كنت من الداعين دائماً إلي قطع العلاقات مع قطر.. وكتبت أكثر من مقال في هذا الاتجاه، داعياً ومحرضاً علي التخلص من العلاقة مع هذه الدويلة التي تدعم الإرهاب، وتتدخل في الشئون الداخلية ليس لمصر فقط، بل في عدة دول عربية وخليجية. وجاء قرار "القطع" قوياً في الوقت المناسب ومتزامنا مع قرارات مماثلة لدول أخري، فكان موجعاً، مؤلماً، ولن تزول آثاره. أغلب الدول لم تتعاطف مع قطر، وكيف يتعاطفون مع بلد يؤوي الإرهابيين ويموِّلهم بثروات الشعب القطري، فقط إيرانوتركيا هما اللتان هرولتا لإنقاذ الفرخة التي تبيض لهما ذهبا. إيران أرسلت طائرات محملة بالمواد الغذائية، وسمحت للطيران القطري بأن يمر عبر أجوائها الجوية، بعد أن أغلقت مصر والسعودية والإمارات والبحرين مجالاتها البحرية والجوية والبرية في وجه ممولة الإرهاب. وطبعا ستجني إيران ملايين الدولارات كرسوم عبور للطائرات القطرية! أما تركيا فقد أرسلت قوات عسكرية وعتاداً لهذا البلد الصغير الذي لايملك جيشاً ولا سلاحاً، حيث إن 90٪ من الجيش القطري مجنسون، وهي كلمة تجميل لكلمة مرتزقة. تميم لم يجن علي نفسه فقط كبراقش لكنه جني علي شعبه وبلده الذي يعاني الأمرين من الحصار الذي فرضته الدول المقاطعة.. ومازال يكابر ولم يصدر تصريحاً واحداً ولم يتخذ قراراً يتراجع فيه عن سياسته الحمقاء. من المؤسف أن نسمع أصواتا تردد نغمة كفي مقاطعة حفاظاً علي وحدة الصف العربي والخليجي، لأن ذلك ترديد لحق يراد به باطل، فأين كان هؤلاء الواعظون عندما أوي تميم قيادات الإخوان المحتلين، وجعل من "جزيرته" منصة للهجوم علي مصر، وأين كانوا عندما موَّل تميم العمليات الإرهابية في مصر التي استشهد فيها جنود ومدنيون رجالاً ونساء وأطفالاً، واحترقت فيها مبانٍ ومؤسسات. لا يجب أن تأخذنا شفقة أو رحمة بتميم وحكومته، فمن أراد بمصر شراً لا تهاون معه. أمير قطر لن يرتدع، ولن يتراجع، ومازال يملك سلاح المال، والخناق الذي ضُرب علي قطر لا يعنيه، ووعود إيرانوتركيا تقويه. ولابد من ضربة استباقية أخري، أري أنها لابد أن تخرج من مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية، المجلس يطرد قطر، والجامعة تمنعها من المشاركة في أي فعاليات، ولنجعل قطر تنعم بأحضان الفرس والعثمانيين.. وبالطبع لن يكون رد الفعل العربي كرد فعل الغرب، عندما تعاملوا مع صدام أو مع القذافي فلا نحن الغرب، ولا هو صدام والقذافي.. وإن كان يشبههما في أنه يؤذي شعبه وبلاده، ويبدد ثروات وطنه إذا اعتبرنا أن قطر وطن مجازاً. • • • مازلت عند رأيي في ضرورة أن تتقدم مصر بدعوي قضائية أمام محكمة العدل الدولية ضد تميم علي اعتبار أنه مجرم يموِّل الإرهاب ويؤوي الإرهابيين.. وتتقدم بشكوي للأمم المتحدة تتهمه فيها بالتدخل في الشئون الداخلية للدول عن طريق دعم المعارضين الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية. وأن يتكاتف كل أهالي الشهداء في دعوي مشتركة ضد أمير قطر للمطالبة بتعويض مناسب عن ضحايا الأعمال الإرهابية التي كان وراءها تمويل ودعم قطري. • • • توقعت أن يثور الشعب القطري ضد أميره، وأن يحاول العاقلون والحكماء في قطر أن يجبروه علي تغيير سياسته الإرهابية التي ستجر البلاد إلي منعطف خطير قد يؤدي في نهاية المطاف إلي أن تصبح قطر سابقاً. ولكن بما أن أهل البلد راضون وسعداء بما يفعله أميرهم، فليهنأوا به. وهم يستحقونه.. فكل شعب يستحق رئيسه. ولو كانت مصر تتدخل في الشئون الداخلية للدول، ولو كانت لا تحترم شعوب كل الدول، ولو كانت لا تتعامل بشرف لاستطاعت في غمضة عين أن تغيّر نظام الحكم المنقلب دائماً علي نفسه، فالابن انقلب علي أبيه بعد أن شاهد أباه ينقلب علي جده. ولكن مصر لم ولن تمارس سوي السياسة الشريفة، كما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي.. الشرف لا يشعر بحلاوة طعمه إلا الشرفاء. آخر كلمة الصبر لا يمارسه إلا الأقوياء