وذكرت الدراسة الاستقصائية التي أجرتها أكاديمية "MSD " للتثقيف الصحي في الفترة من ديسمبر 2011 إلي فبراير 2012، وأعلن عنها في مؤتمر طبي عالمي بدبي، أن المصابين بالسكري من النوع الثاني عرضة للوفاة بأمراض القلب من مرتين لأربع مرات مقارنة بغيرهم من غير مصابي المرض، وذلك في الفئة العمرية التي تتخطي 65 عاما، كما أوضحت الدراسة أن 18 ٪ من المصريين مصابون بالسكري ، وما يقارب 2 من كل 3 أشخاص من هؤلاء المرضي يموتون بسبب أمراض القلب - السكتة القلبية- بنسبة تصل ل75٪ من المرضي. من هنا يجب التعامل بجدية مع انخفاض مستوي الوعي بالسكري ومضاعفاته والمخاطر المصاحبة له. في التقرير التالي نتعرف علي السكر واسبابه ومضاعفاته وعلاقاته بالقلب والشرايين والضغط د. سورين بوكريستيانسن، رئيس منطقة أوروبا الشرقية والشرق الأوسط وأفريقيا بأكاديمية MSD تحدث عن مرض السكر قائلا ان معني مرض السكر هو أن الجسم غير قادر علي هضم الطعام والاستفادة منه كما ينبغي فتتراكم كميات السكر في الدم بدلا من أن تحرق للحصول علي الطاقة ، ويبدأ بعضها بالخروج من الجسم مع البول . كذلك تزداد كمية الدهون التي يحصل عليها الجسم من الطعام دون الاستفادة منها . وتتحول كمية من المواد البروتينية من اللحوم والأسماك إلي سكريات بدلا من أن تستخدم بواسطة الجسم في بناء العضلات وتجديد الأنسجة التالفة . ومع مرور الوقت تبدأ هذه الكميات المتراكمة من السكر في الدم في إتلاف أعضاء الجسم المختلفة كالعينين والكليتين والأعصاب وغيرها. ويعود سبب كل ذلك إلي عدم قدرة جسم المريض علي إفراز كمية كافية من الأنسولين لهدم المواد السكرية. اما عن اسباب مرض السكرفيقول د.بوكريستيانسن انها عديدة بعضها معروف وبعضها غير معروف، فهناك مجموعة كبيرة من مرضي السكر لايمكن إرجاع سبب مرضهم لسبب معين ويسمي هذا النوع السكر الأولي وهو النوع الشائع من مرض السكر ، وقد يرجع سبب المرض في مثل هذه الحالات إلي عوامل منها: الوراثة و السمنة وتزداد نسبة الإصابة بمرض السكر مع تقدم السن. أما النوع الثاني من مرض السكر فيظهر نتيجة لسبب معلوم ويسمي السكر الثانوي وأسبابه تلف البنكرياس: كالتهاب البنكرياس أو إصابته بالأورام سواء كانت حميدة أو خبيثة او بسبب إزالة البنكرياس بالعمليات الجراحية في حالة ظهور أورام سرطانية مثلا .وهناك بعض أمراض الغدد الصماء كمرض العملقة أو تضخم الأطراف والطول المفرط وغير ذلك دعمر حلاق رئيس قسم جراحة القلب بالمستشفي الأمريكي بدبي يقول لعل القلب والدورة الدموية هما أكثر أعضاء الجسم تأثراً بالسكر حتي أصبحت أمراض القلب وشرايينه من المضاعفات الرئيسة للسكر التي قد تفوق في أهميتها وأثرها مرض السكري نفسه فالقلب عضو من أعضاء الجسم يعتمد اعتماداً رئيساً في غذائه علي السكر في الدم. ويحوله بمساعدة الإنسولين وغيره من الإنزيمات إلي طاقة يستخدمها في الانقباض وفي دفع الدم في الشرايين. فإذا ما نقص الإنسولين، فلن تستطيع كل أعضاء الجسم بما فيها القلب أن تستخلص الطاقة من السكر، ولهذا، تقل فاعلية هذه الأعضاء وكفاءته.وعلي الرغم من ان السكري يوحي بتأثيره علي نسبة السكر في الدم واحتراقه، إلا أنه في الواقع يحدث تغيرات لا علاقة لها بالسكر ويستمر حدوثها حتي لو تم ضبط السكر بالدم عن طريق الإنسولين ضبطاً تاماً. فهو يحدث ضيقاً في الشرايين الفرعية للأطراف مثل اليدين والقدمين، وبذلك يقل الدم الواصل إليها فتبرد الأطراف ويصفر لونها. كما تصبح القدمان أقل مقاومة للإصابات والالتهابات بحيث يستغرق التئام أي جرح وقتاً طويلاً في الأغلب. وأن أي إصابة طفيفة مثل تلك الناتجة عن ضيق الحذاء أو التي قد تحدث مصادفة أثناء قص الأظافر قد يبقي أثرها وقتا طويلا بل قد تمتد وتستعصي علي العلاج. كما أن الالتهابات البسيطة مثل تلك التي تحدث بين أصابع القدمين قد تزداد وتستفحل وتحتاج إلي استخدام المضادات الحيوية بكمية كبيرة حتي تشفي.إلي جانب تأثير السكري في الأطراف وفي الشرايين الدقيقة، فإنه يؤثر أيضا في الشرايين الرئيسة بكل أنحاء الجسم وذلك بالإسراع في تصلبها وزيادة شدة هذا التصلب عما يحدث عند غير مرضي السكري. وهناك علاقة وثيقة بين السكري وتصلب الشرايين، فنراهما متلازمان ويتفقان في أن كليهما يتسلل إلي جسم الإنسان في خبث ودهاء، وربما تمر الأيام والشهور قبل أن ينكشف أمرهما، فإذا أصيب مريض تصلب الشرايين بداء السكري تفاقمت حالته وازدادت مشكلاته. كما يعمل السكر علي زيادة نسبة الدهون بالدم مثل (الكوليسترول والترجليسرايد) وغيرهما. كما يقلل من حيوية الخلايا بالشرايين ومقاومتها، وبذلك يساعد علي ترسيب الدهون في جدرانها فتنفخ هذه الجدران وتأخذ حيزاً كبيراً من تجويف الشرايين اللازمة لسريان الدم. وعندما يصاب المريض بداء السكري فإن نسبة الكوليسترول تزداد في دمه خصوصاً كلما تقدم به السن. اما عن علاقة السكر بالجلطات وتصلب الشرايين فيقول د.عمر حلاق تزداد احتمالات تجلط الدم واحتمالات تصلب الشرايين. ويساعد علي ذلك أن السكر يزيد من درجة لزوجة الدم، ومن درجة التصاق الصفائح الدموية بعضها بالبعض الآخر. ويقل الدم الساري إلي الأعضاء. وعندما تزداد درجة التصلب قد يسد الشريان كلية وبذلك يتوقف وصول الدم تماما إلي أحد الأعضاء فيتوقف كله أو جزء منه عن العمل. وتتنوع أعراض تصلب الشرايين حسب العضو المصاب، فمثلاً إذا أصاب التصلب الخفيف الشرايين التاجية للقلب تبدأ الأعراض بالذبحة الصدرية أي يبقي المريض من دون أعراض طالما كان مستريحاً ومطمئناً، فإذا قام بأي مجهود عضلي أو تعرض لانفعال نفسي زادت ضربات القلب بسرعة وبقوة واحتاج إلي كمية أكبر من الغذاء لتدفق كمية أكثر من الدم. د. يعقوب سليم حداد مدير عام العلاقات الحكومية والسياسات بمنطقة الشرق الأوسط باكاديمة msd يتحدث عن العلاقة بين السكر والضغط قائلا يوجد تزامل كبير بين مرض السكري وارتفاع ضغط الدم الناتج عن تأثير السكري علي الشرايين وكذلك من السمنة المفرطة عند كثير من مرضي السكري، ولذا ينتشر مرض ارتفاع ضغط الدم عند مرضي السكري. غير أن زيادة ضغط الدم يسهل علاجها بالإقلال من ملح الطعام أو تناول العقاقير العادية المخفضة لضغط الدم. إلا أن أحد هذه العقاقير وهي مدرات البول تعتبر من الأدوية الرئيسة المستخدمة في علاج ارتفاع ضغط الدم. كما أنها ضرورية تماما لعلاج هبوط القلب وكل حالات تورم القدمين والجسم والاستسقاء. وقد وجد العلماء أن تعاطي مدرات البول علي اختلاف أنواعها يحدث زيادة في نسبة السكر بالدم وبذلك قد تزداد حدة مرض السكري بدرجة طفيفة. غير أن كل هذا يجب ألا يمنع المريض من تعاطي الأدوية المدرة للبول إذا كانت لازمة لعلاج ارتفاع ضغط الدم أو هبوط القلب أو غيره من الأمراض. وكل ما يحتاجه المريض في هذه الحالة هو المتابعة الدقيقة لنسبة السكري بالبول والدم في المراحل الأولي من العلاج ثم تعديل كمية دواء السكري أو كمية السكريات والنشويات بالطعام حتي تعود نسبة السكر إلي حالتها الأولي. د. نضال فاخوري العضو المنتدب الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط MSD قال ان السكر اصبح واحدا من أهم المشكلات الصحية المتفاقمة في العالم، ويعاني منه أكثر من 10٪ من إجمالي عدد البالغين في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا، ونسعي خلال الموتمر لمناقشة الآثار السلبية الضخمة للسكري علي مجتمعاتنا، ونتطرق أيضا لمناقشة سبل التعاون التي نسعي من خلالها لرفع التوعية بهذا المرض الخطير، والتعامل مع المخاطر الصحية المتنامية له ومضاعفاته. لإن أولي الخطوات الناجحة لتحقيق أفضل مستويات الرعاية الصحية تعتمد علي توفير المعلومات الصحيحة والمفيدة للجمهور. مشيرا الي ان اكاديمية MSD تقوم بضخ استثمارات سنوية هائلة في قطاع الأبحاث والتطوير بلغت 11 مليار دولار كل سنة. إلا أن الاستثمارات وحدها لا تكفي لضمان النجاح، فلابد أن نعمل بشكل مكثف مع جميع الأطراف المعنية بالقضايا الصحية، ونفتح حوارا مطولا نهدف من خلاله إلي تحديث معلوماتنا وحشد خبراتنا المتراكمة. وقال د. نضال ان اخر المعلومات التي توصلت اليها دراساتنا انه علي الرغم من انتشار المرض في جميع أنحاء العالم، إلا ان السكري ينتشر في الشرق الاوسط ودول المنطقة أكثر من أي مكان آخر في العالم. وطبقا لتقديرات الاتحاد العالمي للسكري، فإن شخص من بين كل 5 أشخاص في المنطقة يعاني من السكري، ومن المتوقع ارتفاع تلك النسبة إلي مريض لكل 3 أشخاص بحلول عام 2030، وذلك مع استمرار معدلات انتشار المرض بنفس المعدلات الحالية. وقال نضال انه وفقا لتقديرات الاتحاد العالمي لمرضي السكري فان أكثر من 65 ألف مصري يموتون كل عام نتيجة إصابتهم بالسكري ومضاعفاته، في وقت أوضحت دراسة عالمية، عن مواجهة نصف المصابين بالمرض في منطقة الشرق الأوسط مخاطر متزايدة للإصابة بأمراض القلب والشرايين، وأنّ الأطباء ينصحون 51٪ فقط من مرضي السكري بتناول دواء خافض للكوليسترول. مشيرا الي أن مريض السكر يستنزف دولارا واحدا من كل 4 دولارات تنفق علي الرعاية الصحية.