1- المرشح الرئاسى، كل مرشح رئاسى، يقدم برنامجا ورديا للمستقبل. فريق عمله يلتقط من هنا وهناك كل فكرة إيجابية صدرت عن باحث أو مركز ويضعها فى البرنامج. والمرشح يحفظ الكلمتين جيدا ويرددهما فى كل مقابلة إعلامية. تبقى البرامج الانتخابية مهمة، لأنها تشير إلى أولويات المرشح، كما تشير إلى رؤيته، وتوجهه العام. إنما المعيار الأهم الذى بين أيدينا لاختبار الشخص المرشح لأرفع منصب فى الدولة هو تاريخه.. ذلك الوحيد الذى يمكن أن يمدنا ب«حقائق» عنه، باختياراته عند المفارق، بملامح شخصيته، بقدرته على الإنجاز فى المكان الذى يتولاه، بفلسفة إدارته لعمله، بعلاقاته بأسرته وبزملائه. لا أدرى لماذا ترك زملاؤنا من صحفيى التحقيقات مهمة التنقيب و«الدعبسة» وراء المرشحين للإعلام المرئى، وهذا لا يثير إلا القضايا «الفاقعة». لقد حصرنا التاريخ فى الأمور الواضحة، كعلاقة عبد المنعم أبو الفتوح بالإخوان المسلمين، ولم نتجاوزها إلى أكثر من ذلك، رغم أن لدينا مادة ثرية له ولعمرو موسى. نريد أن نتعرف أكثر على أبو الفتوح كإنسان وكموظف، عن عمله النقابى، نجاحه وفشله فيه، عن عمله الإغاثى، ماذا أنجز فيه وما دوره فى هذا الإنجاز. وليس فقط عن تاريخه مع الإخوان المسلمين. نريد أن نعرف معلومات عن أسرته، والشىء نفسه عن أسرة عمرو موسى: أين يعمل أفراد الأسرة؟ أين يعمل أنسابه وأصهاره؟ هل استفاد أى منهم من وجوده فى موقعه؟ الأستاذ عمرو موسى كان وزير الخارجية المصرى فى فترة صعبة، عقب حرب تحرير الكويت، فترة تواكبت مع الحصار الجوى على العراق، وتوقيع اتفاق أوسلو، كما تواكبت مع ما عرف وقتها ب«النظام العالمى الجديد» بعد انهيار الكتلة الشرقية. هل أحسنت الخارجية المصرية التعامل مع تلك الفترة أم استسلمت للريح؟ نريد أن نعرف المزيد عن قدراته الإدارية، عن طريقة إدارته للوزارة ثم للجامعة العربية، من خلال شهادات من عملوا معه، وليس من خلال كلام مرسل وانطباعات. نريد أن نعرف مدى نجاحه أو فشله فى مهمة تطوير الجامعة العربية، التى أعلنها مشروعا له حين تولى الجامعة العربية فى 2001. فهذا مؤشر إلى احتمالات نجاحه أو فشله فى إدارة مصر. نريد أن نعرف أكثر عن علاقة المرشحين بأفراد حملتيهما، عن قدرتهما على الإنصات، عن آلية اتخاذ القرارات فى الحملتين. هل يعتمدان الإدارة الميكروسكوبية (التدخل فى كل تفصيلة من تفاصيل العمل)، أم يوزعان المهام. كل هذه معلومات مهمة، يقوم فيها الإعلام بدور وطنى أساسى فى مساعدتنا فى اختيار رجل المرحلة. 2- وليس أخطر على الإعلام من الاستسهال، الباب المباشر لتحول الإعلام إلى مادة لنشر الكذب. وهنا أسأل: هل لدى الكاتب عمرو عبد السميع مصدر لما نشره عن مقترح قانون «مضاجعة الوداع»، فإن أحدا حتى الآن لم يأت بدليل على أن مشروع قانون كهذا طُرِح بالفعل فى مجلس الشعب؟ المصدر الوحيد الآخر للمعلومة هو توفيق عكاشة، وقد تلقى هذا حكما سابقا يدينه بالسب والقذف. ووجود اسمه إضافة إلى الشكوك وليس طرحا منها. لطالما ردد إشاعات مجهولة المصدر عن قوى الثورة وروج لها، تحت حماية كاملة من الجهة «المجهولة المعلومة» التى تروج لهذه الإشاعات. كون هدف الإشاعات انقلب ليخدم غرض تشويه التيار الإسلامجى ينبغى أن لا يجعلنا نتقاعس عن فضحها. إذ يجب أن نصر على مبدأنا فى التفرقة بين النقد (وهو تقديم وجهة نظر موضوعية بقدر الإمكان، وغرضها الصواب وإن لم تدركه) وبين التشويه، وهو تقديم معلومات كاذبة، ومعلوم أنها كاذبة، للنيل من سمعة شخص أو تيار. الإسلامجيون وغيرهم من السياسيين لا يحتاجون إلى اختلاق أكاذيب حولهم. نقد أفعالهم بموضوعية كافٍ جدا، لأن أفعالهم الواقعية قدمت أكبر خدمة لمنافسيهم، دون الحاجة إلا اختلاق خيال. والخيال لن يفيد إلا غرض تقديمهم بصورة المضطهد المظلوم. تحول الإعلام إلى وسيلة كل غرضها التشهير والإساءة، لأشخاص أو تيارات يتلف أخلاق المجتمع، ويفقده الثقة فى المعلومة، ويشوشه. والأنكى من ذلك أنه يمهد له الطريق لاختيار خاطئ فى مرحلة نحتاج فيها -أكثر من أى وقت آخر- إلى اختيارات صائبة.