جرت أطول عملية عسكرية منقولة جواً في التاريخ البشري، تطلبت الطيران لمسافة 0077 ميل، من كارولينا الشمالية بالولاياتالمتحدة حتي جنوب كازاخستان بأسيا الوسطي، حيث قفز ألف وخمسمائة مظلي أمريكي في منطقة قاحلة بكازاخستان الجنوبية تحددت مهمة الفرقة بالاتصال مع قوات صديقة، تتكون من كازاخستان، وقيرغيزستان، وأزوبكستان، والدخول في معركة زائفة ضد قوات مرتدة، تعارض اتفاقاً سلمياً إقليمياً أعلن القائد للمراسلين بمسرح العمليات هدفاً يمد سلطان المواربة عن الهدف الحقيقي، لكنه يوحي بالانفتاح اللامحدود للقوة الأمريكية علي كل حيز ومجال اقتصر تصريحه بأن العملية محض تمرين لطمأنة القادة المحليين، بأن الولاياتالمتحدة مستعدة للوقوف الي جانبهم، إذ كانت المساعدة الأمريكية مطلوبة لأية أزمة إقليمية في المستقبل، دعماً لتلك الجمهوريات التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي يعود تاريخ هذه الحقيقة الي عام 7991 بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، واستقلال تلك البلدان وغيرها عنه، وانتهاء الحرب الباردة، بالسيادة الأمريكية التي تجلت قطباً واحداً، منتصراً سياسياً، متفرداً بقوة عسكرية مفرطة، وقد تفتحت كل رهاناته علي إنجاز مشروعات الهيمنة والاستحواذ بحدودهما القصوي، إذ المسكوت عنه وراء هذه الحملة العسكرية كان محض استقطاب استثماري، كشفت عنه وزارة الطاقة الأمريكية بمسوحاتها الجديدة، التي أكدت وجود احتياطيات ضخمة من النفط والغاز الطبيعي في منطقة بحر قزوين، كانت تمتلكه الدولة السوفيتية قبل تفككها أفصح تقرير وزارة الخارجية أمام الكونجرس، أن المصلحة في تعزيز إمدادات مصادر الطاقة وتنوعها، ليس فقط وفقاً لمفهوم اقتصادي بل أيضاً كإجراء أمني للحماية من انقطاعات الإمداد في أماكن أخري، وصرح وزير الخارجية آنذاك، بأن حرمان شركات النفط الأمريكية من الوصول الي هذه المنطقة سيكون له أبلغ الأثر في الولاياتالمتحدة. إن امتداد القوة العسكرية الأمريكية الي بحر قزوين، يعد تطوراً خطيراً وتحولاً جذرياً في التوجه الأساسي للسياسة الأمريكية، إذ يترتب علي ذلك إنشاء قدرات إمدادات لقواعد عسكرية، ذات تكلفة باهظة، وأيضاً بمنطقة كانت قبلاً جزءاً من الدولة السوفيتية سابقاً، وبالفعل أقيمت قواعد أمريكية في أزوبكستان، وجورجيا. صحيح ان هذا التحدي المستنفر لروسيا، يعني أن الولاياتالمتحدة علي استعداد للدفاع عن مصالحها بالقوة العسكرية كمرجعية مطلقة، لكن الصحيح كذلك أنها لا تقدم مشروعات للتغيير الإيجابي للمجتمعات بل تطرح مفهوماً للسيطرة والهيمنة علي العالم، بوصف الأمركة إنجاز التاريخ وخاتمته راحت الإدارة الأمريكية تمارس تعبئة مجتمعها، بالترويج لأزمة قادمة، حيث أعلن وزير الطاقة في مارس 1002 »إن أمريكا ستواجه أزمة إمداد كبري بالطاقة في العقدين القادمين، وإن الفشل في التصدي لهذا التحدي سيهدد الازدهار الاقتصادي لأمتنا، ويعرض أمننا القومي للخطر، ويغير بالمعني الحرفي للكلمة طريقة عيشنا« ثم في مايو عام 1002 صرح نائب الرئيس الأمريكي أمام القمة القومية للطاقة: »رن الطاقة هي المعين الذي ننهل منه لإدامة رخائنا وطريقة عيشنا لذلك ينبغي ان يكون أمن الطاقة ألوية للتجارة الأمريكية والسياسة الخارجية وقد أدلي »آلان جرينسبان« الرئيس الأسبق للاحتياطي الفيدرالي، بحديث لصحيفة »واشنطن بوست« جاء فيه أنه »أوضح للمسئولين الامريكيين ان الإطاحة بصدام حسين، يعد أمراً أساسياً لأمن البترول الامريكي، لكن تم إبلاغه من جانب أحد المسئولين بأنه لا ينبغي الحديث عن البترول أعدت الإدارة الأمريكية قائمة اتهامات ضد صدام حسين - دون أي سند استخباراتي - مشحونة بخروقاته لدعائم معمار المجتمع الدولي وقرارات مؤسساته. لكن في سابقة هي الأولي من نوعها، أقرت لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ في يونيو 8002 تقريراً يوجه اللوم المباشر الي الرئيس بوش وإدارته، بتهمة استخدام المعلومات الاستخباراتية والتلاعب بها لتبرير حرب العراق صحيح أن »جان بركنس« في كتابه »التاريخ السري للإمبراطورية الأمريكية« يعترف أن واشنطن قد دعمت صدام حسين في حربه ضد إيران، ليس بوصفه أداة انتقام لها من إيران فحسب، بل لأنه أيضاً يجلس علي أكبر احتياطي للنفط في العالم ثم يعدد الكاتب مفردات الدعم للعتاد العسكري، ومعامل إنتاج الغازات القاتلة، بالاضافة الي الدعم المالي وصحيح أيضاً أن »دونالد رامسيفيلد« بعد زيارته لبغداد - مبعوثاً للرئيس ريجان عام 3891 - عقد بعد عودته مؤتمراً صحفياً أعلن فيه: »لقد وجدنا صديقاً يمكن الاعتماد عليه في الشرق الأوسط« وقام كذلك عام 5891 بتسهيل تسليم أول مصنع للأسلحة الكيميائية للعراق لكن الصحيح كذلك أن الولاياتالمتحدة غزت العراق عام 3002 فدمرت بنية دولته، حيث سرحت جيشه، وشرطته، وفتحت بوابة نفطه أمام استثمارات الشركات البترولية العملاقة وسببت أكبر خسائر بشرية للمدنيين في تاريخ العراق، وكان »دونالد رامسيفيلد« أول من تغني بالحرب علي العراق يعترف »هنري كيسنجر« أمريكيا لا تملك سياسة خارجية عاقلة، مبنية علي معرفة بطبيعة وبنية دول العالم وشعوبه، وخصائصها، بل تتصرف بلا دراسة ارتجالاً، وتستعدي الجميع ولا تأخذ بعين الاعتبار مصالح الآخرين، والمشكلات المعقدة التي تعيشها المجتمعات هل تستمع الولاياتالمتحدة الي عقلائها، فلا تمارس الشر بغير اسمه الحقيقي، إذ الطغيان بفائض القوة لتسخير موارد البشرية لمصالحها فقط، لا يحقق سلاماً، بل تحققه عقلانية الحق؟