بحثت وفتشت وسألت عن مبتدع حفلات تخرج الجامعات الحكومية الصاخبة، ولم أصل لنتيجة، وظنى - وليس كل الظن إثم - أن وراء هذة الظاهرة التى أصبحت أمرًا واقعًا فى كل الكليات بجامعات مصر، وكأنها ضمن المنهج، بعض المنتفعين الذين جعلوها «سبوبة» يأكلون منها «الشهد» وتكفيهم من العام للعام، دون أن يبالوا بأن حفلاتهم الراقصة الصاخبة هى بمثابة رصاصة فى قلب آداب التعليم وقدسية الحرم الجامعى، وبدلا من أن تكون بدعة محمودة لنشر البهجة والفرحة فى نفوس الخريجين وذويهم.. أصبحت بدعة مذمومة يتبارى فيها الخريجون والخريجات بوصلات رقص وغناء شعبى مسف، ولمن لا يعلم فإن الكليات تُحصل مبالغ مالية من كل خريج يريد أن يفرح بتخرجه، بالإضافة إلى رسوم عن كل فرد من أهله (الأب والأم والأخ)، وقد تتجاوز قيمة هذه الرسوم، أضعاف الرسوم التى تتقاضاها الكلية طوال فترة دراسته.. وطبعا الطلاب الغلابة وأسرهم الأكثر غُلبا محرومون من الحضور ومن الفرحة لأنهم لا يملكون ثمن تذاكر حضور الحفل!. مفهومى الطبيعى عن حفلة التخرج أنها لحظة يفرح فيها الطالب «بثمرة» تعب طوال أربع أو خمس سنوات، سهر فيها الليالى فى المذاكرة والأبحاث والمشروعات والامتحانات، ويفرح فيها الأب والأم «بثمرة» شقاهم فى الإنفاق على ابنهم أو ابنتهم، وتكون فرصة للمة الأسرة وهم يرون ذويهم يُكرمون من أساتذتهم ومعلميهم.. ولكن المنتفعين يستكثرون على أسر الغلابة هذه الفرحة، ليستأثروا وحدهم بقطف هذه الثمار، فى صورة حصيلة ثمن التذاكر التى قد تصل إلى ألفى جنيه أو ثلاثة تكاليف حضور الحفلة، و «اللى مامعهوش مايفرحش». اقترح أن يصدر الوزير الدكتور محمد أيمن عاشور وزير التعليم العالى، قرارًا بأن تكون هذه الحفلات مجانًا وتقتصر فقط على تكريم الخريجين بمنحهم شهادة التخرج فى المسرح الرئيسى لكل جامعة دون أى فقرات فنية أو موسيقية ورقص، فهذه لحظة العمر يتمناها كل أب وأم «شقيوا وتعبوا» فى تعليم أولادهم، وحتى لا يتم الاعتداء على قدسية الحرم الجامعى وأداب التعليم. لم نسمع أن حفلات تخرج علماء وأدباء ومفكرى مصر العظماء فى جامعات مصر الحكومية العريقة كانت «برسوم» وكانت تشهد المظاهر المؤسفة التى تحدث الآن. اتعلموا من حفلات تخرج الكليات العسكرية وكليات الشرطة. أعيدوا الهيبة والقدسية للجامعات.