في الرابع من يوليو، وهو ذات اليوم الذي يعرف بعيد الاستقلال في الولاياتالمتحدةالأمريكية، تخرج علينا باميلا بول، كاتبة عمود رأي في النيويورك تايمز، معلنه عن استيائها من استخدام الدين للعب على عقول وعقيدة الناخبين اللذين سيدلون بأصواتهم قريبا في نوفمبر القادم. كشفت باميلا، التي اشتهرت كتاباتها في مجالي الثقافة والسياسة عن منهجها الفكري والعقائدي، إذ أوضحت أنها تتبع المنهج العقلاني. في حين ينظر النخب والساسة إلى الذين لا تنبع مبادئهم من الإيمان بالله، بوصفهم "ليس لديهم أي إيمان على الإطلاق"، وهي تنفي عن العقلانيين تلك الصفة، موضحه أن لديهم إيمان بالعلم والإنسانية، حتى وإن كانت الإنسانية مخيبة للآمال. وعنونت الكاتبة مقالها تحت "عندما يتحدث السياسيون عن القيم الصهيونية المسيحية، هناك ما يقلق" لأن أمريكا لم تتأسس كأمة مسيحية كما تقول، إنما هي بلد تعددي الديانات. في لويزيانا، على سبيل المثال، 2% من السكان هم من أتباع الديانات الأخرى، بما في ذلك الإسلام، والبوذية، واليهودية، والهندوسية. فضلا عن 13 ٪ هم من غير المتدينين، بالإضافة إلى 4 ٪ ملحدين. وفي أوكلاهوما، هناك نسبة مماثلة تتبع ديانات غير مسيحية، ونسبة أكبر 18% لا تعتنق أي دين. اقرأ أيضا | «فنلندا» تمنح أمريكا إمكانية الوصول إلى 15 منشأة عسكرية على أراضيها استهلت باميلا كلامها قائلة، الشهر الماضي شهد حالتين صارختين. حيث قدم المسؤولون الجمهوريون قوانين الولاية التي تضفي طابعًا رسميًا على مبادئ الحركة الصهيونية المسيحية، على حد تعبير الرابطة الوطنية للمشرعين المسيحيين، "نبذل كل ما في وسعنا لاستعادة الأساس اليهودي المسيحي لأمتنا". بناء على ذلك التغيير، وقع حاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري، على تشريع يلزم الفصول الدراسية العامة بعرض الوصايا العشر، وهو الأمر الذي اعتبرته المحكمة العليا غير دستورية من قبل في عام 1980. ومن أجل أصوات الناخبين، أيد دونالد ترامب، القرار قائلاً: "أنا أحب الوصايا العشر". الوصايا في المدارس العامة، والمدارس الخاصة، والعديد من الأماكن الأخرى. وبعد أسبوع واحد، أعلن رايان والترز، مشرف التعليم العام في أوكلاهوما عن خطط لفرض تدريس الكتاب المقدس في المدارس العامة. قال والترز إن تعلم الكتاب المقدس ضروري "لفهم أساس نظامنا القانوني". وتستطرد باميلا موضحه، في كلتا الحالتين، بالنسبة لكل من ترامب والمتدينين الحقيقيين، لا يهم أن التعديل الأول بالدستور والذي ينص على حرية الدين أو لا دين، كان المقصود منه حماية الدين من الدولة، وليس جعل الدولة تفرض الدين. هدفهم هو فرض شكل واحد من أشكال الدين، وهو المسيحية، والهدف الأساسي هو أن الذين لا يشتركون في ذلك سوف يضطرون إلى الخضوع. ولم يقتصر الأمر على إعلان عدم دستورية مثل هذه التحركات. وفي دعوى تتحدى قانون لويزيانا، أشارت منظمة أمريكيون متحدون من أجل فصل الكنيسة عن الدولة إلى أنه من بين طلاب الولاية البالغ عددهم حوالي 680 ألف طالب، لا يمارس الكثير منهم أي دين على الإطلاق. رداً على ذلك، دعا لاندري أتباعه إلى "الدفاع عن القيم اليهودية المسيحية". وتتساءل الكاتبة إذا كان لاندري يقصد "العين بالعين" أو رجم العصاة؟. في حين أن معظم الوصايا العشر تتضمن مبادئ عالمية، ويمكن العثور على المبادئ الأخلاقية في الكتاب المقدس، إلا أنه لا يستمد الجميع مبادئ توجيهية أخلاقية من الدين. وعندما تقول الوصايا العشر: "لا يكن لك آلهة أخرى أمامي"، فهذا يعني أن هناك إلهًا حقيقيًا واحدًا. وكما تري باميلا، هذا بالتأكيد ليس صحيحا بالنسبة لجميع الأميركيين. حيث يتبنى بعض الملحدين والإنسانيين العلمانيين المثل الأعلى الذي طرحه فيليكس أدلر، مؤسس جمعية الثقافة الأخلاقية، والذي يعتمد على الفعل قبل العقيدة، وبمعنى أن الطريقة التي نتصرف بها أكثر أهمية بكثير مما ندعي أننا نؤمن به. عندما يتعلق الأمر بالوصايا العشر، فإن أربعًا من الوصايا العشر (ثلاثة إذا كنت كاثوليكيًا) تتعلق بشكل معين من أشكال العبادة مع إله معين. على سبيل المثال، وتضرب باميلا بنفسها المثل قائلة: أنا أؤيد قاعدة ضد القتل، ولكن بطريقة ما أستباح الكثيرون عمليات القتل باسم الإله. وهناك الكثير مما يجب شرحه في الكتاب المقدس للصهيونية المسيحية إذا كنت تعتقد أنه كتاب مقدس، مثل قبوله للعبودية. بالنسبة لي، الاهتمام الأساسي للكتاب المقدس هو تأثيره التاريخي والأدبي، وهو العمل الذي تغلغلت قصصه واستعاراته في الأدب. ولكنها أيضًا، على مر التاريخ، ألهمت وحرضت على العديد من أعنف حروب العالم وأكثرها فتكًا. في الأوقات العادية، يتم القضاء على كل هذا بسرعة من قبل المحاكم. لسوء الحظ، أظهرت الأغلبية المحافظة في المحكمة العليا أنه، مثل العديد من السياسيين الجمهوريين، عندما يتعلق الأمر بحرية الدين فإن هؤلاء القضاة على استعداد لوضع عقيدتهم فوق كل شيء آخر. في الرابع من يوليو، دعونا نضع في اعتبارنا أن ما يقدره العديد من الأمريكيين في هذا البلد هو تضمينه وحماية الجميع، بغض النظر عن معتقداتهم. وفي سعيهم إلى فرض معتقداتهم الدينية على الآخرين أو إثبات حسن نواياهم المسيحية المحافظة، يميل الجمهوريون بشكل أكبر إلى أسلوب الإقصاء. ويدعم التيار السائد من الجمهوريين البارزين مبادئ الحركة الصهيونية المسيحية، والتي غالبًا ما تدمج معاداة السامية والآراء المعادية للمسلمين في عقيدتها. وربما ليس من قبيل المصادفة أن يحدث هذا لأن العديد من المسيحيين يفرون بسبب النفاق والتعصب الذي شهدوه.. وأخيرا تدعو الكاتبة الجميع بمناسبة عيد الاستقلال إلي اعتبار أن ما يقدره العديد من الأميركيين في هذا البلد هو شموله وحمايته للجميع، بغض النظر عن معتقداتهم.