وصف الفقيه القانوني المستشار طارق البشري، رئيس لجنة التعديلات الدستورية السابقة، قرار الرئيس محمد مرسي بإقالة النائب العام، ونقله سفيرًا ب"العدوان على السلطة القضائية، الذي لا أظن أنه حدث من قبل في تاريخ مصر؛ لأن المادة 76 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 تنص صراحة على تحصين مناصب القضاء والنيابة العامة جميعها من العزل". وأضاف البشري في تصريحات خاصة أنه: "من الغريب حقًّا أن يأتي رد فعل الرئيس هكذا، رغم أن النائب العام لم يحقق أصلا في هذه القضية الخاصة ب«موقعة الجمل»، بل كان يحقق فيها قضاة تحقيق منتدبين من قبل وزير العدل السابق محمد عبد العزيز الجندي، والغريب أيضًا أن تسأل النيابة العامة عن حكم صدر ضد مصلحة المدعين، فهذا أمر غير قانوني أو منطقي؛ لأن صلة النيابة العامة بأي دعوى تنقطع عند إحالة القضية إلى المحكمة، وتصبح المحكمة التي ستصدر الحكم هي الوحيدة المعنية بها". وأشار البشري إلى أننا الآن ندفع ثمن الخطأ الذي وقع بعيد اندلاع الثورة، وهو عدم إقامة محاكمات ثورية استثنائية بعيدًا عن النيابة العامة والمحاكم القائمة للقضاء على رموز وأذناب النظام السابق، فمحاكمة المتهمين بارتكاب «موقعة الجمل» في ظل الظروف التي بوشرت فيها التحقيقات صعبة للغاية؛ لأنه لا توجد أدلة مادية حقيقية على هؤلاء المتهمين، بسبب الغياب الكامل لأجهزة البحث الجنائي والشرطة عن الساحة منذ 28 يناير، وحتى بعد تنحي الرئيس السابق مبارك بفترة طويلة، مما يعني منطقيًّا وعمليًّا اختفاء الأدلة، وعدم إمكانية وجودها. وشدد البشري على أنه لا يجوز لقاضٍ أن يحكم إلا إذا توافر لديه الدليل القوي على المتهم، والنيابة العامة أو قضاة التحقيق لا يُسألون عن الأدلة؛ لأنها من اختصاص البحث الجنائي والشرطة فقط، وبالتالي فما يحدث الآن هو تحميل القضاء أكثر من طاقته وفوق استطاعته. وانتقد البشري بشدة العلاقة بين الهيئات السياسية والقضاء في الآونة الأخيرة، واصفًا إياها ب"المقلقة" قائلا: "لما كان مجلس الشعب قائمًا لم يُصدر قانونًا للعزل السياسي إلا عندما تقدم من أغلبيته مرشح للرئاسة وتقدم ضده مرشح آخر ينتمي للنظام القديم، وعندما شعر المجلس بأن القانون سيبطل حتميًّا في المحكمة الدستورية العليا، وهو ما حدث فيما بعد، لجأ إلى تهديد المحكمة بإدخال تعديلات في قانونها، وهذا أمر مرفوض، واليوم يتكرر بشكل آخر بصدور قرار جمهوري غير سليم بإقالة النائب العام، مما يدل على نظرة مرفوضة تمامًا للهيئات القضائية". واختتم البشري تصريحاته الخاصة ل"الشروق" قائلا: "المستشار عبد المجيد محمود أصلح من تولى منصب النائب العام في نصف القرن الأخير، فيما أعلم، وأنا آسف وغاضب أن يصنع بهذا الرجل ما يصنع الآن". نقلا عن الشروق