تنشر "بوابة أخبار اليوم" نص كلمة رئيس اتحاد البنوك الإسلامية واتحاد الغرف التجارية الإسلامية، الشيخ صالح كامل، خلال مشاركته في مؤتمر أخبار اليوم الاقتصادي.. وإلى نص الكلمة: بسم الله ، والحمدلله ، رب العالمين ،والصلاة والسلام على أنبياء الله ورسله أجمعين ،وعلى من أرسله رحمة للعالمين . الإخوةُ والأخوات .. السلامُ عليكم ورحمة الله . سعيدُ أن ألتقى بكم في مصر الحضارة ، وفى أحضان التاريخ والاصالة ، يأهل الفكر والفنون والعمارة . فعلى أرضكم عادةً ما ينمو الحبُ ويزدهر الأمل .. حينما تحضن مصركم ، قوافل الخير ودعاة الإنماء والعمل .. الذين جاؤا إليكم في إعقاب ثورة مجيدةٍ رائده ، لاحت تباشُيرها مع الثلاثين من يونيو عزيزةً خالده .. إكتنفتها عنايةُ الإله الواحد الاحد .. الذى سخر لها أباةً من الشعب ، وحماةً بإذنه من قواتها الباسلةٍ المسلحة ، أما الأباةُ ففاقوا الثلاثين مليوناً عدداً ، وأما الحُماةُ فكانوا الجيش كله دروعاً ومَدَداً ، على رأسهم القائد العام عبدالفتاح السيسى الفريق أول والمشير ، رئيس مصر اليوم مُعيناً بعد الله وسنداً . وكم كانت إرادة ُ الله بالغةً أمرها .. حين سخر لها .. ملوكاً وأمراء وقادةً أوفياء كان في مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين ، الملك الأمين عبدالله بن عبدالعزيز رعاه الله ، وأبناء زايد المخلصين وعلى رأسهم الشيخ خليفة وأخوه الشيخ محمد . ذلك أنهم وكغيرهم من الصادقين ، يعرفون مصر ، ويعرفون أهلها وأنهم في رباط الى يوم الدين . ويعرفون جندها كنانةَ الإسلام والمؤمنين . وصدق مؤسس المملكة العربية السعودية وموحدها الملك الامام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود يرحمه الله حين قال :"إن مصر والمملكة العربية السعودية هما بحق جناحاً هذه الامة . ومن هذا المنطق الثابت واليقين الدائم .. جاءت دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمؤتمر داعمٍ لمصر .. خاصةً بعدما تأكد للدنيا شرقاً وغرباً ، أنها ثورةُ هيأ الله لها العوامل والأسباب.. وليست كما يزعمون إنقلاب . " قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)آل عمران ) وأرجو أن لا يستغرب البعضُ منكم مشاركتى في هذه الجلسة الإفتتاحية ، فأنا هنا أسعد بالحديث اليكم ، ليس كمستثمر رغم أنى باشرت الاستثمار في مصر منذ مطلع سبعينيات القرن الماضى .. ولكنى أتحدث اليوم بصفتى من المهتمين بشئون الأمة وهموم العامة .. الباحثين والحريصين على وحدة اقتصادية عربية وإسلامية شاملة ..والكل يعلم أننى لم أكن يوماً من دعاة وحدةٍ سياسية . وياليتنا ركزنا منذ ذلك الحين على السوق الإسلامية التي دعى إليها الملك فيصل بن عبد العزيز يرحمه الله . في نطاق دعوته المخلصة للتضامن الاسلامى .. وذلك قبل أن تُقدم أوربا على وحدتها الاقتصادية والتي أخرجت اليوم واقع السوق الأوربية المشتركة .. وحققت من خلالها وحدتها السياسية والفكرية والرياضية والعسكرية ، رغم تباين الأعراف وإختلاف الأذواق وتعدد المشارب .. بينما نحن لم نصل بعد الى وحدةٍ عربية ولا سوق إقتصادية ، رغم كلَّ ما يتوفر لنا من عواملها وعناصرها ، لغةً ومعتقداً .. بل ذهبنا في طرائق قددا ، ولم يربو لنا عملاً ولا جهداً ، وللأسف وصل بنا الامر الى تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ ، حتى راح البعضُ يخشى بحكم ما يحدث اليوم من أن تعود دول المدينة ، وإمارة الاحياء . ومن هنا أرى لزاماً على أن أقدم اليوم رؤية إستشرافيةً لحكومة جمهورية مصر العربية ، وللحكومات التي ستشارك في هذا الدعم والمساندة ، أسهم فيها بفكرى المتواضع والذى إكتسبتهُ على مدار العقود الأربعة الماضية في بلدى الحبيب وفى مصر العزيزة وغيرها من الدول الإسلامية . وأحمدُ الله أن فكرى يتمحور منذ البداية في حسٍ إيمانى بأن خالق الكون جل في علاه ، حينما خلق الدنيا وضع لها منهاجاً إذا ما تم إتباعه سيكون فيه خير الدنيا والأخرة والتي لا يمكن فصلها عن الدنيا .. ولا يصح العكس إيضاً ، ولقد تمثلتُ هذه الرؤيا في كل أديان السماء ، والتي لا يتعارض صحيحها مع بعضها البعض فواضعها واحد ورافعها واحد. وكما إعتدنا ونحن نتبع شريعة السماء ، ومنهج الخالق بكل ما حوت من وضوح وما أكدت من حقائق ، وما بشرت من نتائج .. ولذا فإن ما نستشرف من رؤا ونستهدفُ من سياسات ، وما ترجوه الدولة من آمال ، يجب أن تكون جميعها واضحةً مدموغةً بالوقائع والحقائق ليكون الحصادُ بحول الله مُبشراً وواعداً .. وعلى قدر الطموحات والأمال التي يتوخاها الشعب المصرى النبيل ونرجوها جميعاً لأم الدنيا وحسناء الزمان . إن علينا أيها الأخوةُ والأخوات وبدءً من جلسة الافتتاح ومن خلال كل جلسات هذا المؤتمر المبادر أن نحدد ما هو الطريق الإقتصادى الذى ستسلكه الدولةُ المصرية العتيده .. هل هو أقصى اليمين ، أم هو أقصى اليسار أم هو الوسطُ الممدوحُ دائماً من الله تعالى وهو الذى جعلنا أمةً وسطا . ولقد أكد الموروث دائماً : أن خير الأمور الوسط . ذلك أن الوسط يتسم بالعدل دائماً والعدل أساس الملك ، وميزان الحكم ، الذى لا ترجح له كفةٌ إلا بحقها ، ولاتتعادلُ فيه الكفتان إلا بالحق . فإذا لم تكن العلاقة عادلةً بين الحاكم والمحكوم ..وبين أفراد الشعب في العموم ..وبين العمال وأصحاب الاعمال بما يحقق مجتمع العدل والرخاء وينجز الأمال ، وهى متطلبات البشر في البدو والحضر .. وإلا فكل البرامج والسياسات الاقتصادية والمالية ستراوح مكانها ، ويستشعر الناس الخطر . فقد جرب الناسُ الإشتراكية البشعه ، وذاقوا ويلات الرأسمالية الجشعه ولا أظننى أستبق الأمور إذا ما تنبأتُ بأن الخيار في مصر لن يتعدى المنهج الوسطى الذى تُراعى فيه كافةُ الحقوق ..لأن هذا المنهج ذاتُه يؤكدُ ألا حقوق بغير إلتزامات ، رافضاً دعوى أن كل شيء نُدخلُهُ في حقوق المواطن .. وإلا فأين تذهب مسؤلياته ؟! وهو المستهدف بالتنمية وهو المقصود بالإنماء ؟! ومن هنا كان لزاماً أن يتصدر قاموسُ التنمية هذا الجانبَ .. توعيةً وتعويداً للناس وتعوداً لأنفسنا .. إسهاماً في تعديل المفاهيم ووزن الأمور وعدلها . ولعل من المزايا التي أنعم الله بها على مصر في هذا الوقت بالتحديد ، ما تعود أن يردده فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى ، قبل وأثناء وبعد إنتخابه : أن المعركة طويلة ومتعبةُ وتحتاج الى عمل الجميع معاً ، وليس الى مسايرة المطالب الفئوية ، مُحقةً وغير مُحقةٍ .. ولكن كل شيء ممكن في حدود إمكانات الدولة ، وأولوية المطالب من وجهة نظر وطنية محضه . أيها الجمعُ الكريم : مع كل ما أكنه من تقدير وإحترام لمؤسسة الأخبار الرائدة والداعية لهذا المؤتمر الجسور ، إلا أننى أزعمُ أنه وحده لا يكفى أن يخرج بمحصلة واضحة ، ولكنه علامة على الطريق ترشدُّ الى عناوين عريضةٍ ،ويسهم بقدر أو بأخر في جذب الاهتمام ولفت الإنتباه ، أداءً لدور إعلامى مطلوب .. بل مرغوب في هذه الأوقات من أجل تهيئه مطمئنة للرأي العام الذي يشكل للأمم المتحضرة قوة دفع تقدر اذا ما أقنعت واقتنعت علي القيام بدور مشترك في إطار عمل جماعي واضح جلي الرؤا ..وهو الأمر الذي لم ينفك يدعو اليه زعيم البلد ورئيسه وفقه الله ولهذا قلت إن مؤتمرنا هذا وحده ليس كافيا وان جاء دافعا ومحفزا ذلك أن صناعه وصياغه رؤيه إستشرافيه لبلد محوري مثل مصر ، يتطلب عمل عام كامل بل عامين ، إذ لابد من إقامه مجموعات عصف ذهني تُشكل من مفكري هذا الوطن الشامخ ، والذين ظلوا علي مدي الأيام فنارات ترشد المبحرين من حولهم ، ومنارات تصدح بالفكر والثقافه وقنوات تعبر منها السفن والسفين لتبلغ كل مرفأ أمين . إنه زمن العقول المصرية النيره ، مصر الزاخره بشتي صنوف المعاهد والمراكز البحثية والمجالس الوطنيه ، وجهاز كالجهاز المركزي للتعبئه العامه والإحصاء والذي هو الاداةُ الرئيسية لأي إستشراف للمستقبل ، وقد تواصلت معهم مؤخراً وفوجئت بما يحويه هذا الجهاز من كنوز ثمينه ، التي تختصر الزمن لكل من أراد أن يضع خطه لمكافحه البطالة أو إنماء المحافظات ، وأشهد أنه عمل لم أعهده او أشهده فى جهات وأجهزه حكومية مشابهة...... في دول أخري ، ذلك أن الإحصاء والمؤشرات هي الطريق السليم لأي خطه ناجعه ولأى تخطيط ناجح من أجل الغد والمستقبل . أيها الأخوه والأخوات لقد مرت بنا ثورات وثورات ، ولكن المؤكد أن ثوره الثلاثين من يونيو هي ثوره شعبيه جارفه ، إستنقذ الله بها الإسلام ومصر والمنطقه بأسرها ، بمن سخرهم لها . ولا أريد أن أخوض في ثورات الربيع العربي ، ومن خطط لها ومن اشرف علي تنفيذها ، فيكفيها ذلك الإسم المضلل "الربيع العربي " وهي في الواقع "اللهيب العربي " وما سموه بالفوضي الخلاقه والفوضي لغه وشرعا ضد النظام ، فهي بالتالي أسوأ من أسوء نظام ، وبعد ثوره يونيو الحقيقيه ، فإننا في حاجه إلي" ثوره قانونيه " ولقد عاصرت إثنين من روادها في عالمنا الإسلامي الأول السيد مهاتير محمد باني نهضه ماليزيا الحديثه والثاني المرحوم توركت اوزال في تركيا ، وكنت قريبا منهما وتعلمت وساهمت معهما ، وتأكد لي أن الثوره القانونيه هي التوثيق الحقيقى والضمان الذاتي لثورة الشعب .. ذلك أن الثورة القانونية التي كانا يطبقانها ، هي تحديد غايةٍ لكل قانون . وأعتقدُ أن غايتنا في منطقتنا الان ، هي إرساء العدل و الأنماء ، الذى هو الإعمار ، هذه الكلمةُ التي قصرها العرب على المباني فقط . والغايةُ الثالثة هي التشغيل وهو الدرع الذى تتكسر على صلابته سهام البطالة حتى تتفتت سهماً إثر سهم . أما القوانين فلها غاياتُ فرعية . فإذا ما وضعت غاية معينة نكتب لها قانوناً في صفحتين أو ثلاث لا يشير الى قوانين سابقةٍ ، ولا يعد بموازيةٍ أو لاحقة . وإنما نحصر كل ما يحكم الموضوع في نصٍ واحد واضح وصريح ويختم بمادةٍ خاتمة ، تنصُ على أن كل ما سبق من قوانين في هذا الشأن لاغية وذهبت في خبر كان . فإن لم نفعل ذلك ، خاصة في مصر ، بلد الحضارة الممتدة عبر الأف السنين قبل الميلاد وبعده .. مع كل ما في ذلك من ميزة وفخر ، فسنجد أنفسنا مرةً أخرى ، نستخرج قوانين من عهد خفرع ومنقرع وكل من شاء بلع . ومن هنا ومن أجل هذه الثورة القانونية فإن علينا الإستفادة من ثروات مصر البشرية وقدراتهم الفكرية والإبداعية بأشراكهم في قاطرةٍ موازيةٍ للبرلمان المرتقب بعون الله والذى هو تمثيل جهوى ، بينما سيشكل هؤلاء العلماء الجهابذةُ برلماناً فئوياً ، بكل ما منحهم الله فرداً فرداً من طاقات علمية وقدرات عملية . وبالطبع فإن مصر اليوم في حاجة الى القاطرتين معاً ، لتحقيق طاقة الدفع القصوى لتسريع عجلة التنمية ، ولقطع أشواط أكبر في زمنٍ أقصر . وذلك ما يطالب به فخامةُ رئيس الجمهورية الذى يرى في الوقت حاجزاً لابد من قفزة دون تردد أو خوف ، وبكل قوة وثقةٍ .. أو ليس مصرياً من قال : وما نيل المطالب بالتمنى ولكن تؤخذُ الدنيا غلابا وما أستعصى على قوم منالُ إذا الإقدام كان لهم ركابا وفقكم الله وحفظ مصر وأهلها وحفظ لها كل المخلصين والأوفياء شعوباً وقادة وزعماء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته تنشر "بوابة أخبار اليوم" نص كلمة رئيس اتحاد البنوك الإسلامية واتحاد الغرف التجارية الإسلامية، الشيخ صالح كامل، خلال مشاركته في مؤتمر أخبار اليوم الاقتصادي.. وإلى نص الكلمة: بسم الله ، والحمدلله ، رب العالمين ،والصلاة والسلام على أنبياء الله ورسله أجمعين ،وعلى من أرسله رحمة للعالمين . الإخوةُ والأخوات .. السلامُ عليكم ورحمة الله . سعيدُ أن ألتقى بكم في مصر الحضارة ، وفى أحضان التاريخ والاصالة ، يأهل الفكر والفنون والعمارة . فعلى أرضكم عادةً ما ينمو الحبُ ويزدهر الأمل .. حينما تحضن مصركم ، قوافل الخير ودعاة الإنماء والعمل .. الذين جاؤا إليكم في إعقاب ثورة مجيدةٍ رائده ، لاحت تباشُيرها مع الثلاثين من يونيو عزيزةً خالده .. إكتنفتها عنايةُ الإله الواحد الاحد .. الذى سخر لها أباةً من الشعب ، وحماةً بإذنه من قواتها الباسلةٍ المسلحة ، أما الأباةُ ففاقوا الثلاثين مليوناً عدداً ، وأما الحُماةُ فكانوا الجيش كله دروعاً ومَدَداً ، على رأسهم القائد العام عبدالفتاح السيسى الفريق أول والمشير ، رئيس مصر اليوم مُعيناً بعد الله وسنداً . وكم كانت إرادة ُ الله بالغةً أمرها .. حين سخر لها .. ملوكاً وأمراء وقادةً أوفياء كان في مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين ، الملك الأمين عبدالله بن عبدالعزيز رعاه الله ، وأبناء زايد المخلصين وعلى رأسهم الشيخ خليفة وأخوه الشيخ محمد . ذلك أنهم وكغيرهم من الصادقين ، يعرفون مصر ، ويعرفون أهلها وأنهم في رباط الى يوم الدين . ويعرفون جندها كنانةَ الإسلام والمؤمنين . وصدق مؤسس المملكة العربية السعودية وموحدها الملك الامام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود يرحمه الله حين قال :"إن مصر والمملكة العربية السعودية هما بحق جناحاً هذه الامة . ومن هذا المنطق الثابت واليقين الدائم .. جاءت دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمؤتمر داعمٍ لمصر .. خاصةً بعدما تأكد للدنيا شرقاً وغرباً ، أنها ثورةُ هيأ الله لها العوامل والأسباب.. وليست كما يزعمون إنقلاب . " قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)آل عمران ) وأرجو أن لا يستغرب البعضُ منكم مشاركتى في هذه الجلسة الإفتتاحية ، فأنا هنا أسعد بالحديث اليكم ، ليس كمستثمر رغم أنى باشرت الاستثمار في مصر منذ مطلع سبعينيات القرن الماضى .. ولكنى أتحدث اليوم بصفتى من المهتمين بشئون الأمة وهموم العامة .. الباحثين والحريصين على وحدة اقتصادية عربية وإسلامية شاملة ..والكل يعلم أننى لم أكن يوماً من دعاة وحدةٍ سياسية . وياليتنا ركزنا منذ ذلك الحين على السوق الإسلامية التي دعى إليها الملك فيصل بن عبد العزيز يرحمه الله . في نطاق دعوته المخلصة للتضامن الاسلامى .. وذلك قبل أن تُقدم أوربا على وحدتها الاقتصادية والتي أخرجت اليوم واقع السوق الأوربية المشتركة .. وحققت من خلالها وحدتها السياسية والفكرية والرياضية والعسكرية ، رغم تباين الأعراف وإختلاف الأذواق وتعدد المشارب .. بينما نحن لم نصل بعد الى وحدةٍ عربية ولا سوق إقتصادية ، رغم كلَّ ما يتوفر لنا من عواملها وعناصرها ، لغةً ومعتقداً .. بل ذهبنا في طرائق قددا ، ولم يربو لنا عملاً ولا جهداً ، وللأسف وصل بنا الامر الى تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ ، حتى راح البعضُ يخشى بحكم ما يحدث اليوم من أن تعود دول المدينة ، وإمارة الاحياء . ومن هنا أرى لزاماً على أن أقدم اليوم رؤية إستشرافيةً لحكومة جمهورية مصر العربية ، وللحكومات التي ستشارك في هذا الدعم والمساندة ، أسهم فيها بفكرى المتواضع والذى إكتسبتهُ على مدار العقود الأربعة الماضية في بلدى الحبيب وفى مصر العزيزة وغيرها من الدول الإسلامية . وأحمدُ الله أن فكرى يتمحور منذ البداية في حسٍ إيمانى بأن خالق الكون جل في علاه ، حينما خلق الدنيا وضع لها منهاجاً إذا ما تم إتباعه سيكون فيه خير الدنيا والأخرة والتي لا يمكن فصلها عن الدنيا .. ولا يصح العكس إيضاً ، ولقد تمثلتُ هذه الرؤيا في كل أديان السماء ، والتي لا يتعارض صحيحها مع بعضها البعض فواضعها واحد ورافعها واحد. وكما إعتدنا ونحن نتبع شريعة السماء ، ومنهج الخالق بكل ما حوت من وضوح وما أكدت من حقائق ، وما بشرت من نتائج .. ولذا فإن ما نستشرف من رؤا ونستهدفُ من سياسات ، وما ترجوه الدولة من آمال ، يجب أن تكون جميعها واضحةً مدموغةً بالوقائع والحقائق ليكون الحصادُ بحول الله مُبشراً وواعداً .. وعلى قدر الطموحات والأمال التي يتوخاها الشعب المصرى النبيل ونرجوها جميعاً لأم الدنيا وحسناء الزمان . إن علينا أيها الأخوةُ والأخوات وبدءً من جلسة الافتتاح ومن خلال كل جلسات هذا المؤتمر المبادر أن نحدد ما هو الطريق الإقتصادى الذى ستسلكه الدولةُ المصرية العتيده .. هل هو أقصى اليمين ، أم هو أقصى اليسار أم هو الوسطُ الممدوحُ دائماً من الله تعالى وهو الذى جعلنا أمةً وسطا . ولقد أكد الموروث دائماً : أن خير الأمور الوسط . ذلك أن الوسط يتسم بالعدل دائماً والعدل أساس الملك ، وميزان الحكم ، الذى لا ترجح له كفةٌ إلا بحقها ، ولاتتعادلُ فيه الكفتان إلا بالحق . فإذا لم تكن العلاقة عادلةً بين الحاكم والمحكوم ..وبين أفراد الشعب في العموم ..وبين العمال وأصحاب الاعمال بما يحقق مجتمع العدل والرخاء وينجز الأمال ، وهى متطلبات البشر في البدو والحضر .. وإلا فكل البرامج والسياسات الاقتصادية والمالية ستراوح مكانها ، ويستشعر الناس الخطر . فقد جرب الناسُ الإشتراكية البشعه ، وذاقوا ويلات الرأسمالية الجشعه ولا أظننى أستبق الأمور إذا ما تنبأتُ بأن الخيار في مصر لن يتعدى المنهج الوسطى الذى تُراعى فيه كافةُ الحقوق ..لأن هذا المنهج ذاتُه يؤكدُ ألا حقوق بغير إلتزامات ، رافضاً دعوى أن كل شيء نُدخلُهُ في حقوق المواطن .. وإلا فأين تذهب مسؤلياته ؟! وهو المستهدف بالتنمية وهو المقصود بالإنماء ؟! ومن هنا كان لزاماً أن يتصدر قاموسُ التنمية هذا الجانبَ .. توعيةً وتعويداً للناس وتعوداً لأنفسنا .. إسهاماً في تعديل المفاهيم ووزن الأمور وعدلها . ولعل من المزايا التي أنعم الله بها على مصر في هذا الوقت بالتحديد ، ما تعود أن يردده فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى ، قبل وأثناء وبعد إنتخابه : أن المعركة طويلة ومتعبةُ وتحتاج الى عمل الجميع معاً ، وليس الى مسايرة المطالب الفئوية ، مُحقةً وغير مُحقةٍ .. ولكن كل شيء ممكن في حدود إمكانات الدولة ، وأولوية المطالب من وجهة نظر وطنية محضه . أيها الجمعُ الكريم : مع كل ما أكنه من تقدير وإحترام لمؤسسة الأخبار الرائدة والداعية لهذا المؤتمر الجسور ، إلا أننى أزعمُ أنه وحده لا يكفى أن يخرج بمحصلة واضحة ، ولكنه علامة على الطريق ترشدُّ الى عناوين عريضةٍ ،ويسهم بقدر أو بأخر في جذب الاهتمام ولفت الإنتباه ، أداءً لدور إعلامى مطلوب .. بل مرغوب في هذه الأوقات من أجل تهيئه مطمئنة للرأي العام الذي يشكل للأمم المتحضرة قوة دفع تقدر اذا ما أقنعت واقتنعت علي القيام بدور مشترك في إطار عمل جماعي واضح جلي الرؤا ..وهو الأمر الذي لم ينفك يدعو اليه زعيم البلد ورئيسه وفقه الله ولهذا قلت إن مؤتمرنا هذا وحده ليس كافيا وان جاء دافعا ومحفزا ذلك أن صناعه وصياغه رؤيه إستشرافيه لبلد محوري مثل مصر ، يتطلب عمل عام كامل بل عامين ، إذ لابد من إقامه مجموعات عصف ذهني تُشكل من مفكري هذا الوطن الشامخ ، والذين ظلوا علي مدي الأيام فنارات ترشد المبحرين من حولهم ، ومنارات تصدح بالفكر والثقافه وقنوات تعبر منها السفن والسفين لتبلغ كل مرفأ أمين . إنه زمن العقول المصرية النيره ، مصر الزاخره بشتي صنوف المعاهد والمراكز البحثية والمجالس الوطنيه ، وجهاز كالجهاز المركزي للتعبئه العامه والإحصاء والذي هو الاداةُ الرئيسية لأي إستشراف للمستقبل ، وقد تواصلت معهم مؤخراً وفوجئت بما يحويه هذا الجهاز من كنوز ثمينه ، التي تختصر الزمن لكل من أراد أن يضع خطه لمكافحه البطالة أو إنماء المحافظات ، وأشهد أنه عمل لم أعهده او أشهده فى جهات وأجهزه حكومية مشابهة...... في دول أخري ، ذلك أن الإحصاء والمؤشرات هي الطريق السليم لأي خطه ناجعه ولأى تخطيط ناجح من أجل الغد والمستقبل . أيها الأخوه والأخوات لقد مرت بنا ثورات وثورات ، ولكن المؤكد أن ثوره الثلاثين من يونيو هي ثوره شعبيه جارفه ، إستنقذ الله بها الإسلام ومصر والمنطقه بأسرها ، بمن سخرهم لها . ولا أريد أن أخوض في ثورات الربيع العربي ، ومن خطط لها ومن اشرف علي تنفيذها ، فيكفيها ذلك الإسم المضلل "الربيع العربي " وهي في الواقع "اللهيب العربي " وما سموه بالفوضي الخلاقه والفوضي لغه وشرعا ضد النظام ، فهي بالتالي أسوأ من أسوء نظام ، وبعد ثوره يونيو الحقيقيه ، فإننا في حاجه إلي" ثوره قانونيه " ولقد عاصرت إثنين من روادها في عالمنا الإسلامي الأول السيد مهاتير محمد باني نهضه ماليزيا الحديثه والثاني المرحوم توركت اوزال في تركيا ، وكنت قريبا منهما وتعلمت وساهمت معهما ، وتأكد لي أن الثوره القانونيه هي التوثيق الحقيقى والضمان الذاتي لثورة الشعب .. ذلك أن الثورة القانونية التي كانا يطبقانها ، هي تحديد غايةٍ لكل قانون . وأعتقدُ أن غايتنا في منطقتنا الان ، هي إرساء العدل و الأنماء ، الذى هو الإعمار ، هذه الكلمةُ التي قصرها العرب على المباني فقط . والغايةُ الثالثة هي التشغيل وهو الدرع الذى تتكسر على صلابته سهام البطالة حتى تتفتت سهماً إثر سهم . أما القوانين فلها غاياتُ فرعية . فإذا ما وضعت غاية معينة نكتب لها قانوناً في صفحتين أو ثلاث لا يشير الى قوانين سابقةٍ ، ولا يعد بموازيةٍ أو لاحقة . وإنما نحصر كل ما يحكم الموضوع في نصٍ واحد واضح وصريح ويختم بمادةٍ خاتمة ، تنصُ على أن كل ما سبق من قوانين في هذا الشأن لاغية وذهبت في خبر كان . فإن لم نفعل ذلك ، خاصة في مصر ، بلد الحضارة الممتدة عبر الأف السنين قبل الميلاد وبعده .. مع كل ما في ذلك من ميزة وفخر ، فسنجد أنفسنا مرةً أخرى ، نستخرج قوانين من عهد خفرع ومنقرع وكل من شاء بلع . ومن هنا ومن أجل هذه الثورة القانونية فإن علينا الإستفادة من ثروات مصر البشرية وقدراتهم الفكرية والإبداعية بأشراكهم في قاطرةٍ موازيةٍ للبرلمان المرتقب بعون الله والذى هو تمثيل جهوى ، بينما سيشكل هؤلاء العلماء الجهابذةُ برلماناً فئوياً ، بكل ما منحهم الله فرداً فرداً من طاقات علمية وقدرات عملية . وبالطبع فإن مصر اليوم في حاجة الى القاطرتين معاً ، لتحقيق طاقة الدفع القصوى لتسريع عجلة التنمية ، ولقطع أشواط أكبر في زمنٍ أقصر . وذلك ما يطالب به فخامةُ رئيس الجمهورية الذى يرى في الوقت حاجزاً لابد من قفزة دون تردد أو خوف ، وبكل قوة وثقةٍ .. أو ليس مصرياً من قال : وما نيل المطالب بالتمنى ولكن تؤخذُ الدنيا غلابا وما أستعصى على قوم منالُ إذا الإقدام كان لهم ركابا وفقكم الله وحفظ مصر وأهلها وحفظ لها كل المخلصين والأوفياء شعوباً وقادة وزعماء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته