وفقا لتقرير الأممالمتحدة لعام 2012، فإن دولة هندوراس تعد البلد الذي يشهد أعلى نسبة من الجرائم في العالم مع تسجيل 90.4 جريمة قتل لكل 100 ألف نسمة، وهو رقم ضخم جدًا. تعيش المرأة في بعض الدول حياة خطرة ومأساوية، تواجه الخطف والاغتصاب وكثيرا ما تنتهي حياتها بالقتل لأسباب تافهة ولا تجد من يقتص لها، وتأتي على رأس هذه الدول هندوراس، وهي واحدة من أصغر الدول في أمريكا الوسطى، ربما لا نسمع عنها الكثير ولا نعرفها إلا أثناء إقامة مونديالات كرة القدم أو أثناء تنظيم حفلات اختيار ملكات جمال الكون، ولكن الغريب حقا أن البلد الذي يشهد حفلات ملكات الجمال تعتبر هي أخطر وأكثر الأماكن سوءا التي قد تعيش فيها النساء في العالم. المرأة في هندوراس تعيش مأساة حقيقية، ليس فقط بسبب ما تتعرض له من قمع وانتهاك لحقوقها، ولكن لغياب الرادع القوي والعقاب القاسي الذي يمنع تكرار ما يحدث لها. ومنذ عدة أيام طالعتنا صحيفة الديلي ميل البريطانية بنشر مأساة لسيدة من هندوراس فقدت "قدميها"، وأصبحت قعيدة لمجرد رفضها الاستمرار مع زوجها، الذي رد بدوره على طلبها بهذا الانتقام البشع. وروت هايدي هرنانديز، وهي أم لطفلين من سان بدرو سولا المدينة الأكثر عنفا في هندوراس، مآساتها لمذيعة البي بي سي، حيث بدأت حديثها قائلة، إنها تعتبر نفسها محظوظة لقيام الإعلام بعرض قصتها، إذ أن الكثيرات من الفتيات يتعرضن للقتل لأسباب ودوافع مختلفة دون أن يهتم بهن أحد أو يلقي الضوء على مشاكلهن. واستطردت هايدي قائلة، بأن ما دفع زوجها لارتكاب هذا العمل الرهيب، وقوع مشادة كلامية عقب عودتها من زيارة والدها، حيث نظر إليها بغضب قائلًا أنه سأم الحياة معها وأصبح يشعر بالضيق من حياتهما معا. فردت عليه هايدى بأنه إذا كان قد سأم الحياة معها بإمكانها تركه، وبمجرد أن نطقت هذه الجملة فوجئت به يستل ساطورا ويقوم بالهجوم عليها بوحشية، قائلًا بأنه لن يسمح لها بتركه وبعدها قام بقطع قدميها واحدة منهما تم قطعها إلى الكاحل والساق، والأخرى قُطعت حتى منتصفها. وقامت الضحية بعد هذا الهجوم بإجراء جراحة عاجلة لإنقاذ حياتها، ولكنها لم تعد تستطيع ممارسة حياتها بصورة طبيعية بمفردها، إذ أنها دوما في حاجة لمساعدة الآخرين. وأضافت هايدي أنها يائسة ولا تنتظر حكما عادلا، على الرغم أن إثبات هذه الجريمة على زوجها سيقذف به خلف القضبان لأربعين عامًا، ولكن وضعها المالي لا يسمح لها بتحمل نفقات المحاماة وهو ما سيجعل العدالة لا تأخذ مجراها وقد تخفض مدة عقوبة الزوج لسنتين فقط!. أسباب تافهة وحين توجهت مذيعة البي بي سي لأحد السجون للاستماع إلى مبررات بعض الرجال الذين أقدموا على قتل نساء، صُدمت من الأسباب التي كانت في غاية التفاهة، فهناك من قتل زوجته لأنها لا تهتم به، وهناك من كان يرى أنها تستحق القتل لأنها لم تفهمه جيدا، أسباب عديدة لا ترتقي لمستوى يجعل إنسانة تفقد حياتها من أجله. يذكر أن القتل يعتبر السبب الرئيسي للوفاة بين الفتيات في هندوراس، وأن أعداد النساء المقتولات في المناطق الواقعة على الحدود مع جواتيمالا والسلفادور ونيكاراجوا قد تضاعف ثلاث مرات خلال العقد الماضي، وليس غريبا أن يتم العثور على الجثث في الشوارع. وقد نشرت إحدى الصحف في هندوراس تقريرا يعود للأمم المتحدة أوضحت فيه أن 4000 امرأة تم قتلهن في الفترة بين 2002 و2013، هذا الرقم الضخم دفع الدولة الصغيرة لتعتلي مرتبة الدول الأكثر عنفا حول العالم. غياب الأمن والتمييز ضد المرأة..أهم الأسباب الأغرب أن غالبية الجرائم تمر دون عقاب أو لا يتم الإبلاغ عن فاعلها من الأساس وهو ما جعل معدل الجريمة يزداد عاما بعد الآخر، وتنتشر أيضا إلى جانب حوادث القتل والعنف ضد المرأة جرائم المخدرات والسلاح والتي تمر أيضًا دون عقاب قوي، كما تسبب غياب الأمن في انتشار كافة أنواع الجريمة. سببا أخر ساعد على زيادة جرائم العنف ضد المرأة وهو انتشار الثقافة الذكورية بين الرجال هناك، إذ يتعاملون مع المرأة على اعتبار كونها مواطنة من الدرجة الثانية، ولا يحق لها ما يحق للرجال. من جهته أشار أمين المظالم في هندوراس بأن السبب رقم واحد لجرائم القتل هو العنف المبالغ فيه والذي تسبب في فقدان أمرآة كل 13 ساعة في 2013. ولم تقف الجريمة ضد المرأة على القتل فقط بل وصلت للاغتصاب وهو أبشع من القتل، وغياب العقاب جعل هذه الجريمة تنتشر بصورة مرعبة إذ أن مرتكبها يرى أن المرأة الفاتنة المثيرة تستحق ذلك ولا يجد فيما يرتكبه أي ذنب. ونظرا لقيام الحكومة المتأثرة بالكنيسة الكاثوليكية، بمنع عمليات الإجهاض لغير المتزوجات، فقد أدى ذلك إلى وجود عدد كبير من الأبناء الغير شرعيين لفتيات قد لا تتجاوز أعمارهم في بعض الأحيان ل11 عام فقط. وأجمعت العديد من المنظمات الدولية إلى أن الإفلات من العقاب وقمع المرأة وغياب الردع يؤدوا بطبيعة الحال إلى تقويض سيادة القانون.