جريمة بشعة لقيت فيها ثلاث فتيات صغيرات مصرعهن بعد تلقى طعنات من شاب متطرف، انتشرت على إثر الحادث معلومة مغلوطة حول هوية الجاني تناقلها البريطانيون سريعًا عبر الإنترنت، وروجت لها جماعات اليمين المتطرف للتحريض ضد المسلمين في كافة أنحاء بريطانيا التي اشتعلت بموجة احتجاجات عارمة توصف بكونها الاكثر عنفًا خلال السنوات الاخيرة. بدأت الاحداث بجريمة بشعة تلقت فيها ثلاث فتيات صغيرات طعنات من قاتل لا يتعدى عمره 17 عاما، وذلك أثناء حضورهن درس للرقص في مدينة ساوثبورت بشمال غرب إنجلترا، وقعت الجريمة وقع الصدمة على البريطانيين، الفتيات الثلاث هن أليس داسيلفا أجواير، 6 سنوات، بيبي كينج، 6 سنوات، وإليسي دوت ستانكومب، 7 سنوات، لهجوم «وحشي» بالسكين في ساوثبورت يوم الاثنين الماضي أثناء حضور درس للرقص، ولم يكتف الجاني بقتل الفتيات الثلاث وانما تلقى ثمانية أطفال آخرين طعنات متنوعة بسكين وتتراوح حالاتهم بين المتوسطة والحرجة. معلومة خاطئة تناولت وسائل الاعلام تفاصيل الحادث وصور الضحايا والمأساة التي وقعت على أسرهن بعد فقدانهن في اعتداء متطرف لم يمر دون تجاهله والسكوت عليه، انتظر الرأى العام الانجليزي الافصاح عن هوية القاتل الذي تم التحفظ عليه؛ حيث رفضت المحكمة الكشف عن هويته طبقا للقوانين المعتادة في تلك الحالات لأن الجاني قاصر لا ينبغي الكشف عن هويته، هنا استغلت جماعات اليمين المتطرفة الواقعة وانتشرت معلومة خاطئة تداولها الجميع زعمت أن الحادث إرهابي والقاتل مهاجر مسلم قتل الفتيات لرفضه دروس الرقص. اشتعلت المدن الانجليزية بالغضب العارم الذي تحول إلى موجة احتجاجات وأعمال شغب بدأت بمشاركة مئات المحتجين المناهضين للمهاجرين العرب والمسلمين، واقتحم حشد من اليمين المتطرف فندق يأوي مهاجرين مسلمين وطالبي لجوء، ألقوا الكراسي ورشوا طفايات الحريق على شرطة مكافحة الشغب، وأشعلوا النيران في الاثاث وصناديق القمامة واشتبك نحو 700 متظاهر مناهض للهجرة يرتدون أقنعة ويرفعون لافتات معادية للمهاجرين مع ضباط شرطة بجنوب يوركشاير. هوية الجاني وسط حالة الغضب والثورة ضد المسلمين، اشارت الصحف إلى مثول المراهق القاتل أمام محكمة ليفربول خلال ايام قليلة، واشارت شرطة ميرسيسايد إلى هوية القاتل في قرار استثنائي ويدعى؛ أكسل روداكوبانا وعمره 17 عاما، من مواليد كارديف بويلز البريطانية لأبوين اصولهما من رواندا، ولا توجد أى صلات لعائلته بالاسلام، وجهت الشرطة للجاني تهم ارتكاب ثلاث جرائم قتل وعشر جرائم شروع في قتل وحيازة سلاح أبيض؛ ليؤكد المحققون انهم لا يعتبرون الحادث إرهابيًا لأن القاتل غير مسلم مما أثار غضب مناهضي العنصرية ممن انضموا الى الاحتجاجات سريعًا للدفاع عن المسلمين في كافة انحاء بريطانيا. اتهم رئيس الوزراء كير ستارمر عناصر احزاب اليمين المتشدد بالتسبب في أعمال العنف، وأعلن مساندته للشرطة في اتخاذ إجراءات صارمة بعد مناقشة ازمة الاضطرابات مع عدد من كبار المسؤولين في بريطانيا التي شهدت آخر اعمال عنف في عام 2011، وقت نزول الآلاف إلى الشوارع لخمس ليال متتالية بعد مقتل رجل من أصحاب البشرة السوداء برصاص الشرطة في لندن. إشعال الفوضى لم يلتفت احد نحو المعلومة الحقيقية الخاصة بهوية القاتل، ولم تلتفت مؤسسات التواصل الاجتماعي نحو حجب أو حظر المعلومة المغلوطة ومنح الفرص لتداول منشورات الكراهية وتسبب الامر في تمادى المحتجين؛ ليتحول صدامهم مع الشرطة إلى اعمال عنف وشغب مستمرة وتحولت مدينة سندرلاند في شمال شرق إنجلترا الى مسرح لأخطر الاحتجاجات منذ ليلة الجمعة الماضية؛ حيث اعلن مارك هال، كبير مفتشي الشرطة في منطقة سندرلاند نقل رجال شرطة إلى المستشفى، وكذلك إلقاء القبض على عشرات المحتجين بعد تجمع مئات المحتجين المناهضين للمهاجرين في سندرلاند ممن رشقوا قوات مكافحة الشغب بالحجارة قرب مساجد المدينة بالإضافة إلى قلب سيارات الشرطة وإضرام النار فيها وإشعال حريق بجوار مكتب للشرطة، وعلق هال على الفوضى قائلا: «لم يكن احتجاجًا، كان هذا عنف وفوضى لا يمكن التسامح نحوهما». اصدرت شرطة ليفربول بيانًا اشارت فيه إلى اصابة افرادها أثناء محاولتهم السيطرة على «اضطرابات خطيرة» في وسط المدينة، كما اندلعت احتجاجات عنيفة في بريستول؛ لتنشب اشتباكات بين محتجين معارضين للمهاجرين وآخرين مناهضين للعنصرية وتبادلوا الرشق بالطوب والزجاجات، كما أصيب الكثير من عناصر الامن ورجال الشرطة أثناء محاولتهم منع اشتباكات بين مئات المحتجين من الطرفين، ولفتت السلطات الأمنية الأنظار نحو المساجد في كافة أنحاء البلاد عبر تعزيز إجراءاتها الأمنية ونشر المزيد من عناصر الامن لحمايتها، وامتدت الفوضى إلى تخريب وسلب وحرق المتاجر لتلقي الشرطة القبض على مرتكبي الشغب والاحتجاجات. رفاهية وتحريض مشهد آخر رصدته وسائل الاعلام البريطانية ظهر فيها البريطاني الهارب «تومي روبنسون» مستلقيًا على احد شواطئ قبرص وهو يميني متطرف مؤسس جماعة «رابطة الدفاع البريطانية» وهي مجموعة يمينية متطرفة تتولى مهمة التحريض ضد المسلمين، ونشر الكراهية والعنصرية ضدهم. أصدر تومي، 41 عاما، سلسلة متواصلة من المنشورات التحريضية على وسائل التواصل الاجتماعي من ملجأه الخارجي أثناء هربه وقضائه إجازة مع عائلته تزامنت مع صدور مذكرة اعتقال ضده بموجب صلاحيات مكافحة الإرهاب إلا أنه تغيب عن جلسة المحكمة وهرب خارج بريطانيا. استجاب أنصار تومي إلى دعواته التحريضية، بارتكاب اعمال شغب في جميع أنحاء بريطانيا عبر صفحاته الشخصية عبر السوشيال ميديا، ورصدته كاميرات الصحفيين وهو يستخدم هاتفه بشكل متكرر في وقت نشر المنشورات على حساب «إكس» والتي تدين الشرطة لقمعها أنصاره كما أعاد نشر تغريدة تحذيرية حول المخاطر المترتبة على فرض الرقابة على انتقاداته للإسلام، وكتب أثناء عطلته: «لقد حذرتكم جميعا، إما أن يكون لدينا الحرية أو لدينا الإسلام، ولا يمكن الحصول على الاثنين معا». مساعدة الجيش تشتعل الاحتجاجات واستقرت فكرة نزول قوات الجيش إلى الشوارع لإنهاء حالة الفوضى ووقف الاحتجاجات، تناقلت وسائل الاعلام إدانة وزيرة الشرطة ديانا جونسون، وعضو البرلمان عن حزب العمال، أعمال العنف بعد إصابة المزيد من ضباط الشرطة في أعمال الشغب على مدار ليال متتالية، واشارت الى خطورة مؤسسات التواصل الاجتماعي التي تدفع الى استمرار موجة الاحتجاجات لتشير الى تواصلها مع وزير التكنولوجيا بيتر كايل، لضرورة التعاون مع وسائل التواصل الاجتماعي لحجب المعلومات المضللة عبر الإنترنت التي تشعل المزيد من الفوضى. وحذرت ديانا مثيري الشغب قائلة قائلة: «يجب أن يكون الناس على دراية أن من ينهبون، يجب ان يتوقعوا أن رجال الشرطة سيطرقون ابواب منازلهم في اى وقت لإلقاء القبض عليهم عقابا لهم على مشاركتهم في أعمال عنف وفوضى، وسيتم تقديمهم للمحكمة وستكون هناك عواقب وخيمة، أنوى معاقبة كل من يتسبب في الفوضى والاضطرابات في مجتمعاتنا، يجب التخلص من الأقلية الصغيرة التي انخرطت في أعمال عنف مروعة في شوارع بريطانيا»، وبالفعل خلال يومين فقط تم اعتقال أكثر من 100 شخص في جميع أنحاء البلاد بعد اندلاع أعمال شغب بين المتظاهرين المناهضين للهجرة والمتظاهرين المعارضين لهم، وعند سؤالها حول ما إذا كانت الحكومة ستستعين بالجيش للمساعدة في السيطرة على الاحتجاجات كما يستشعر خبراء الامن، حيث تسود الفوضى في جميع أنحاء البلاد ويضرم المخربون النار في المكتبات والمحال التجارية وبنوك الطعام وغيرها من المرافق العامة، قالت جونسون: «ليست هناك حاجة للاستعانة بالجيش حتى الآن، كشفت الشرطة بشكل واضح أن لديها كل الموارد التي تحتاجها في الوقت الحالي، ولديها كافة الصلاحيات».. اقرأ أيضا : المملكة في خطر.. بريطانيا تحترق بنيران الشغب