الكثير من الدراسات والأبحاث العلمية تناولت خطر البلاستيك علي صحة الإنسان الذي يتسبب بإصابته بالعديد من الأمراض السرطانية الناتجة عن تحلل المواد المستخدمة في تصنيعه إلي جانب أخطاره البيئية المتعددة ولهذا بدأ الباحثون منذ ثمانينيات القرن الماضي البحث عن بديل مناسب عن البلاستيك التقليدي، وكان الاتجاه العالمي في السنوات الأخيرة إلي استخدام البلاستك الحيوي . سامح محمد السباعي طالب الدارسات العليا بكلية العلوم جامعة عين شمس ابتكر نوعا من أنواع البلاستك الحيوي يتناسب مع طبيعة البيئة المصرية، الأخبار التقت معه لتعرف تفاصيل فكرته فكان هذا الحوار متي فكرت في إنتاج البلاستيك الحيوي من البكتريا ؟ - في عام 2013 بدأت بالبحث عن الآثار السيئة التي تترتب علي تراكم البلاستيك البتروكيميائي وما يؤدي إليه من تلوث للبيئة وتأثيره بالمدي الطويل علي صحة الإنسان نتيجة تفاعله مع الأطعمة الساخنة وقد يؤدي إلي السرطان . كما أن تراكم البلاستيك في العالم أصبح أمرا لا يستهان به حيث إن في الزجاجات البلاستيكية تصل فترة تواجده قبل أن يتحلل إلي 50 عاما والأكياس من 10 إلي 25 عاما وقد يصل البلاستيك إلي 100 عام حتي يتحلل وإن تحلل يضر المكان الذي دفن فيه وقد تصل أضراره إلي تعفن التربة وتخريب بنيتها ولهذا فكرت في علاج لهذه الأزمة العالمية ضد الأضرار الجسيمة الناتجة من استخدام البلاستيك. تطوير الفكرة ولكن فكرة البلاستك الحيوي ليس جديدة ؟ - هذا حقيقي ولكني عملت علي تطوير الفكرة بشكل مختلف لكي تتناسب مع طبيعتنا في مصر وبعد البحث والقراءات المتعددة في هذا المجال وجدت أن العديد من الدول الأوربية بدأت في إنتاج البلاستيك الحيوي من النباتات كالذرة واستخدامه كأكياس وأكواب وغيرها من البلاستيك المستهلك يوميا وهذا أمان جدا .وان أبقيناه في المنزل وحافظنا عليه من الضغط والحرارة سيبقي علي هيئته وإذا ألقي في القمامة ودفن وتعرض لعوامل الضغط والحرارة فانه يتحلل إلي عناصر طبيعية وهي الأكسوجين والكربون والهيدروجين وهذه العناصر تفيد الأرض وبالتالي أصبح البلاستيك الحيوي الصديق المفضل للإنسان وللبيئة . ونحن لم نكن فقط راضين عن النتيجة هذه فبدأت بالعمل مع صديقي ودفعتي في نفس الكلية نائل محمد هزاع نعمل علي تطوير الفكرة والتوصل إلي نوع من البكتريا المصرية لها قدرة عالية علي التحمل وتنتج بلاستيك حيويا أفضل لكي نجعل البلاستيك أقوي وكالبلاستيك البتروكيميائي في قوته وفي نفس الوقت صديق للبيئة. إرسال العينات ومتي بدأت في تنفيذ هذا المشروع؟ - عندما اكتملت لدينا الفكرة تقدمنا إلي أ.د. إيناس حامد الشطوري مدرس مساعد بقسم الميكروبيولوجي ورحبت بالفكرة وساعدتنا في تنظيمها وكانت خير معلمة واستشاريا وداعما لنا في فترة التنفيذ للمشروع بالإضافة إلي العديد من المدرسين الكرام والموظفين بالكلية الذين ساعدونا ثم تقدمنا إلي (وحدة إدارة دعم التميز) التابعة لوزارة التعليم العالي وأخذنا موافقة علي تمويل المشروع بمبلغ 68 ألف جنيه تصرف علي دفعات حتي نتمكن من تنفيذ أبحاثنا وتخصيص مكتب لنا بالكلية ليصبح المكتب الأول في كلية العلوم يدار كلياً من طلاب من حيث الإدارة والبحث والتطبيق للمشروع، بدأنا بتكوين فريق للمشروع مكون من 7 أعضاء وهم: أ.د. إيناس حامد الشطوري، عبد الرحمن محمود بيومي، أمنية محمد عبد الله ، وهاجر حسين، أحمد أسامة وآلاء هشام ، وتحمس إلي فكرة المشروع العديد من طلبة كلية العلوم وانضموا إلينا وبدأنا البداية الفعلية للعمل المعملي وتنفيذ المشروع من 1/3/2014. أجرينا بعض الفحوصات المعملية علي أنواع البكتريا المستخرجة والتعرف عليها وأرسلناها إلي أحد المعامل بأسبانيا لتحديد سلالتها وهي أحد أنواع ال Pseudomonas sp. وهي من النوع الآمن تماماً للإنسان ومن ثم تسجيلها في بنك الجينات العالمي NCBI. بعد التأكد من إمكانية البكتريا لإنتاج البلاستيك الحيوي بدأنا اختبارها تحت الظروف المختلفة فتوصلنا إلي أن البكتريا المصرية تتحمل الظروف الصناعية عن المستخدمة عالمياً ومازلنا في مرحلة البحث والتجارب المعملية حتي الآن للوصول لأعلي إنتاجية من البلاستيك الحيوي والحمد لله تم الوصول إلي نوع وسلالة جيدة من البكتريا تتحمل العمل المعملي والصناعي والظروف البيئية المحيطة وإنتاج جزء تجريبي من البوليمير ولكنه ما زال تحت التطوير حتي يصبح نموذجا كاملا للاستخدام في الأسواق المصرية والعالمية. صديقة للبيئة ماذا عن نوعية المنتجات التي يمكن تصنيعها بواسطة البلاستك الحيوي؟ - يمكن تصنيع العديد من المنتجات من خلال البلاستيك الحيوي ولكننا اخترنا تصنيع خيوط الجراحة للتحلل داخل الجسد بدون أثار والأكياس البلاستيكية والعلب والمستهلكات اليومية حتي تكون آمنة تماما وغير متسرطنة وصديقة للبيئة. ما الأهداف التي سوف تتحقق من تنفيذ المشروع؟ - التغلب علي أزمة القمامة التي أصبحت تسكن شوارع الجمهورية كأنها جزء منا وتقليل حرقها وتشجيع دفنها والاستفادة لما سوف تتحلل إليه . حماية الحيوانات والطيور والأسماك من التغذي علي البلاستيك البتروكيميائي بالخطأ فيسبب لها انسداد الأمعاء ومن ثم موتها، تأسيس مشروع قومي لبناء وتنشيط مشاريع التكنولوجيا الحيوية لنفع البلاد وحماية البيئة من الملوثات، توفير الموارد البترولية المستخدمة في تصنيع البلاستيك المستخدم يوميا لصناعات ذات نفع اكبر. التخلص من البلاستيك الحيوي يصبح سهلا بدفنه أوتحلله تلقائيا بالظروف اللازمة من ضغط وحرارة بدون أي تراكمات بل يؤدي إلي استفادة التربة من بقايا تحلله. ما الصعوبات التي واجهتكم في تنفيذ هذه الفكرة؟ - الصعوبات التي واجهناها تتلخص في الروتين العام للجهات الحكومية مما يهدر الكثير من الوقت وكذلك تأخير الدفعات المالية عن موعدها واعتذار الجامعة عن عدم دفع حصتها التي كانت 20 آلف جنيه التي خصصت لشراء مستلزمات العمل المعملي وصرف خمسة آلاف فقط، البحث العلمي في مصر يعاني من فتور ويحتاج إلي تنشيط ورعاية من كافة مؤسسات الدولة حتي يتاح لنا أن نطور من الحلول التي سوف تقضي علي الكثير من المشكلات.