لا يغيب تقاسم الأدوار عن نتانياهو وأعضاء ائتلافه المتطرف، فإذا احتفظ وزير المالية اليميني بيتسلئيل سيموتريتش لنفسه بتهويد الضفة الغربية والقدس عبر تمدد سرطان الاستيطان، احتكر وزير الأمن القومي إيتمار بن جافير مهمة تغيير الوضع الراهن في الحرم القدسي الشريف، أما بنيامين نتانياهو فانفرد بمحاولة تصفية القضية الفلسطينية من جذورها عبر تهجير سكان الضفة الغربية. سبع خطط فشل بموجبها نتانياهو في تهجير سكان قطاع غزة، فاتجه إلى الضفة الغربية عامدًا تفعيل المخطط، ودأب على نقل مسرح العدوان من القطاع إلى الضفة بداعى مطاردة عناصر المقاومة هناك، وتمهيدًا لعمليات عسكرية غير مسبوقة، فرض جيش الاحتلال حظر تجوال على كامل مدن الضفة، حتى أن قواته منعت مرور سيارات الإسعاف والطواقم الطبية، وأمرت فيالق الجيش الفلسطينيين بإخلاء المستشفى الحكومى فى جنين. اقرأ أيضًا | على أعتاب أعمال دورة الأممالمتحدة فك وتركيب النظام العالمى القديم ولم يكترث جيش الاحتلال بالأضرار التى لحقت بمستشفيات شمال الضفة الغربية نتيجة هجماته، ولم يعر أذنًا لتأكيد اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ضرورة تمكين الطواقم الطبية من القيام بدورها، ودعوتها المجتمع الدولى إلى التدخل لحماية المستشفيات والطواقم الطبية. وعلى شاكلة الواقع المأساوى فى قطاع غزة، لم يغير الاحتلال آليات عدوانه على الضفة الغربية، إذ طالب سكان مخيم لاجئين «نور الشمس» شرق مدينة طولكرم، بإخلاء منازلهم خلال أربع ساعات، بينما شرع فى تدمير شبكة مياه الشرب المركزية. ورافق الهجوم أيضًا آليات هندسية ثقيلة، شرعت فور وصولها فى تجريف مناطق فى المخيم. وتؤكد المؤشرات أنه ليس من قبيل الصدفة تزامن الهجوم على الضفة الغربية مع حرب الإبادة الدائرة فى قطاع غزة، لاسيما فى ظل استغلال نتانياهو وحكومته تركيز المجتمع الدولى على ما يُعرف بعملية «السيوف الحديدية»، لتنفيذ عدوان موازٍ ضد الشعب الفلسطينى، فضلًا عن تفعيل استراتيجية تعميق الاحتلال. ولم يعد ينطلى على المجتمع الدولى تعاطى الولاياتالمتحدة الفاتر مع تنكيل قوات الاحتلال بالمدنيين فى قطاع غزة والضفة الغربية، وتعامل المراقبون بسخرية مع قرار الإدارة الأمريكية فرض عقوبات على نقاط استيطانية محدودة، رغم انعدام شرعيتها من الأساس فى الضفة الغربية، وأعاد المراقبون إلى الذاكرة عقوبات مماثلة، كانت قد فرضتها واشنطن ثم تراجعت عنها بعد وقت قصير من تمريرها. ويشى تزامن العمليات العسكرية الإسرائيلية فى قطاع غزة والضفة بمرحلة تمهيد الأرض أمام طرد الفلسطينيين لأراضٍ، وصفتها خطة رئيس شعبة الأسرى والمفقودين السابق فى الموساد يسرائيل بارلوف ب«الوطن الجديد»، وبينما كان رئيس مجلس الأمن القومى الأسبق العميد جيورا آيلند قد طرح خطة مناظرة، أطلق عليها فى حينه «الوطن البديل»، رأى مهندس الخطة الجديدة إخلاء قطاع غزة والضفة الغربية من الفلسطينيين وتهجيرهم إلى مصر والأردن. وبينما تتضاءل فرص تمرير المخطط، وفقًا لاعتراف معده، إلا أنه اعتبر طرحه والدعوة إلى مؤتمر دولى لمناقشته قد يفضى إلى زخم من المفاوضات، ينتج عنها ضغط على الأردن والفلسطينيين، مشيرًا حسب تقرير نشرته «يديعوت أحرونوت» إلى أنه يمكن استخدام الفكرة عند الترتيب لما بعد انسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة. ويرفع بارلوف حل الدولتين من فوق أى طاولة، مشيرًا إلى أنه لم يعد واقعيًا، وفى المقابل اعتبر خطته «فرصة لخلق أمل للتسوية الإقليمية»، نافيًا وجود طرح آخر يمكن التعويل عليه فى التوصل إلى تسوية شاملة.