د. طارق فهمى إسرائيل قادرة على العمل فى حلبة الاستعدادات الانتخابية الفعالة والمؤثرة التى تعمل عليها السياسة الأمريكية بصرف النظر عن هويتها مع التطورات الجارية فى الخريطة الانتخابية الأمريكية، وانسحاب الرئيس جو بايدن فإن السؤال المطروح ماذا سيكون أمام الولاياتالمتحدة من خيارات للتعامل مع الشرق الأوسط فى ظل الخبرة العربية فى التعامل مع الرئيس السابق ترامب من جانب، والخبرة المتواصلة مع الحزب الديمقراطى ممثلا فى السيدة كامالا هاريس، وهل يمكن التوقف أمام سيناريو قد يكون الأفضل للعالم العربى فى ظل ما يجرى من تحولات مهمة، واحتمالات الذهاب إلى عسكرة الإقليم نتيجة دخول الوكلاء الإقليميين على خط المواجهة، واتساع دائرة المواجهات فى الشرق الأوسط مع استمرار العمل العسكرى المكثف لإسرائيل بصورة كبيرة بحثا عن أمنها وعدم الذهاب إلى خيارات صفرية مكلفة خاصة أن إسرائيل ما تزال تروج لسرديتها الراهنة بأن إسرائيل مستهدفة من سبع جبهات محددة الأمر الذى يتطلب بالفعل قدرة على التعامل والتحرك بصرف النظر عن أى تفكير وارد، ومحتمل للحكومة الإسرائيلية التى تتعامل بمنطق القوة مع التأكيد على قدرتها على إتمام الصفقة فى مرحلتها الأولى وشراء الوقت انتظارا لما هو قادم من متغيرات حقيقية ستلقى بتبعاتها على المشهد السياسى خاصة أن الإدارة الأمريكية القادمة أيا كانت جمهورية أو ديمقراطية ستبقى تعاملاتها لبعض الوقت كما هى عليه وستعمل على الانتظار لحين ترتيب أوراقها فى ظل رهانات أن إسرائيل لن توقف المشهد العسكرى بل ستعمل على فرض الترتيبات الأمنية والعسكرية باعتباره وحده الذى سيوفر الأمن والاستقرار فى إسرائيل. وبالتالى فإن ما تبقى من أشهر لنهاية العام الجارى فإن إسرائيل قادرة على العمل فى حلبة الاستعدادات الانتخابية الفعالة والمؤثرة التى تعمل عليها السياسة الأمريكية بصرف النظر عن هويتها، وهو ما سيؤكد أن لإسرائيل ذراعا كبيرة فى العمل فى الدوائر الأمريكية خاصة أن الاستعدادات للانتخابات الأمريكية ستأخذ وقتا عصيبا ومهما فى إطار ما سيجري، ويطول الأمة الأمريكية التى تتأهب للتغيير ليس فى الأشخاص بل فى السياسات العامة. ومن ثم فإن ما سيطرح سيكون مؤثرا ومهما فى أى توجه تعمل عليه إسرائيل ويتطلب تحركا عربيا مقابلا فى هذا السياق خاصة أن الشرق الأوسط بات ساحة لمواجهات حقيقية وقد تؤدى أحداثه لاندلاع مواجهات كبيرة ما لم يتم الإمساك بعناصر التصعيد والتعامل معها بجدية وعلى أساس أن مسألة غزة هى السبب الرئيس فيما يجرى من تطورات مهمة وعاجلة، وأن العمل على فرض أى تسوية، ولو مؤقتة ستكون مؤثرة وفعالة فى نطاقها السياسى والأمنى فى ظل ترتيبات مرحلية قد تقدم عليها الإدارة الأمريكية عقب وصولها إلى البيت الأبيض، ولعل هذا قد يؤدى إلى مزيد من حالة عدم الاستقرار على اعتبار أن كل تأخير فى فرض التسوية والتهدئة سيكون له مردوده الرئيسى الذى يمكن أن يذهب بكل استقرار فى الشرق الأوسط، وسيؤدى إلى خسائر ليست سياسية بل واقتصادية كبيرة وفى ظل حالة من الترقب والحذر لدى الدول الرئيسة التى ترى أن كل تأخير فى التعامل وعدم الحسم قد يدفع بالمنطقة إلى حافة الهاوية الأمر الذى يتطلب مراجعة عاجلة للمشهد الراهن والفاعل والذى قد يؤدى إلى تبعات مهمة يمكن التعامل معها فى الواقع الحالي، وعدم تأخير البحث عن حل ولو مؤقتا، وهو ما يفسر سبب الإقدام على الحل عبر المقترح الأمريكى فى غزة وإتمام صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين والانتقال تدريجيا خطوات إلى الأمام خاصة مع إدراك الجانب الإسرائيلى بضغوطات الداخل، وثورة الأسر والعائلات على كل تأخير، خاصة أن الوصول إلى ما بعد نوفمبر المقبل سيؤدى إلى تبعات خطيرة ينبغى التعامل معها بسرعة عاجلة وملحة بصرف النظر عن أى سلوك أمريكى مقترح وفى أى سياق محدد ومعين قد يدفع إلى احتمالات انتظار أى تغيير وارد فى الانتخابات الأمريكية الراهنة والانتقال تدريجيا إلى مساحات من التوافقات خاصة أن الرئيس الأمريكى السابق لديه مشروعه المعدل لصفقة القرن، والتى قطع فيها شوطا فى إدارته السابقة ومن ثم فإنه قد يقدم على خيارات صفرية تضر بالواقع العربى والفلسطيني. ومن ثم فإن دول الشرق الأوسط مطالبة بضرورة تحديد منهج للعمل والتأهب لكل السيناريوهات المحتملة والواردة على المصالح العربية فى مواجهة المخطط الإسرائيلى لتغيير قواعد التعامل ومواجهة كل خطر يهدد أمنها مع الوضع فى الاعتبار أن استمرار توظيفها للقوة سيظل على رأس أولوياتها لفرض الأمن والاستقرار للجمهور الإسرائيلى واسترداد مكانتها فى الإقليم بأكمله.