بعد صدور حكم محكمة القضاء الإداري التاريخي بوقف قرار مجلسي الشعب والشوري بتشكيل الجمعية التأسيسية للدستور لابد أن نعمل جميعا علي بدء الحوار والتشاور من جديد بين كافة فئات وقوي وطوائف المجتمع المصري لكي نبدأ بداية صحيحة وسليمة في العمل علي تشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور يتفق عليه الجميع ويكون بمثابة خريطة طريق واضحة المعالم لنا وللأجيال القادمة من بعدنا.. ومن هذا المنطلق أعد المجلس القومي لحقوق الإنسان مقترحا بمشروع قانون يضع ضوابط ومعايير لتشكيل الجمعية التأسيسية للدستور لكي يتم إرساله للمجلس الأعلي للقوات المسلحة ومجلس الوزراء ومجلسي الشعب والشوري، وقد طالبت اللجنة التنفيذية للمجلس القومي لحقوق الإنسان برئاسة الدكتور بطرس غالي المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإصدار إعلان دستوري يتضمن معايير وضوابط خاصة بتشكيل الجمعية التأسيسية وتحديد نسب التمثيل بما يضمن تمثيل كافة القوي السياسية ومؤسسات المجتمع المدني من منظمات ونقابات مهنية وعمالية وروابط الفلاحين وأساتذة الجامعات وذلك استنادا إلي قاعدة التمثيل والكفاءة والخبرة المتخصصة فضلا عن توافر الحيدة والاستقلال وأن يقوم التشكيل علي التوافق وليس سيطرة حزب أو تيار معين.. كما أكدت لجنة المجلس القومي لحقوق الإنسان علي ضرورة تمثيل كافة الطوائف المسيحية وتمثيل الأزهر الشريف في الجمعية التأسيسية بنسبة تليق بمكانته.. ومن ناحية أخري تلقي الدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب خطابا من السفيرة ميرفت التلاوي يتضمن رؤية حول ضرورة أن ينظر الدستور الجديد بعين الاعتبار لوضع المرأة في المجتمع المصري والالتزام بعدم التحيز بين الرجال والنساء وأهمية النص في الدستور الجديد علي أن مصر دولة ديمقراطية حديثة مدنية وأن مبدأ المواطنة هو الأساس وحماية الحريات العامة والخاصة وعدم المساس بها وأن تكفل الدولة التمثيل المناسب للمرأة في جميع المجالس المنتخبة المحلية والنقابية والبرلمانية ونوهت السفيرة ميرفت التلاوي إلي ضرورة وضع سياسات اقتصادية علي أساس العدالة الاجتماعية ومراعاة الاحتياجات الواقعية لفئات الشعب المختلفة.. إن صياغة دستور جديد لمصر الحديثة هي مسألة لها أولوية تفوق كل الأولويات الأخري وعلينا ألا ننزلق مرة أخري إلي الرغبة في الاستحواذ أو السيطرة علي كتابة الدستور، فالاعتراف بالخطأ والرجوع إلي الحق فضيلة ويجب أن تكرس كافة القوي السياسية والفئات المختلفة من الشعب جهودها لكي تمتلك مصر دستورا يليق بها ويعبر عن كل أبنائها بما يضمن ترسيخ المبادئ الديمقراطية وتدعيم الحريات والعدالة الاجتماعية.. ومن ثم فإن نجاحنا في صياغة دستور يتوافق عليه الجميع سيكون الركيزة الأساسية التي تنطلق منها مصرنا الحبيبة نحو مستقبل واعد نحلق من خلاله في سماء العالم المتقدم المتحضر.