لا يستطيع أحد من المنطقة العربية أو خارجها من المهتمين والمتابعين للشأن العام العربى والشرق أوسطى، بما يتصل منه بالصراع العربى الإسرائيلى بصفة عامة، والقضية الفلسطينية على وجه الخصوص، إنكار أن الأمين العام لحزب الله اللبنانى «حسن نصرالله»، الذى اغتالته إسرائيل الجمعة الماضية، كان واحدا من أبرز القيادات السياسية والحزبية اللبنانية والعربية، محل الخلاف والتأييد فى عالمنا العربى، ومحل الكراهية المعلنة والعداء السافر مع إسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية، والاقتراب الشديد مع إيران ونظامها الحاكم. ومن المؤكد أن غياب «نصر الله» عن الساحة السياسية اللبنانية والعربية نتيجة حادث الاغتيال، خلال الهجوم المكثف لإسرائيل على المقر المركزى لحزب الله فى الضاحية الجنوبية لبيروت، أثناء اجتماعه بقادة الحزب، سيكون له آثار عميقة وتداعيات ليست بالقليلة على مستقبل حزب الله وموقفه داخل لبنان، وفى ساحة المواجهة مع إسرائيل، خاصة فى ظل حالة الاضطراب والضعف التى يمر بها الحزب خلال الأيام والأسابيع والشهور الأخيرة، التى تعرض فيها لضربات جسام واختراقات خطيرة وحوادث قتل واغتيالات لقادته وكوادره الأولى والمتوسطة. وفى ظل ذلك كله، ومضافا إليه حالة الهشاشة والتصدع التى يمر بها البناء التنظيمى للحزب، والخلل الذى أصابه فى الشهور الماضية، وحاجته العاجلة إلى لملمة كيانه الذى تمزق وتهدم تحت وقع الاختراقات الأمنية الواضحة، وما ناله من اهتزاز وترنح تحت ضغط حادثة «البيجر» و»التيكى واكي» التى أصابت البنيان التنظيمى للحزب بالتصدع. والمتابع المتأمل لما حدث لحزب الله خلال الأيام والأسابيع والشهور الأخيرة، ينتابه الكثير من الاندهاش، لكبر حجم واتساع رقعة الخلل الأمنى الذى تفشى فى كل أرجاء الحزب، بما لا يتناسب ولا يتماشى مع ما كان متداولا وشائعا عنه من انضباط أمنى وتنظيمى كبير، طوال السنوات السابقة،..، ولكن فجأة تبدد كل ذلك الانضباط ليصبح الحزب مكشوفا ومعلوما فى كل حركاته وسكناته وبكل أفراده وقياداته دون غطاء أو ساتر. وأحسب أن غياب الأمين العام لحزب الله فى حادث الاغتيال الذى وقع ستتبعه بالتأكيد تداعيات كثيرة على ساحة الحزب وبنيانه التنظيمى، وعلى الساحة اللبنانية وعلاقة الحزب بالدولة اللبنانية وأجهزتها المختلفة، وأيضا على الساحة الإقليمية بخصوص المواجهة مع إسرائيل، والنيران المشتعلة فى لبنان وغزة.