من جديد تظهر وثائق ومستندات تكشف وتؤكد الدور الذي تلعبه الولاياتالمتحدة خلال فترات متعاقبة في التجسس، فإذا كنت من المهتمين بالعناية بالبشرة ومستحضرات التجميل، فاعلم أنك مراقب من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA. فمن ولاية «سان فرانسيسكو» مقر مركز «Skincential Science» بدأت الوكالة تجسسها علي آلاف المترددين عليه وعلي مستخدمي العلامة التجارية «Clearista» عن طريق جمع بيانات الحمض النووي بتنظيف البشرة وإزالة الخلايا الجلدية. أسرار يزاح عنها الستار وتسرد بالتفاصيل من خلال التحقيقات الصحفية التي قام بها موقع «إنترسبت» الأمريكي بعنوان «أسرار تجميل الجواسيس» مدعومة بمستندات. خلال الأيام الماضية، تم الكشف عن مجموعة وثائق توضح قيام الوكالة الأمريكية بانتهاج أساليب جديدة في عمليات التجسس بدعم وتمويل شركة منتجات تجميلية لكي تتمكن من جمع بيانات الحمض النووي الخاص بالمستخدمين، حيث تقدم شركة «In-Q-Tel» المتخصصة في تكنولوجيا الاتصالات، الذراع الممولة للاستخبارات الأمريكية، تمويلاً لمركز «Skincential Sciences» الذي يوفر منتجات تجميلية تحت العلامة التجارية «Clearista» المبتكرة لجعل مستخدماتها يظهرن أصغر سناً، وحصلت هذه العلامة التجارية علي دعم كثيرين أهمهم رواد موقع الإعلامية «أوبرا وينفري». فالجانب الظاهر لنشاط هذه الشركة يقوم علي إنتاج مستحضرات العناية بالبشرة باستخدام تكنولوجيا تعتمد علي الماء وبعض المنظفات وعدد من الفرش الخاصة بالجلد، تعمل علي إزالة الخلايا الجلدية من الوجه لجعله أكثر نعومة دون ألم، ما يجعلها خياراً مناسباً لاستعادة نضارة البشرة. وتهتم وكالة الاستخبارات بهذه التكنولوجيا باعتبار أن الطبقة الرقيقة من الجلد التي تتم إزالتها من الوجه تحتوي علي مواد عضوية فريدة يمكن استخدامها لإجراء مجموعة متنوعة من الاختبارات التشخيصية ويمكن استخدامها لجمع عينات الحمض النووي وتعقب الأشخاص. فشركة الاتصالات لم تنكر علاقاتها بالاستخبارات الأمريكية، حيث اعترف «راس ليبوفيتز» المدير التنفيذي بالعلاقة التي تجمع شركته بالوكالة الأمريكية ووصفها بأنها علاقة غير عابرة، وقال إنه لا يمكنه الإفصاح عن «الكيفية التي يعمل بها الجميع في «In-Q-Tel»، لكنه أكد أن كل ما يشغلهم هو أمر علمي بحت، خاصة بعد إعلانهم عن اهتمام الوكالة بالتكنولوجيا الجديدة التي ابتكرتها الشركة لاستخدامها في مجال جمع الحمض النووي، وتمويلها للمشروع. ونفي ليبوفيتز علمه بأي معلومات تتعلق بإمكانية استخدام الاستخبارات الأمريكية لهذه التكنولوجيا، إلا أنه رجح أن تستخدمه في عمليات الكشف عن المجرمين وفي اختبار عقاقير جديدة. وكان «ديفيد بتروس» الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية، قد أشار عام 2012 إلي أن شراكة الوكالة مع هذه الشركة ضرورية لاستخدام كل ما يتم التوصل إليه في عالم التكنولوجيا من أجل تنفيذ المهام الخطيرة للجهاز. وظل إنشاؤها لمركز «Skincential Science» سراً لفترة طويلة، حيث ترسل الشركة التقارير السنوية المطلوبة منها، لكنها تبقي تفاصيل أنشطتها الأخري؛ مثل علاقتها بشركات صنع مستحضرات التجميل؛ سراً إلي حد بعيد. وإلي جانب منتجاتها التجميلية، تستثمر الشركة أيضا في تطوير تكنولوجيا الحواسيب والأقمار الصناعية، وكانت «Clearista» في البداية وسيلة للتشخيص الطبي تعتمد في الكشف عن أمراض مثل سرطان الجلد، قبل أن تتحول إلي مستحضرات التجميل. كما يلقي «مارجو وليامز» الباحث صاحب هذا التحقيق والصحفي بالموقع الأمريكي، الضوء علي شركة «In-Q-Tel» التي تأسست عام 1999، في عهد مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية السابق «جورج تينت»، والتي يقع مقرها فرجينيا، وهي إحدي الشركات التي تستثمر في مجال التكنولوجيا ولا تهدف للربح، ولكن تهدف إلي إبقاء الاستخبارات المركزية وغيرها من الوكالات الأمنية الأمريكية علي اطلاع بأحدث ما توصلت إليه تكنولوجيا المعلومات لدعم قدرات الوكالات الأمنية. وتولي «جيلمن لوي» مصمم لعبات الفيديو رئاسة مجلس إدارتها وأصبح فيما بعد مستثمراً في مجال التكنولوجيا. ورفضت شركة الاتصالات، التواصل مع الموقع الإخباري الأمريكي للرد علي الأسئلة المتعلقة بأسرار علاقتها بشركة التجميل، وأكد نائب رئيس الشركة «كاري سيسين» أن الشركة لا تشارك فيما تتناوله وسائل الإعلام، ما أثار حفيظة الموقع الإخباري الذي أكد أن هذا الأمر غير صحيح وأن عدداً من رؤساء الشركة أجروا حوارات صحفية من قبل. ورغم إصرار شركة «In-Q-Tel» علي كونها كياناً قانونياً منفصلاً عن الاستخبارات المركزية إلا أنها تحرص علي العمل بشكل سري، حيث شهد فبراير الماضي أحد المؤتمرات التي ضمت جميع الشركات التي تستثمر فيها شركة الاتصالات بما في ذلك شركة التجميل، وضمت قائمة المشاركين في هذا المؤتمر ممثلين للمباحث الفيدرالية ووزارة الدفاع الأمريكية إلي جانب عدد من أصحاب الشركات التكنولوجية. وتهتم الشركة بالعلوم الجينية والتكنولوجيا الحيوية التي تخدم ما يعرف بالاستخبارات الفسيولوجية، ووصفتها الشركة في تقرير نشر علي موقعها في 2010، بأنها معلومات حيوية حول هوية وخبرة الإنسان والتي كانت محل اهتمام دائم من قبل المجتمع الاستخباراتي. وكانت الوكالة الأمريكية تعتمد كثيراً علي التجسس الإلكتروني، الذي وصفه الكاتب النيوزيلندي «نيكي هاجر» في كتابه: «الآذان المترصدة.. كيف يتجسسون عليك» ب«الجيل الرابع من الحروب»، ففي الماضي، كان الاعتماد أكثر علي الاستخبارات البشرية التي تعرف باسم(Humint) وهي عملية الاستخبارات التي تتم من خلال العملاء والجواسيس والخلايا النائمة، ومع التطور التكنولوجي ووسائل الاتصال، تنوعت مصادر المعلومات وآليات الحصول عليها، وبات الاعتماد علي استخبارات الاتصالات أو Comint) (من خلال التنصت علي الاتصالات واعتراضها ويضم استخبارات الإشارات Sigint) واستخبارات الإلكترونية Elint، أما الاستخبارات (الفنية أو Techint) فتعتمد علي خصائص علمية وفنية في أنظمة الأسلحة والأجهزة التقنية وغيرها، ومعها الاستخبارات بالأقمار الصناعية المعروفة أيضاً باسم Imint، وأخيراً استخبارات (المصادر المفتوحة Osint) المرتبطة بالإنترنت.