تشهد السياسة الأمريكية تجاه الحرب في أوكرانيا تحولاً ملموساً، حيث بدأ البيت الأبيض يعدل خططه وأهدافه. فبعدما كان الدعم العسكري الأمريكي يركز على تمكين أوكرانيا من شن هجمات مضادة واسعة النطاق، تشير تقارير صحفية حديثة إلى تحول نحو الدفاع. ذكرت مصادر في البيت الأبيض أنه سيتم التركيز على مساعدة أوكرانيا في الدفاع عن أراضيها وحماية حدودها من اجتياح جديد محتمل من القوات الروسية. وهو ما يدل على تعديل واضح في الهدف الإستراتيجي الأمريكي من الحرب. فما الذي دعا إلى هذا التحول الهام؟ وما تداعياته على مستقبل الصراع في أوكرانيا؟ في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست اأمريكية، نقلت عن مسؤول كبير في البيت الأبيض توضيحه أنه "سيكون من الصعب على القوات الأوكرانية أن تحاول القيام بنفس النوع من الهجوم المضاد على جميع الجبهات الذي حاولت القيام به العام الماضي" وفي ضوء ذلك، أصبح الأمل الآن أقل طموحا بكثير، وهو ضمان عدم خسارة كييف لمزيد من الأراضي لصالح موسكو، حسبما قال الموظف الذي لم يذكر اسمه للصحفيين. ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أن الجيش الأوكراني سيجلس في خنادقه، مع احتمال حدوث ما يوصف بأنه "تبادل للأراضي" في المدن والقرى الصغيرة، حسبما قال المصدر للصحيفة الأمريكية . وبالمثل، ذكرت صحيفة بوليتيكو أن واشنطن وبروكسل أدركتا أن "النصر الكامل" لأوكرانيا غير مرجح، على الأقل في عام 2024، وأن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي يعيدان توجيه جهودهما بصمت نحو تسوية تفاوضية نهائية، في الوقت الذي ذكرت فيه واشنطن بوست أن الجيش الأوكراني في منطقة زابوروجي يستعد بالفعل لمحاكاة خط الدفاع الروسي الذي أوقف تقدمه في الصيف الماضي. ويريد داعموا كييف الغربيون أيضًا أن تركز بشكل أكبر على الهجمات الصاروخية بعيدة المدى ضد القوات الروسية، بما في ذلك أسطول البحر الأسود المتمركز في شبه جزيرة القرم. وعلى المدى الطويل، تفيد التقارير أن إدارة بايدن تأمل في إبرام اتفاقية أمنية مدتها عشر سنوات مع أوكرانيا في وقت مبكر من هذا الربيع، على غرار الاتفاقية الموقعة مؤخرًا بين لندن وكييف. وبموجب الاتفاق المرتقب، ستلتزم واشنطن بتعزيز الجيش في كييف وكذلك تعزيز قاعدتها الصناعية والتصديرية، من بين أمور أخرى، حسبما يزعم تقرير واشنطن بوست . ومع ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن هذه الخطط تتوقف على إعطاء الكونجرس الضوء الأخضر لطلب التمويل الذي قدمه الرئيس بايدن بقيمة 61 مليار دولار، حيث يبدو الجمهوريون متشددين أكثر من أي وقت مضى. ووفقا للتقرير، من المأمول أن يجعل اتفاق واشنطن طويل الأمد مع أوكرانيا من الصعب على المرشح الجمهوري الأوفر حظا دونالد ترامب خفض المساعدات، في حالة فوزه في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر. وقد شكك ترامب مرارا وتكرارا في استمرار مخصصات بلاده السخية لكييف، وتعهد، إذا عاد إلى البيت الأبيض، بإنهاء إراقة الدماء "في يوم واحد، 24 ساعة". في الأسبوع الماضي، ذكرت شبكة سي إن إن أن إدارة بايدن كانت تأمل في الحصول على "أكبر قدر ممكن من المساعدة قبل يناير 2025" وسط مخاوف من أن ترامب قد يخنق تدفق الأموال، إذا أعيد انتخابه.
