لا تبدو كل أولئك النساء يبكين على إرهابيين قتلهم النظام السوري في بلدة التريمسة، وإن كان الجيش السوري ارتكب تلك المجزرة في حالة دفاع عن النفس، كما قال الناطق باسم الحكومة السورية جهاد مقدسي، فإن بلدة التريمسة المحاطة بقرى موالية للنظام تبدو وكأنها معقل إرهابيي سوريا، وكأن تلك البلدة التي وصفها مقدسي بأنها صغيرة، بحيث إن جيشه لم يحتج لاستخدام أسلحة ثقيلة، عبارة عن عائلات تشجع الإرهاب دون استثناء الأطفال والنساء. في "التريمسة" تخرج الأصوات الباكية، وتفوح رائحة الدم من كل البيوت، فالنساء ترمّلت هناك، والأطفال تيتّموا، والجثث ألقيت هنا وهناك، وكأن قدر حماة وبلداتها يتلخص بمجازر عائلة الأسد. ويأتي كلام الناطق الرسمي باسم الحكومة السورية بعد انتشار فيديوهات المجزرة المخيفة التي تستفز كل المشاعر الإنسانية، يأتي كلامه متشفياً بأولئك النسوة، غير آبهٍ بأطفال القتلى، متوعّد بمجازر أخرى لأي بلدة أو مدينة تتجرأ على المطالبة بالحرية. البلدة محاصرة من 6 أشهر شاهد عيان من بلدة التريمسة قال إن ما حدث هناك كان مُخطط له من قبل، إذ إنه تم محاصرة البلدة منذ 6 أشهر بشبيحة القرى المؤيدة المجاورة وبالحواجز المسلحة من الجيش الأسدي، بحسب تعبيره. وتابع: "استطاع رجال البلدة إخراج العدد الأكبر من النساء والأطفال، وهم نفس الأطفال والنساء الذين ظهروا في الفيديو يبكون ويرثون أبناءهم وأزواجهم ويشعرون بالذنب لأنهم بقوا على قيد الحياة بينما مات كل أولئك الرجال". وفي يوم الخميس الماضي 12-7-2012 بدأت الحملة الشرسة عليها مع أول ساعات الفجر عند الخامسة، فتم إغلاق الطرقات والمداخل الرئيسية والفرعية للبلدة، ثم قدمت حملتين جديدتين بعد ساعة من الأولى، وتم تطويق البلدة بأكثر من 200 آلية عسكرية بينها 30 دبابة والكثير من المدرعات وباصات الشبيحة من القرى المجاورة إضافة إلى 5 حوامات حربية استمرت بالتحليق في سماء البلدة طوال النهار وساعدت في القصف وتأمين الطريق للشبيحة من القرى العلوية للدخول. واعتبر مقدسي أن مساحة قرية التريمسة (واحد كيلومتر مربع) لا تحتاج إلى تدخل عسكري بالطائرات والدبابات، وأوضح أن المسلحين استولوا على المدينة وأقاموا فيها قواعد عسكرية ومستودعات للذخيرة وللتعذيب، وهو ما أجبر الجيش على "تطهير" التريمسة من "الإرهابيين"، بينما أكدت المتحدثة باسم المراقبين الدوليين، سوسن غوشة، بعد وصول البعثة إلى قرية التريمسة في حماة ومعاينة الأوضاع فيها استخدام جيش النظام الأسلحة الثقيلة في العملية العسكرية التي شنها على القرية، كما قالت إن فريق المراقبين لاحظ وجود الكثير من الدماء في الغرف ورصاصات فارغة، واستعمال كثيف للأسلحة الثقيلة والخفيفة. وشرح شاهد العيان كيف أنهم عثروا على القتلى تحت الأنقاض وفي الأراضي الزراعية المحيطة بالبلدة وفي نهر العاصي القريب من البلدة أيضاً، حيث تم جمع 150 قتيلاً في مسجد البلدة في منتصف الليل وبقية الجثث إما مخطوفة أو لم يعثر عليها بعد، فعدد المفقودين الذين لم يعثر عليهم أكثر من 500 شخص منهم شهداء وجرحى ومعتقلون. أما عدد الجرحى في البلدة فأكثر من 600 جريح، تم إسعافهم إلى المشافي الميدانية في بلدات ريف حماة بصعوبة. وأما بالنسبة لكلام مقدسي حول أن جميع القتلى من الإرهابيين فإن 17 شخصاً ممن ذبحوا بالسكاكين هم عبارة عن أطفال ونساء لم يستطع الرجال إخراجهم من البلدة. وانتشرت فيديوهات عن مجزرة التريمسة لا يمكن للمشاهد أن يتابع النظر لشدة قسوتها ووضوح الإجرام فيها، خصوصاً أن الكثير من القتلى ذبحوا بطريقة توحي بالرغبة في الانتقام من الصعب وجودها في القرن الواحد والعشرين. نقلا عن العربية