افتتح رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان د. محمد فائق، المائدة المستديرة الإقليمية حول حقوق الإنسان فى المنطقة العربية بعد عقدين من إعلان فيينا . وأكد فائق في كلمته ، اتليوم الأربعاء 18 ديسمبر، على أهمية هذه المناسبة حول مسار حقوق الإنسان بعد عقدين من صدور إعلان و برنامج عمل فيينا الذى نعتبره ، بدون مبالغة ، الوثيقة الأهم بعد الشرعية الدولية لحقوق الإنسان. أولا بإعادة اللحمة لحقوق الإنسان بعد الإنفصال غير المبرر الذى أفضى إليه الإنقسام الدولى ، بتكريس التمييز بين الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية من ناحية و الحقوق المدنية و السياسية من ناحية أخرى ، و ذلك بإقراره عدم قابلية حقوق الإنسان للتجزئة أو التراتب و ثانيا بإعادة الإعتبار لمبدأ عالمية حقوق الإنسان ، فضلا عن إضافته لآلية متميزة من آليات الأممالمتحدة و هى المفوضية السامية لحقوق الإنسان و وضع حجر الأساس لأخرى مهمة و هى المحكمة الجنائية الدولية ،ويدرك الذين حالفهم الحظ مثلى بالمشاركة فى المؤتمر العالمى الثالث لحقوق الإنسان الذى صدرت عنه هذه الوثيقة المهمة ، كم كان الصراع حول إصدار هذه الوثيقة عنيفا ، و كم كانت الممانعة لصدور هذه الوثيقة ثقيلة ليس فقط من الدول المعادية لحقوق الإنسان ، بل و أيضا تلك التى كانت ترفع شعارات حقوق الإنسان عاليا و تعارض الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية و الحق فى التنمية بزعم أنها مجرد مطالب و ليست حقوقا ، و كذلك من جانب هؤلاء الذين يتذرعون بالخصوصية من أجل التخلص من الإلتزامات الدولية . وأعرب علي أن هذه الوثيقة قد حققت المهمة جنبا إلى جنب التطور السياسى والإجتماعى فى منطقتنا العديد من الجوانب الإيجابية ، يأتى فى صدارتها التطور الملموس فى إنخراط البلدان العربية فى المعايير الدولية ، فإنضمت معظمها إلى معظم الإتفاقيات الدولية التسع المعنية بحقوق الإنسان ، كما إنضم معظمها إلى الإتفاقيات الرئيسية الثمان لمنظمة العمل الدولية ، و راجعت العديد منها التحفظات التى وضعتها على الإتفاقيات التى إنضمت إليها ،كما شرعت فى تطوير النظام الإقليمى العربى لحقوق الإنسان ، بإستبدال الميثاق العربى الصادر عام 1994. وشدد فائق علي أن هذه الإنجازات لا تحجب عنا العديد من الصعوبات و التحديات التى عانت منها بلادنا العربية ، سواء فى مجال الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية أو الحقوق المدنية والسياسية ، حيث ركزت معظم البلدان العربية على النمو دون التنمية ، و إتبعت سياسات إقتصادية منحازة لرجال الأعمال دون العاملين ، و تركت الحبل على الغارب للأسواق تتعثر فى الإحتكارات و المضاربات و الفساد فإزداد الفقر ، و تعذر تلبية الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية بشكل حاد و خاصة فى البلدان العربية الفقيرة و المتوسطة ، و بالمثل تكرست الإنتهاكات الجسيمة للحقوق المدنية و السياسية بدءا من الحقوق الأساسية و إنتهاء بالحريات العامة . وهو ما وصل بالمنطقة إلى حال من الإحتجاجات العنيفة أخذت شكل الثورات ، و الإنتفاضات ، و المطالب ، كان حقوق الإنسان سببها الرئيسى و تعزيزها غايتها . وأعرب رئيس المجلس القومي لحقوق الأنسان علي أنه آفاق التحولات التى تشهدها بلدان المنطقة من تطوير حقوق الإنسان ، فإننى لا أجد نفسى مجازفا إذا قلت إننى على ثقة تامة بأن البلدان العربية التى شهدت تغييرات راديكالية قادرة على إجتياز المراحل الإنتقالية بإنجازات جيدة، إلا أننا فى جمهورية مصر العربية التى ثار شعبها مرتين ، فأسقط نظامين فى أقل من سنوات ثلاث ، قد تبينا خريطة مستقبل تقودنا إلى ديقراطية سليمة . و بالإنتهاء من مشروع الدستور الذى طرحه رئيس الجمهورية المؤقت للإستفتاء الشعبى فى منتصف الشهر القادم ، يكون قد وضعنا أقدامنا على الطريق الصحيح و أصبحنا أكثر ثقة فى قدرتنا على إستكمال خريطة الطريق ، فهذا الدستور رغم ما قد يكون لدينا أو لدى غيرنا من تحفظات على القليل منه إلا إنه فى مجال الحريات و حقوق الإنسان بشمولتها و حق المواطنة للجميع دون إستثناء أو إقصاء و إعطاء الحقوق لكل القوى التى همشتها الأنظمة السابقة ، فهو دستور لكل المصريين و يلزم الدولة بأن ترعى حقوق الفقراء و المستضعفين و تمكنهم من المشاركة ، أما البلدان العربية التى شهدت إصلاحات سياسية فسوف تدرك فى نهاية الأمر أن تكلفة الإصلاح أقل كثيرا من كلفة القمع فى واقع تغيير موازينه بإطراد و تتبدل فيه التحالفات و تتربص فيه الجوارح على رؤوس الأشجار . هذا وقد شارك في الأفتتاح ممثلين عن جامعة الدول العربية والمفوضية السامية لحقوق الإنسان ،وثلة من الحقوقيين المدافعين عن حقوق الإنسان وممثلون عن الجمعيات غير الحكومية ، وتقام المائدة المستديرة علي مدار يومين .