اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن المساعدة في الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد إنما تعد أهم الأهداف التي تسعى الإدارة الأمريكية لتحقيقها في الوقت الراهن. وقالت الصحيفة، في مقال تحليلي أوردته على موقعها الإلكتروني السبت 22 ديسمبر، أن أفضل السبل الكفيلة بإنهاء ملف الأزمة السورية تتمثل في التفاوض الدبلوماسي والتعاون الروسي والتي من شأنها أن تخدم المصالح الأمنية الأمريكية. وتابعت الصحيفة قولها" إن الإطاحة بالأسد على نحو يجعل كلا من الصين وروسيا تشعران بالعزلة سيكون بمثابة نصرا ساحقا". وعلى النقيض من ذلك، فإن التعاون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يمكن أن يؤتى ثماره في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، حيث أن معارضة روسيا الانعكاسية للمبادرات الأمريكية منذ بدء هجوم حلف شمال الأطلسي "ناتو" عام 2011 في ليبيا، لطالما أحبطت العديد من جهود واشنطن الدبلوماسية، إضافة إلى أن هذا التعاون أيضا يمكن أن يحد من دور إيران في مساعدة النظام السوري ويساعد على إحباط طموحات إيران النووية. ومع ذلك، رأت الصحيفة أن انهيار نظام الأسد لن يعنى بالضرورة إنهاء كافة المشاكل التي باتت تعانى منها سوريا، مشيرة إلى أن ما يبدو مهما في الوقت الراهن هو كيف سيتم الإطاحة بالأسد وليس متى سيتم ذلك. وحذرت الصحيفة من ضرورة أن يكون تجنب حدوث فراغ أمني في سوريا على غرار العراق أو ملاذ إرهابي على غرار أفغانستان، بمثابة الهدف الرئيسي لواشنطن في مرحلة ما بعد الأسد، مشيرة إلى أن روسيا قد تقدم يد العون، في حال أبدت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما استعدادها لإعادة النظر في نهجها تجاه التعامل مع الأزمة السورية. وأوضحت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أنه على الرغم من رغبة الإدارة الأمريكية في تجنب سفك الدماء واستمرار حالة عدم الاستقرار في سوريا، إلا أنها لم تتخذ حتى الآن أي من الخطوات المنطقية التالية: السعي للتوصل لحل تفاوضي لإنهاء القتال، الأمر الذي يبدو وكأنها تفضل فكرة "الانتصار العسكري والسياسي الكامل لقوات المعارضة". ونوهت الصحيفة إلى أن حل الأزمة السورية عن طريق التفاوض وبمساعدة روسيا، يمكن أن يساعد في التصدي ومعالجة العديد من التحديات التي ستواجه الإدارة الأمريكية في مرحلة ما بعد الأسد، مشيرة إلى أنه يمكن أن تحظى أمريكا بمساندة روسيا على رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، لطالما أن هذه المساندة ليست شرطا مسبقا بل هي نتاج المراحل الأولى من المفاوضات. وأكدت الصحيفة على أن الإطاحة بالأسد، وإرساء قواعد الاستقرار في سوريا يستلزم وجود أتفاق مع بعض أعضاء الحكومة الحالية وأجزاء من الجيش السوري والتي يمكنها أن تساعد في تأمين بعض المؤسسات الحكومية، على الأقل خلال الفترة الانتقالية، وحماية العلويين والجماعات الأخرى التي تؤيد الأسد. وأوضحت الصحيفة أنه بالرغم من أن روسيا قد تبدو شريكا غير هام، ودوافعها للانتقال للتفاوض يكتنفها الأنانية، حيث تسعى للحفاظ على الاتصالات العسكرية والتجارية في سوريا، والحفاظ على مكانتها من خلال كونها جزءا من الحل لأزمة دولية كبرى وتجنب العواقب الداخلية من العنف في البلاد التي تعد موطن لحوالي 30 ألف مواطن روسي، الأمر الذي من شأنه أن يصب في مصلحة الكرملين، ومع ذلك فإن استقرار روسيا يصب أيضا في مصلحة أمريكا. وخلصت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في ختام مقالها، إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تواجه خيارا واضحا، إما أن تلجأ إلى توجيه ضربة قاضية إلى سوريا، أو أن تختار التوسط لإحلال السلام الذي يجلب المزيد من الاستقرار.