حالة من الجدل سيطرت على الرأي العام، بعد إعلان وزير التربية والتعليم الدكتور محمد عبد اللطيف، عدة قرارات تتعلق بإجراء تعديلات على بعض المواد الدراسية في الثانوية العامة. شملت القرارات دمج بعض المواد، الأمر الذي أدى إلى حدوث حالة من الغضب لدى العديد من المعلمين، خصوصًا التي تم دمج المواد التي يقومون بتدريسها. ورصدت «بوابة أخبار اليوم»، ردود أفعال بعض المعلمين، لمعرفة رأيهم في القرارات التي اتخذها وزير التعليم، ومدى تأثيرها عليهم. هدم لبناء المجتمع قال محمد عيسى، مدرس مادة الفلسفة وعلم النفس، إن تهميش تدريس العلوم الإنسانية يعتبر هدم للبناء الاجتماعى للمجتمع، موضحًا أن العلوم الإنسانية تحظى باهتمام كبير فى جميع نظم التعليم فى العالم. وأضاف أن العلوم الانسانية ضرورية لبناء عقل الطالب وتنمية قدراته الذهنية، في التفكير المنطقي وسعيه للابتكار، وترسيخ تاريخ وأخلاق وقيم المجتمع، وهي السبيل لإصلاح التعليم، مشيرًا إلى أن جعل المواد غير مضافة للمجموع قد يشعر الطلاب بعدم الحاجة لدراستها، مما يؤدي إلى تراجع اهتمامهم وفهمهم للمفاهيم الفلسفية والنفسية. وأوضح أن إلغاء إضافة الفلسفة وعلم النفس للمجموع يمكن أن يؤثر سلبًا على تطوير مهارات التفكير والوعي الذاتي لدى الطلاب، مما ينعكس على حياتهم الأكاديمية والشخصية. تقليل فرص الطلاب من ناحيته، أكد تامر الرفاعي، مدرس اللغة الفرنسية، أن القرار كان يحتاج لدراسة متكاملة قبل إصداره، موضحًا أن جعل اللغة الثانية من ضمن المواد غير المضافة للمجموع، يؤثر سلبًا على مهارات القراءة والكتابة والاستماع والتحدث، مما يجعل الطلاب أقل قدرة على التواصل بلغة ثانية. وتابع: «في عصرنا إتقان اللغات الأجنبية يعزز العلاقات الدولية، وعدم تعلم لغة ثانية قد يحد من قدرة الطلاب على التواصل في سياقات عالمية». وأضاف أن اللغة تعد مهارة مهمة في سوق العمل، وعدم إتقان اللغة قد يقلل من فرص الطلاب في الحصول على وظائف أو قبول في برامج تعليمية أعلى. فقد الهوية وفي ذات السياق، أكد أحمد عبد الرازق، مدرس الجيولوجيا والعلوم البيئية، أن الجيولوجيا تعزز الفهم العلمي للبيئة والعمليات الطبيعية، وعدم دراستها قد يمنع الطلاب من اكتساب المعرفة الأساسية حول الأرض وتكوينها. وأضاف أن عدم إضافة المادة للمجموع قد يشعر الطلاب بعدم الحاجة لدراستها، مما قد يقلل من وعي الطلاب بالتحديات البيئية الحالية ومعرفته بطبيعة مصر الجيولوجية، حيث وصفها بفقد الهوية وفقر في المعلومات التي يجب أن يكتسبها الطالب. وأشار إلى أن الطلاب الذين كانوا سيستفيدون من الجيولوجيا كجزء من تعليمهم قد يعانون من تحصيل أكاديمي أضعف في أقسام الجيولوجيا في الكليات العلمية. خطة الوزارة جدير بالذكر، أن محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، قد أعلن عن خطة الوزارة للعام الدراسي الجديد 2024 /2025، والذي سينطلق في الحادي والعشرين من سبتمبر المقبل. وكشف الوزير عن إعادة تصميم المحتوى العلمي والمعرفي لصفوف المرحلة الثانوية وتوزيعها بشكل متوازن، بحيث لا تسبب عبئًا معرفيًا على الطلاب. ويدرس طلاب الصف الأول الثانوي في العام الجديد ستة مواد، بدلًا من عشرة مواد درسها نظرائهم في العام الماضي، حيث تم إعادة تصميم المناهج المقررة لتصبح اللغة الأجنبية الثانية مادة نجاح ورسوب خارج المجموع، ويطبق منهج (العلوم المتكاملة) لأول مرة بدلًا من منهجي الكيمياء والفيزياء، كما سيتم إعادة تصميم مادة الجغرافيا لتلغى من الدراسة في الصف الأول الثانوي، وتصبح مادة تخصص للشعبة الأدبية في السنة التالية، وبذلك تكون المواد التي سيدرسها طلاب الفرقة الأولى للثانوية العامة في العام الجديد هي مواد (اللغة العربية - اللغة الأجنبية الأولى - التاريخ - الرياضيات - العلوم المتكاملة - الفلسفة والمنطق)، بالإضافة للمواد غير المضافة للمجموع (التربية الدينية - اللغة الأجنبية الثانية)، وهي مواد نجاح ورسوب. حوار مجتمعي وأكد الوزير أن عملية إعادة تصميم المحتوى استندت لقواعد علمية بمراجعة خبراء متخصصين، كما أنه تم إجراء حوار مجتمعي بشأنها مع الخبراء، والمعلمين، ومديري الإدارات التعليمية، ومجلس الأمناء والأباء والمعلمين، وعدد من أساتذة الإعلام المتخصصين في ملف التعليم، كما أنها حظت بنسبة قبول كبيرة؛ لما لها من أثر في تخفيف العبء على الأسرة المصرية، دون التقصير في المعارف التي سيدرسها الطلاب. وأشار عبد اللطيف إلى إجراء تعديلات محدودة على مناهج الصفين الثاني والثالث الثانوي، في ضوء نواتج التعلم، ومراعاة عدم وجود تكرار في المحتوى، والمراجعة العلمية الدقيقة، وتحديث ما يجب تحديثه، بالإضافة إلى دمج ما يمكن دمجه من معارف أو نواتج تعلم، وهو ما أسفر عن جعل اللغة الأجنبية الثانية مادة نجاح ورسوب خارج المجموع، والاستفادة من فتراتها الدراسية في تقوية وزيادة فترات اللغة الأجنبية الأولى، إضافة إلى إعادة تصميم مادة الرياضيات لتكون مادة واحدة، لتصبح المواد التي سيدرسها الطلاب في الصف الثاني الثانوي ست مواد دراسية بدلًا من ثمانية مواد في العام الماضي، وهذه المواد بالنسبة للشعبة العلمية ستكون (اللغة العربية - اللغة الأجنبية الأولى - الرياضيات - الأحياء - الكيمياء - الفيزياء)، ويتم العمل بها في العام الدراسي المقبل 2024/ 2025، على أن يتم إضافة مادة التاريخ بدلًا من الأحياء في العامين الدراسيين المقبلين. إعادة تصميم المحتوى وأعلن الوزير كذلك عن المواد التي سيدرسها الطلاب في الصف الثاني الثانوي شعبة أدبي في العام الدراسي القادم 2024/ 2025 وهي (اللغة العربية - اللغة الأجنبية الأولى - التاريخ - الجغرافيا - علم النفس - الرياضيات). وكشف الوزير عن إعادة تصميم محتوى الصف الثالث الثانوي بدءًا من العام الدراسي المقبل 2024 /2025، بحيث أصبحت مادتي اللغة الأجنبية الثانية، والجيولوجيا وعلوم البيئة من مواد النجاح والرسوب غير المضافة للمجموع في شعبة العلمي علوم، وأصبحت اللغة الأجنبية الثانية خارج مجموع شعبة العلمي رياضيات، على أن يُعاد تصميم مادة الرياضيات لتصبح مادة واحدة. وبذلك يدرس طلاب شعبة العلمي علوم خمس مواد بدلًا من سبعة مواد، وهي (اللغة العربية – اللغة الأجنبية الأولى – الأحياء – الكيمياء – الفيزياء). ويدرس طلاب شعبة العلمي رياضيات خمس مواد بدلًا من سبعة مواد، وهي (اللغة العربية - اللغة الأجنبية الأولى - الرياضيات - الكيمياء - الفيزياء). وبالنسبة للشعبة الأدبية، ستصبح مادة علم النفس ومادة اللغة الاجنبية الثانية مادتي نجاح ورسوب غير مضافة للمجموع، ليصبح إجمالي ما سيدرسه طلاب الصف الثالث الثانوي بالشعبة الأدبية في الأعوام الثلاثة المقبلة خمس مواد بدلًا من سبعة مواد، وهي (اللغة العربية - اللغة الأجنبية الأولى - التاريخ - الجغرافيا - الإحصاء). الهوية الوطنية وشدد الوزير على أهمية التكاتف بين جميع أطراف المنظومة التعليمية في الفترة المقبلة، والتي تشهد تحديات كبيرة، سيكون نهج الوزارة فيها هو إجراء الحوار المجتمعي والتواصل الدائم مع المنظومة التعليمية، مؤكدًا أن إعادة صياغة وتوزيع المحتوى المعرفي تهدف في نظامها الجديد إلى التأكيد على الهوية الوطنية من خلال تأصيل دراسة تاريخ مصر، وتضمين الموضوعات القومية بالمناهج، إضافة إلى التأكيد على إكساب الطلاب المهارات اللازمة لسوق العمل، مع التأكيد والتركيز على دراسة لغة أجنبية واحدة وأساسية وزيادة عدد الحصص المقررة لها للعمل على إتقانها، وقبل كل ذلك استعادة الدور التربوي للمدرسة.