جميل أن يشارك أكبر صرح إسلامي ديني في حل مشاكل المجتمع، «بتشريح» مشاكله، ومناقشتها مع المسئولين فى كل القطاعات. أسعدنى جداً ذلك الحوار واللقاء الراقى الواعى الذي تم بدعوة الإمام الأكبر فضيلة العالم الجليل الدكتور أحمد الطيب، وضم الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، والدكتور هاني سويلم وزير الموارد المائية والرى، واستهدف دراسة وتفعيل وإيجاد سبل الوعى لترشيد استهلاك المياه، والحفاظ عليها، صحيح أن الأزهر الشريف له، كصرح دينى كبير، منزلة خاصة فى قلوب كل مسلم ومسلمة، بجانب تقدير واحترام العالم، ولكنه فى نفس الوقت، مؤسسة وطنية اجتماعية توعوية وإرشادية وتعليمية لها دورها الرائد فى خدمة الدين أولاً، والمجتمع ثانياً، يشارك أبناؤه أتراحه وأفراحه، وفى حل مشاكله، ولاشك أن الأزهر نفسه كمؤسسة أو المساجد التابعة له أو للأوقاف، لها دورها فى ذلك الأمر. اللقاء الذى ضم الإمام الأكبر ووزيرى الأوقاف والرى، استهدف مناقشة مشكلة كبرى تتعلق بنقص المياه والإسراف فى استخدامها رغم ندرتها، وما نواجهه من صعوبات بسبب سد النهضة وتأثيراته، الإمام الأكبر الطيب أكد على ضرورة رفع الوعى القومى بالقضايا المجتمعية المعاصرة، وعلى رأسها المياه والمناخ والبيئة، وأوضح أن هناك «فجوة» كبرى بين التشريعات الإسلامية المتعلقة بترشيد المياه وسلوكيات الأفراد وطوائف الناس، مطالباً بعمل حملات إعلامية مؤثرة تستهدف التوعية بقضية المياه وترشيدها، والحفاظ على استدامة مواردها، وعرض ذلك على الناس خاصة الأطفال والشباب، وتخصيص مساحات مناسبة لذلك فى القنوات الفضائية والتليفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعى، وأكد على دور المساجد وأئمتها، وضرورة إعدادهم لتناول قضايا المجتمع، وتقديم الحلول لها، وتزويد الأماكن العامة ودور العبادة بأفضل الممارسات التى ترشد الاستخدام وتدعو له، الإمام الأكبر أكد أن الأزهر على استعداد لإعداد ونشر تصميم ومقرر دراسة يتناول القضايا المجتمعية المعاصرة بأسلوب سهل ومبسط، يتناسب مع المراحل التعليمية المختلفة، ويتناول موضوعات تخص المجتمع كالنظافة وترشيد المياه والبيئة. شيء جميل أن يشارك أكبر صرح إسلامى دينى فى حل مشاكل المجتمع، «بتشريح» مشاكله، ومناقشتها مع المسئولين فى كل القطاعات لحلها، والقضاء على آثارها السلبية، وجميل أيضاً ما أكده الدكتور هانى سويلم وزير الرى بعد اللقاء، من إطلاق حملات توعوية لترشيد المياه والحفاظ عليها على كل المستويات، ومشاركة علماء الأزهر والمتخصصين وكبار المثقفين، ورموز المجتمع والأحزاب، لتوعية الناس بأهمية نقطة الماء وبضرورة الحفاظ عليها لندرتها. الحقيقة أن قضية نقطة المياه والحفاظ عليها، وعدم الإسراف فى استخدامها، هى قضية مجتمع كامل بكل طوائفه، ومشاركة الجميع أمر مطلوب وملح فى كل القطاعات، وعلى مستوى الشعب كله، فالحقيقة تؤكد أن حصة كل فرد نقصت كثيراً، خاصة مع الزيادة الهائلة فى أعداد السكان، ولاشك أيضاً أن هناك استخدامات سيئة نرتكبها بأنفسنا، تساهم فى زيادة الأزمة وتزيد وطأتها، ومنها مثلاً ترك الحنفيات فى المساجد أو الدور الحكومية، أو المدارس أو الجامعات بلا إغلاق، أو رش المياه فى الشوارع أو غسل السيارات، واستخدام كميات هائلة تهدر بلا حساب، وهى أمور يجب أن نبحث عن حل لها والقضاء عليها، وهنا نتساءل عن المشروع الذى أعلن عن تنفيذه بالمساجد ودور الحكومة عن الحنفيات الذكية لترشيد الاستهلاك، إلى أين وصل؟، صحيح الدولة تبذل كل الجهد لترشيد الاستهلاك خاصة فى الزراعة، ولكن يجب مساندتها بكل قوة، وبلا تردد أوتهاون، علينا أن نكون دعاة، كل فى مكانه لترشيد الاستهلاك، ووضع حد للإسراف، وجميل أن يكون للمسجد والكنيسة والمدرسة دور عليهم أن يؤدوه كصروح توعية لها تأثيرها الفاعل مع الناس. المياه حياة، والحفاظ عليها واجب وطنى ودينى تحثنا عليه الشرائع السماوية، فمن الماء خلق كل شئ حى.