري) أم المرشح الإسلامي المختلف عليه بين القوي الإسلامية ( العوا وأبو الفتوح ومرسي) لكن مع اقتراب موعد الانتخاب وقدرة كل مرشح علي تفادي المطبات الصعبة والألغام التي ستنفجر في طريقه ربما يحسم الناخب خياراته وفي الغالب ستكون هناك جولة إعادة بين مرشحين يخوضان السباق في أمتاره الأخيرة ، لكن لا أحد يستطيع أن يقرأ جيدا ما يفكر فيه الناخب الذي ربما سيفاجأ الجميع كما حدث في انتخابات البرلمان وربما تعطيه الأسابيع القادمة فرصة لتحديد خياراته مع اتساع مساحة العرض لكل مرشح ومدي أهليته لرئاسة مصر ولايجب أن ننسي تنوع مزاج الناخبين بين أقاليم البلاد المختلفة نحتاج جميعا أن نمر من هذه الفترة الأصعب في تاريخ مصر وأن نتصدي للغوغائية في شوارعنا وفي الفضائيات التي لاتكف عن البحث عن الإثارة والفتنة ليل نهار فنحن علي أعتاب مرحلة مصيرية للانطلاق لآفاق جديدة نتمناها جميعا أن يتم تسليم السلطة لرئيس جديد اختاره الشعب بحرية كاملة وبدستور لانظل طويلا في انتظاره ولانتعجل أيضا في وضعه وبرلمان بلا قيود وسلطة تنفيذية بصلاحيات حقيقية وقضاء نزيه ومستقل وصحافة حرة وانطلاق لعجلة التنمية والإنتاج والاستثمار وصولا للرخاء الذي ننشده جميعا والله المستعان.