قد تكون هذه الفترة هى الأصعب على إسرائيل كدولة وعلى نتنياهو كرئيس للحكومة وسط تحديات غير مسبوقة ناتجة عن توابع طوفان الأقصى والتى تسببت فى أزمة حقيقة وانقسام داخلى غير مسبوقة حول إجابة على عدد من الأسئلة منها نهاية الحرب ومدى تحقيق أهدافها ناهيك عن اتساع نطاق التظاهرات التى تقودها أسر الأسرى الإسرائيلية التى شملت مدنا رئيسية ودخول الهستدروت على خط الاحتجاجات بالإعلان عن الإضراب وإن كان حكم المحكمة العمالية حد من فاعليته ولأن الأزمات لا تأتى فرادى ولم يعد الأمر مقصورًا على الداخل الإسرائيلى بل تعداه إلى أزمات مع أقرب الحلفاء واشنطن ولندن فلم يعد خافيا على أحد وجود ضغوط أمريكية على نتنياهو بعد أن فاض بها الكيل من قدراته على التملص من وعوده مع استراتيجيته التى تعتد على التسويف فى انتظار انتخابات نوفمبر القادم لعل ترامب يكون الساكن العائد للبيت الأبيض ويبدو ذلك فى التصريحات السلبية حتى لو على استيحاء من الرئيس بايدن نفسه وعلى نفس المستوى جاء قرار الخارجية البريطانية بتعليق محدود لعدد من الأسلحة إلى إسرائيل وسط أزمة مع تل أبيب واتهامات للندن بأن قرارها يصب فى مصلحة المقاومة الفلسطينية ويحد على قدرات الجيش الإسرائيلى على إتمام مهمته مما دفع الخارجية إلى التخفيف من تبعات القرار وهذه التقارير محاولة لمزيد من التفاصيل اقرأ أيضًا| خبير: إسرائيل تستعمل العنف غير المسبوق ضد المتظاهرين فيضان التظاهرات الحاشدة التى تغرق شوارع وميادين إسرائيل، لا سيما بعد أن لقى 6 رهائن حتفهم فى قطاع غزة، لا تعبر وحدها عن اقتراب نهاية نتانياهو وعُصبة ائتلافه، وإنما فتحت الواقع على قضايا تعكس مدى انشقاق رفاق درب الحقل السياسى ونظيره العسكرى على نتانياهو، ومبادرات لا تقل أهمية، تدعو إلى تشكيل حكومة وحدة للخلاص من نفوذ وزيرى الأمن القومى إيتمار بن جافير، والمالية بيتسلئيل سيموتريتش؛ فضلًا عن تقارير طبية سريَّة تشكك فى صلاحية بقاء رئيس الوزراء الإسرائيلى على رأس الائتلاف. ربما أصيب الحقل السياسى الإسرائيلى بصدمة بالغة، حين دعا رئيس حزب «شاس»، عضو الائتلاف المتطرف آرييه درعي، وهو الشخص الأكثر اقترابًا من نتانياهو، حسب تعبير الكاتبة موران أزولاي، إلى تشكيل حكومة وحدة، تستبعد الصقرين ابن جافير وسيموتريتش من الائتلاف؛ وزادت الدهشة مع إقرار صاحب الطرح ب«هشاشة الواقع السياسى الذى خلقته حكومة نتانياهو منذ تشكيلها»؛ بداية من محاولات تمرير «الإصلاحات القضائية»، وصولًا إلى حرب غزة، التى كلفت إسرائيل فاتورة باهظة دون تحقيق أى هدف على الأرض. آرييه درعى الذى أصر نتانياهو فى السابق على انضمامه للائتلاف رغم ملفه الجنائى الذى يحول دون توليه منصبًا سياسيًا فى الحكومة أو خارجها، لم يكتف بإطلاق الدعوات، وإنما فتح قنوات لتفعيلها مع الجنرال المدني، رئيس الأركان الأسبق جادى آيزنكوت، بالإضافة إلى القيادى فى حزب «هناك مستقبل» المعارض إليعازر شتيرن، وكذلك رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» أفيجدور ليبرمان، ونظيره مؤسس ورئيس حزب «أمل جديد» جدعون ساعر. بهذه الخطوات، أصبح درعى أكثر فاعلية فى ترسيخ تفكيك الحكومة، خلافًا لوزير الدفاع يوآف جالنت، الذى اكتفى بصرخات الاعتراض داخل جلسات الحكومة، والتى كان آخرها سخريته من نتانياهو: «يستطيع رئيس وزراء إسرائيل انفرادًا بكافة القرارات، كما يمكنه أن يقرر قتل جميع الرهائن لدى حماس، ولن يتراجع أيضًا عن فرض سياساته غير المقنعة على المؤسسة العسكرية فى قطاع غزة وغيرها من الساحات». ولم يرد مكتب نتانياهو على طرح درعي، ولا سخريات جالنت، أو حتى على الكاتب ناحوم بارنيع، الذى قال صراحة: «نتانياهو هو قاتل الرهائن الحقيقي. ولم يغب صوت المعارضة عن المشهد، حين وصف رئيسها يائير لابيد رئيس الوزراء الإسرائيلى ب«غير الكفء، ويفتقر بكل المقاييس ثقة الإسرائيليين، ويواصل الهروب من المسؤولية عن أكبر كارثة حلَّت بالشعب اليهودى منذ المحرقة النازية «الهلوكوست». وحسب بيان المعارضة، المنشور فى موقع «سيروجيم» العبري: «بعد تدمير الأمن، والاقتصاد، والسياسة الخارجية، بدأت خيبة الأمل والأصوات المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة، والتى تجذرت بعمق فى أغلب شرائح المجتمع الإسرائيلي، تأتى من داخل حكومة نتانياهو وأعضاء حزبه، وباتت إسرائيل فى حاجة إلى التغيير، وأصبحت الانتخابات ضرورة حتمية اليوم، وليس غدًا». وزاد غليان الداخل الإسرائيلى مأزق نتانياهو تعقيدًا، وكانت الكاتبة دفنا لئيل أكثر جرأة فى المواجهة، وأشارت فى مقال نشرته قناة «أخبار 12» إلى أن نتانياهو يرفض الاعتراف بخطاياه، ولا يؤمن بضرورة دفع ثمن الخطأ. وتعليقًا على تصريح نتانياهو بأن إسرائيل لن تخرج من محور فلادليفيا قبل 42 عامًا، قالت لئيل: «نتانياهو يحتاج 42 عامًا فعلًا، ولكن من أجل إصلاح خطاياه، والتقط رئيس تحرير صحيفة «هاآرتس» يوسى فيرتر طرف الحديث من دفنا لئيل. مشيرًا إلى أن «نتانياهو يجند القتال فى معارك الحاضر والمستقبل من أجل مصالحه السياسية الضيقة؛ فهو منعزل، ولا يبالى بآراء تغاير سياسته، ويحتقر النقد.وفى الصحيفة العبرية ذاتها، يجسد الكاتب روجل ألبير حالة نتانياهو المعنوية من خلال صورته على غلاف مجلة «تايم»، مشيرًا إلى أن نتانياهو الذى دأب قبل الظهور فى وسائل الإعلام وفى منابر المؤسسات الكبيرة داخل وخارج إسرائيل على وضع الماكياج، وقص الشعر، ظهر على غلاف المجلة الأمريكية دون قناع. وفى تقرير مطول لصحيفة «معاريف» شكك طبيب القلب الإسرائيلى البروفيسور إيتى جال فى صحة نتانياهو، مؤكدًا أنه لم يعد مؤهلًا لتولى المنصب. ولا يعزو الطبيب أهمية لتقارير رسمية تغاير بيانات تقريره، وقال نصًا: «أطباء نتانياهو يتعمدون التعتيم على حالته الصحية، ويرفضون الاعتراف بأن عضلة قلبه تعانى من الجفاف، وأن ديوان رئاسة الوزراء لم ينشر تقريرًا طبيًا حول حالته الصحية منذ عام 2016.