■ كتبت: علا نافع موسيقى صاخبة وأغانٍ ومهرجانات شعبية، طلاب يرتدون أرواب وقبعات التخرج بلونها الأسود، قاعات واسعة مليئة مزدحمة بالأهالى وبعض أساتذة الجامعة، وصلات من الرقص المبتذل على أنغام تلك المهرجانات، مباراة مستمرة بين الخريجات فى كافة أنواع الرقص، بعضهن يرتدين فساتين سهرة وأخرى عارية لا تناسب طبيعة الحدث، وفى زاوية أخرى يقف طالب يستعد لخطبة زميلته على منصة الحفل وتقديم خاتم الخطبة لها وسط تصفيق وتهليل الحضور، بل إن بعضهم يطلق الزغاريد وصرخات الفرح لتتحول حفلة التخرج إلى زفة بلدى. ◄ باقات مختلفة لتأجير القاعات وال«فان داى» على البلاج ◄ امتدت للحضانات.. وتشكل عبئا على أولياء الأمور لم تقتصر موضة حفلات التخرج على طلبة الجامعات، بل أصبحت تضم كافة المراحل التعليمية بدءًا من حضانات المدارس، حتى التخرج فى المرحلة الثانوية، وظهرت شركات تختص بتنظيم الحفلات مستغلة مواقع التواصل الاجتماعى ولهفة الخريجين على جعل يوم تخرجهم يومًا مميزًا. ◄ تقاليع مختلفة الكثيرون يلقون باللوم على الجامعات لسماحها بمثل تلك الحفلات، إلا أن أغلبها يتم بعيدًا عن الحرم الجامعى، بحسب تصريح الجامعات، إذ تقوم تلك الشركات أو حتى الطلاب أنفسهم بحجز قاعة احتفال كبرى والاتفاق مع أحد المطربين المشاهير أو الاكتفاء ب«الدى جى»، كما يتم توفير أرواب التخرج المنقوش عليها اسم الخريج وشهادات التقدير، وفى بعض الأحيان يتم الاتفاق على ارتداء ملابس بشكل ولون معين، بخلاف الاتفاق مع مصورى الفيديو والصور الفوتوغرافية لالتقاط جلسة تصوير «فوتوسيشن» لكل خريج. ومؤخرًا ظهرت موضة إقامة الحفلات على سواحل الشواطئ وفى أحضان الأهرامات، وبالطبع فإن تكلفتها عالية للغاية قد تصل لأكثر من خمسة آلاف جنيه للتذكرة الواحدة وأغلبها تقيمه المدارس الدولية والجامعات الخاصة والأجنبية. ولم تكتفِ تلك الشركات بهذا الحد، بل حدّدت عدد أفراد الأسرة الذين يحق لهم حضور الحفلة مع ذويهم، وفى حال دعوة عدد أكثر يتم زيادة سعر التذكرة أو حرمان الطالب من الحضور، خاصة إذا نجحت شركة التنظيم فى دعوة شخصية مشهورة لتكريم الخريجين وإذاعة الحفل على بعض القنوات التلفزيونية. والجدير بالذكر أن عدوى الحفلات انتقلت إلى باقى المحافظات الأخرى ولم تقتصر على القاهرة فقط، وأصبح حضور حفلة التخرج له «برستيج» ووضع اجتماعى مميز، بل إن بعض الأهالى يحرصون على التقاط الصور مع ذويهم والتباهى بها. ◄ اقرأ أيضًا | جامعة أسيوط تعلن عن عدم مسئوليتها عن حفلة التخرج التي رقصت بها إحدى الطالبات ◄ «فان داي» يقول عبد الرحمن حسن، أحد العاملين فى تنظيم الحفلات: يبدأ الاستعداد لحفلات التخرج مع اقتراب نهاية العام الدراسى، حيث يبدأ الطلاب فى الاتفاق على قاعة معينة والبنود الأخرى التى يشتمل عليها الحفل سواء تصوير فيديو أو فوتوغرافى، والفقرات الفنية المختلفة، ويتم تحديد السعر بحسب إجمالى التكلفة، وبناء عليه يتم احتساب قيمة التذكرة لكل طالب، وهناك البعض يطالبون بالاتفاق مع مطرب بعينه وهذا يزيد من قيمة الاشتراك بشكل كبير وأغلبهم من خريجى الجامعات الخاصة والأجنبية، مشيرًا إلى أن الأغلبية تكتفى بفقرات «الدى جى» العادية والرقص على الأغاني الشعبية والمهرجانات. ويضيف: يعتقد الكثيرون أن حفلات التخرج بدعة على المجتمع المصرى لكنها معروفة منذ عدة سنوات، حيث كان تنظيمها يقتصر على إدارة الجامعة فقط من حيث تسليم الشهادات والدروع التذكارية، وإلقاء الأساتذة كلمة شكر للطلاب، لكن مع انتشار المدارس الدولية والجامعات الأجنبية تم نقل تلك التجربة بداخل منظومة التعليم المصرى كشكل من أشكال الترفيه وتكريم الطلاب على جهدهم طوال رحلة تعليمهم، كما أنها تدخل فى إطار الدعاية والتسويق. وعن مصطلح «الفان داى» يقول: هو احتفال يقيمه الطلاب بعد انتهاء الامتحان الأخير فى سنواتهم الدراسية أو بعده بأيام قليلة ويكون بديلًا عن حفلة التخرج وفيه يتفق الطلاب على ارتداء زى معين بلون يختارونه، ويكون إما على أحد شواطئ المدن الساحلية القريبة من القاهرة مثل العين السخنة أو فى قاعة كبرى، وعادة ما يتم الاتفاق مع مطرب شاب لإحياء الحفل أو مع الديجيهات، مشيرًا إلى أن تكلفة «الفان داى» تتراوح بين 700 إلى ألف جنيه، وقد تصل لثلاثة إلى خمسة آلاف جنيه طبقًا للتجهيزات التى تقوم بها المدارس الدولية والجامعات الخاصة. ويختتم حديثه بأن هناك تنافسية كبيرة بين الشركات كى تخرج حفلتها بأحسن تنظيم، فبعضها يقوم بإرسال دعوات لشخصيات مشهورة بهدف حضور التكريم بشرط أن يكون من خارج الجامعة وذلك بحسب اللوائح والقوانين. ◄ فرحة منتظرة ترى نادين جمال (23 عامًا) أن التخرج فى الجامعة فرحة ذات مذاق خاص ولا مانع من الاحتفال بها بأى شكل لا يضايق الآخرين، فحضورها ليس بالإجبار ويمكن لأى طالب وذويه الاعتذار عنها، كما لا مانع من التقاط الصور التذكارية والفيديوهات التى توثق لذة الانتهاء من كافة المراحل الدراسية، مؤكدة أن أسعار الحفلات ليست بالمرتفعة إذا ما قورنت بما يدفعه الطالب طوال مراحل تعليمه المختلفة. وعن انتهاك قدسية الحفلات الجامعية تقول: لا مساس بقدسية الحرم الجامعى والأساتذة فكل طالب له طريقة خاصة فى الاحتفال وهذا لا يمثل أى انتهاك للجامعة خاصة أن أغلب الحفلات تكون بعيدة عن الحرم الجامعى. ◄ حفلات الروضة الغريب أن حفلات التخرج اشتملت على روضة الأطفال أيضًا فبات على ولى الأمر الاشتراك لنجله فى تلك الحفلات لأن عدم دفعه للرسوم قد يمثل ضغطًا نفسيًا على طفله خاصة عندما يرى زملاءه يشاركون فى الحفلة، وتصل رسوم الاشتراك فى الحفلة ما بين 800 إلى 2000 جنيه، وذلك بحسب شهرة المدرسة ومصاريفها الدراسية. تقول مى جميل ولية أمر لأحد الأطفال: تتفنن المدارس والحضانات الخاصة فى إقامة حفلات التخرج وتطلب منا شراء أرواب وقبعات التخرج التى باتت تكلفنا الكثير، كذلك رسوم التصوير الفوتوغرافى والفيديوهات البسيطة والأهم الملابس الخاصة التى سيشارك بها الطفل فى العروض الفنية المقدمة بالحفل والتى ارتفعت أسعارها مؤخرًا، وهذا ما يجعل الطفل متحمسا للمشاركة مع زملائه، ورغم أن المشاركة ليست إجبارية إلا أن أغلب الأهالى يحرص على المشاركة منعًا لإحباط طفله. أما «سالى ن» مديرة إحدى الحضانات، فتشير إلى أن حفلات التخرج أصبحت عرفًا بين الحضانات والمدارس بهدف تحفيز الطالب على مواصلة نجاحه الدراسى واعترافا بتفوقه، لكن هناك بعض الحضانات التى تستغل فيديوهات التخرج والصور كدعاية على مواقع التواصل الاجتماعى، وتبث العروض الفنية باعتبارها نتيجة لتدريبهم طوال السنة يساعدها فى كسب مزيد من الطلاب، لافتة إلى أن تقييم الحضانة يكون على أساس النظام والنظافة إلى جانب التعليم الجيد والنشاطات المختلفة. وتضيف سالى: لكننا نحرص على عدم إرهاق الوالدين بمسئولية مادية كبيرة فيمكن استئجار روب التخرج والكاب بدلًا من شرائهما، ويمكن أيضًا إعفاء الطفل من الاشتراك فى أكثر من عرض مسرحى كى لا يشترى أكثر من زى، فما يهمنا هو أن يكون يومًا مميزًا للطفل وأسرته. ◄ سلوك مستهجن وعن احتفالات الخريجين خارج الحرم الجامعى، يقول الدكتور محمد عبد العزيز، أستاذ التربية فى جامعة عين شمس: انتشر الكثير من فيديوهات لطلاب يرقصون بشكل مقزز فى حفلة تخرجهم وهذا سلوك مستهجن لا يليق بخريجى الجامعات المصرية، فقديمًا كانت حفلات التخرج لها قدسية وطابع خاص لكنها تحولت لبيزنس وسبوبة لأصحاب القاعات وشركات تنظيم الحفلات، مشيرًا إلى أنه سيظل يوم التخرج محفورًا فى أرشيف الخريج أمام أسرته ووظيفته المنتظرة. ◄ استغلال مادي على جانب آخر تقول الدكتورة هالة منصور أستاذ علم الاجتماع: تغيرت منظومة حفلات التخرج، فقديمًا كان يتم تنظيمها لأوائل الجامعات والمدارس ويحضرها كافة الطلاب بهدف تشجيعهم لكن أصبحت تقام للأطفال فى الحضانات وحتى تخرجهم فى الجامعة وهذا بالطبع يعد استغلالًا ماديًا من قبل إدارات بعض المدارس أو شركات تنظيم الحفلات خاصة أن السوشيال ميديا زاد من انتشار تلك العادة الأجنبية، مؤكدة أن أولياء الأمور هم الأكثر تضررًا. وتضيف: يمكن الاستفادة من تلك الظاهرة بحيث لا ترهق أولياء الأمور إذ توضع ضمن بند المصروفات المدرسية، كما لا بُد من منع الرقصات المبتذلة وأغانى المهرجانات التى لا تتفق مع هدف التعليم مع مراعاة قدسية المدرسة والجامعة.