شاركت مكتبة الإسكندرية في حفل إطلاق الموقع الإلكتروني لمشروع ذاكرة البحر المتوسط "ميد ميم"، في الاحتفالية التي أقيمت في مرسيليا بفرنسا، 21 أكتوبر 2012، حيث تشارك مكتبة الإسكندرية في المشروع بمواد فيلمية قيمة. تحدث في حفل الافتتاح كل من ماتيو غالي؛ المدير التنفيذي للمعهد الوطني السمعي البصري ورئيس مجموعة المؤتمر الدائم للوسائل السمعية البصرية في حوض البحر الابيض المتوسط (الكوبيام)، وانيكو لاندابورو؛ رئيس بعثة اللجنة الأوروبية في المغرب، وغيرهم. وقام بتمثيل مكتبة الإسكندرية في الاحتفالية رئيس قسم بالمكتبة الفرانكفونية، د. مروه الصحن؛ والأخصائي بإدارة الاستوديو سارة علي، ويشرف على مشاركة مكتبة الإسكندرية بالمشروع السفير علي ماهر؛ مستشار مدير مكتبة الإسكندرية. وخلال المائدة المستديرة التي عقدت أثناء الجلسة الختامية، أثارت د.مروة الصحن إشكالية هامة، وهي ضرورة اعتبار المواد السمعية البصرية مادة بحثية يجب الاعتماد عليها في الأبحاث العلمية مثلها مثل الوثائق والمواد المطبوعة، وذلك لما تحتويه هذه المواد السمعية البصرية من معلومات ثرية يمكن من خلالها دراسة العديد من المجالات المختلفة؛ مثل: اللغة والمجتمع والديكور والأزياء، وغيرها من المجالات التي يمكن الاعتماد عليها كمعلومات في الأبحاث.
ويهدف مشروع "ميد ميم" إلى حماية وتعزيز الذاكرة السمعية البصرية في البحر الأبيض المتوسط والمحافظة على التراث الثقافي المهدد بالاندثار، ونشر الوعي بالجوانب القانونية المتضمنة في طرق المحافظة على هذا التراث، وذلك بإنشاء موقع إلكتروني (قاعدة بيانات على شبكة الإنترنت) بثلاث لغات (الفرنسية والإنجليزية والعربية) للمحفوظات السمعية والبصرية الأورومتوسطية ذات الطابع الثقافي والتعليمي والعلمي، والتي تبلغ حوالي 4000 من الوثائق. بدأ مشروع "ذاكرة البحر المتوسط" Mediterranean Memories (Med-Mem) منذ ما يقرب من أربع سنوات، بمبادرة من المعهد الوطني الفرنسي للسمعيات والبصريات INA وبتمويل من الاتحاد الأوروبي، كجزء من برنامج التراث الأوروبي المتوسطي الرابع Euromed. ويسعى المشروع إلى إتاحة الأرشيفات السمعية والبصرية لأكثر من 18 مؤسسة شريكة، منهم مكتبة الإسكندرية، للجمهور على الإنترنت، إدراكًا من القائمين على المشروع بأن التراث السمعي والبصري لدول البحر الأبيض المتوسط هو قيمة عظيمة يمكنها دعم التفاهم المشترك والحوار متعدد الثقافات. وتشارك مكتبة الإسكندرية في المشروع بمواد فيلمية قيمة من بين مجموعة كبيرة من الشرائط المتوفرة في الاستوديو الخاص بالمكتبة. وتم اختيار هذه المواد بعناية لكي تكون معبرة عن تراث وثقافة حوض البحر المتوسط في مختلف المواضيع والمجالات. وتضم المجموعة التي تشارك بها مكتبة الإسكندرية في المشروع في مجال الفنون والثقافة، بعض من الحفلات التي أقيمت في المكتبة؛ من بينها حفلات لعمر خيرت وفرقة رضا وحفلات المهرجانات الصيفية وأوبرا ميرامار، وبعض المعارض الفنية كبينالي خيال الكتاب ومعرض طوغو ميزراحي، والمتاحف؛ كمتحف شادي عبد السلام . أما في مجال المعرفة والعلوم تم اختيار بعض المحاضرات العلمية كمحاضرة عن علم النانوتكنولوجي التي ألقاها الدكتور مصطفى السيد بالمكتبة، وفيديو آخر عن مشروع موسوعة الحياة الذي تشارك فيه المكتبة. أما في مجال التراث التاريخي تم اختيار محاضرة للأستاذ حبيب طاوا تحدث فيها عن التفكير في البحر الأبيض، ومحاضرة أخرى عن الاكتشافات الأثرية في وادي الملوك ألقاها الدكتور زاهي حواس. وتشارك المكتبة أيضا بمجموعة كاملة من أفلام فيديو وأفلام وثائقية تعبر عن مراحل العمل المختلفة بقناة السويس؛ تضم أعمال الحفر، والصيانة، والتحسينات التي تم إجراؤها بالقناة، والبعض الآخر يختص بالملاحة البحرية وحركة مرور السفن بمجرى القناة في الفترة ما بين عامي 1869 و 1956، وحفل افتتاح مدينة بور فؤاد. ويشكل موقع "ميد ميم" المستقبلي أول قاعدة بيانات مخصصة للتراث المادي والمعنوي للبحر الابيض المتوسط. ويتطلع الموقع إلى أن يصبح مرجعًا في مجال التراث السمعي البصري المتوسطي، وأن ينهض بحماية المحفوظات، ويساعد على تعزيز الحوار بين الثقافات والتفاهم المتبادل، وأن يكون فرصة لاكتشاف وتبادل وإعادة الاعتبار للتراث السمعي البصري. ويتم إتاحة معلومات عن السياق التاريخي والثقافي لكل وثيقة. ويساعد الموقع على الوصول إلى الوثائق من خلال خريطة تفاعلية، ولوحة زمنية مصورة، أو من خلال قوائم مصنفة تتضمن مقاييس بحث مختلفة. كما يسعى الموقع إلى جذب أكبر عدد من المساهمين المحتملين ومالكي الأرشيفات الذين يرغبون في المساهمة في إثراء رصيد "ميد ميم". ويمثل "ميد ميم" مقاربة تعليمية وثقافية مدعمة بوجهات نظر متعددة للمؤخرين وعلماء الاجتماع وعلماء الآثار والجغرافيين، وهو موجه للشباب والمتخصصين على حد سواء . وسيعمل المشروع على عرض تراث شائع في كافة البلدان المتوسطية، وتقديم قوة دافعة جديدة للمبادرة من أجل الحفاظ على وسائط التراث المتوسطي المسموعة والمرئية. وتتمثل أهداف مشروع "ميد ميم" في تحفيز الحوار بين الثقافات وفهم التاريخ المشترك وسط شعوب منطقة البحر الأبيض المتوسط، وتشجيع وتسهيل وضع استراتيجية الحفاظ على هذا التراث السمعي البصري في منطقة البحر الأبيض المتوسط من قبل أمناء على هذا الأرشيف السمعي البصري. يساهم في المشروع 18 شريك بما فيهم 10 محطات تلفزيونية متوسطية، و3 منظمات مهنية سمعية بصرية ومؤسسات عالمية علمية وثقافية؛ ومنهم: المعهد الوطني الفرنسي للسمعي البصري، والكوبيام، والتلفزيون الجزائري، والتلفزيون الأردني، والتلفزيون المغربي، والدار المتوسطية لعلوم الانسان، والمركز المتوسطي للاتصال السمعي البصري بفرنسا، ومكتبة الإسكندرية، واتحاد الإذاعات الأوروبية، وهيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية، وغيرهم. جدير بالذكر أن برنامج التراث الأوروبي المتوسطي يساهم في تعميق التفاهم المتبادل والحوار بين الثقافات المتوسطية، وذلك من خلال تقييم التراث الثقافي. ويمنح الجزء الرابع من برنامج التراث الأوروبي المتوسطي (2008 - 2012) فرصاً جديدة لشعوب المتوسط حتى يتولد لديهم الوعي الكامل بأهمية إرثهم الثقافي. ويهدف البرنامج إلى المساهمة في تبادل التجارب في مجال التراث الثقافي، وإنشاء شبكات، وتعزيز التعاون مع بلدان الشراكة بالبحر الأبيض المتوسط.