إسراء شفيق أثناء إجرائها بعض التجارب شهدت السنوات القليلة الماضية اهتماما ملحوظا بالوقود الحيوي كأحد مصادر الطاقة المتجددة، كما شجعت العديد من الدول الأوروبية علي إنتاج هذا النوع من الوقود ليكون البديل الآمن من الوقود، نتيجة الاحتباس الحراري والتلوث الناتج من وقود البترول الذي سوف يأتي يوم وينفد ومع ذلك أثار إنتاجه جدلا عالميا نظرا لاعتماد تصنيعه وبشكل مباشر علي بعض المحاصيل الزراعية كالذرة وفول الصويا وغيرهما من النباتات مما يؤثر علي سلة الغذاء العالمية، إسراء شفيق محمد طالبة في الفرقة الرابعة بكلية العلوم قسم كيمياء جامعة عين شمس فكرت بشكل مختلف ونجحت في الوصول إلي استخراج وقود حيوي من الطحالب ولم تكتف بهذا بل فكرت أيضا في ابتكار جهاز من أجل تنمية الطحالب بشكل سريع. وللتعرف علي تفاصيل مشروعها وطموحاتها كان معها هذا الحوار. متي فكرت في استخراج وقود حيوي من الطحالب؟ منذ عامين قرأت عن الطاقة البديلة ومن ضمنها الوقود الحيوي الذي يتم استخرجه من أنواع معينة من الطحالب وتساءلت لماذا مثل هذا المشروع المهم لا يطبق في مصر؟ ولأني في كلية علمية بدأت البحث والقراءة في هذا المجال وكونت فريقا بحثيا من بعض زملائي في نفسي الكلية الذين تحمسوا بشدة للفكرة من 5 أعضاء هم أنا مديرة للمشروع وإسلام صبحي عبد الفتاح مسئول الفريق المعملي ومحمد فرج (معيد بقسم النبات) مسئول الفريق البحثي وخلود عصام مسئول الفريق الإعلامي وأحمد رهام وتقدمنا بدراسة عن المشروع إلي د. محمد هشام محمد عبد الفتاح مدرس قسم النباتات بالكلية فرحب بالفكرة وتقدمنا إلي «إدارة دعم التميز» التابعة لوزارة التعليم العالي وأخذنا موافقة علي تمويل المشروع بمبلغ 50 ألف جنيه تصرف علي دفعات حتي نتمكن من تنفيذ أبحاثنا وبدأنا العمل بكل جهد ونشاط. عينات من الطحالب من أين تم إحضار عينات الطحالب المستخدمة في المشروع؟ في البداية قمنا بجمع العديد من العينات من أماكن مختلفة في مصر مثل ترعة الإسماعيلية وبعض شواطئ مرسي مطروح وبعض شواطئ نهر النيل وكان تنوع المصادر بغرض التأكد من انه يوجد في مصر أنواع من الطحالب تصلح لاستخراج ديزل حيوي وبعد فحص كل عينة علي حدة من الطحالب تم الاستقرار علي 4 أنواع فقط هي الصالحة لاستخراج الديزل الحيوي وهي «chlamydomonas – Scenedesmus chlorella Oscillatoria» وبدأنا زراعة الطحالب علي أوساط غذائية في ظروف ملائمة للنمو وفصل الزيوت من الطحالب ومعالجتها كيميائيا لتحويلها إلي الديزل الحيوي وإجراء التحاليل اللازمة لإثبات إمكانية استخدام الزيوت الناتجة كبديل للديزل المستخدم حاليا لان كل عينة من الطحالب تضم عشرات الأنواع بشرط أن تحتوي هذه الطحالب علي زيت يمكن تحويله إلي الديزل الحيوي. حيث تحتوي بعض الطحالب علي نسبة من الزيوت والدهون التي تحتوي علي سلاسل كربونية طويلة عند تفاعلها مع الكحول تنتج أسترات الأحماض الدهنية والتي تستخدم كديزل حيوي يستخدم في محركات الديزل. مصادر الوقود الحيوي متعددة لماذا اختيار الطحالب بالتحديد ؟ بالفعل يوجد بعض أنواع الحبوب والنباتات يمكن أن تستخدم في استخراج الوقود الحيوي لكنها مكلفة جدا ومن الممكن أن تضر بالمحاصيل الزراعية مثل الذرة أو فول الصويا وغيرهما من النباتات وحتي لا تؤثر علي المحاصيل الغذائية وتسبب نقصا بها كما أن كمية الزيوت التي يمكن الحصول عليها من الطحالب اكبر بكثير من الموجودة بالنباتات الأخري حسبما جاء في تقرير لمركز « كولورادو أوكهافن « للدراسات الزراعية فإن فدانا واحدا من الذرة يمكن أن ينتج 57 لتراً من الزيت، و182 لتراً إذا كان مزروعا بفول الصويا، و315 لترا بالقرطم، و391 لتراً بدوار الشمس، و483 لتراً بالكتان، و2413 لتراً بالنخيل، و7030 لتراً بالطحالب الدقيقة.ولذلك وقع اختياري لاستخدام الطحالب كمصدر لإنتاج الديزل الحيوي. ما مميزات هذا المشروع؟ يتميز الديزل الحيوي بأن معامل الأمان له أكثر من معامل الأمان للديزل الأحفوري، حيث يشتعل الديزل الحيوي علي درجة 167 درجة سيلسيوس بينما الديزل الاحفوري يشتعل علي درجة 70 درجة سيلسيوس، وهذا يجعل عملية نقل وتداول وتخزين هذا الوقود آمنة إلي حد كبير. أيضا فقد وجد أن لزوجة الديزل الحيوي أعلي من لزوجة الديزل الاحفوري وهذا يكسبه ميزة المحافظة علي الأجزاء الداخلية للمحركات وعلي القطع المطاطية للمضخات وعلي المكابس والضواغط والنوابض وغيرها الكثير من القطع والأجزاء الهامة في المحركات. من جانب آخر، تبين أن الديزل الحيوي يتحلل في الماء بنسبة تصل إلي 85% في أقل من شهر وهذا يؤهله لأن يكون أقل تلويثا للبيئة من المشتقات النفطية التقليدية والتي تبقي في البيئة دون تحلل لسنوات طويلة. أجهزة باهظة الثمن متي يتم تنفيذ هذه الفكرة في مصر ؟ الفكرة موجودة في مصر منذ سنوات ونحن عملنا علي تطويرها حيث قمنا بعزل أنواع مختلفة من الطحالب من أماكن مختلفة بالبيئة المصرية وزراعتها معمليا وعزل الزيوت ومعالجتها كيميائيا لتحويلها إلي الديزل الحيوي ومازال العمل قائما للوصول لأفضل الطرق التي يمكن من خلالها الحصول علي الديزل الحيوي بأقل تكلفة ممكنة كما أننا لا نتوقف عند زراعة الطحالب واستخراج الزيوت بل أيضا نعمل علي تصميم وابتكار جهاز لتنمية الطحالب photo-bioreactor حتي يكون المشروع مكتملا ولا نلجأ عند التنفيذ لاستيراد الأجهزة باهظة الثمن وأتمني أن يتم تطبيق هذا المشروع الهام في أقرب وقت. ما الصعوبات التي واجهتكم كفريق بحثي ؟ أهم مشكلة هي الروتين وتأخير صرف دفعات الدعم حيث لم نحصل حتي الآن إلا علي 27 ألف جنيه فقط من 50 ألف جنيه وهذا جعلنا نتوقف أكثر من مرة في أبحاث المشروع وننتظر بفارغ الصبر صرف باقي الدعم حتي نستطيع الانتهاء من باقي الأبحاث والتجارب الخاصة بهذا المشروع ليكون جاهزا للتطبيق الفعلي في مصر كما توجد صعوبات في إنتاج الديزل الحيوي بشكل عام تكمن في أنه قد لا يستطيع منافسة أنواع الوقود الأخري بدون الحصول علي إعانات ودعم حكومي لذا تشجع حكومات منظمة التعاون والتنمية في المجال الاقتصادي إنتاج الوقود الحيوي من خلال سلسلة من التدابير والسياسات ومن أهمها تقديم الإعانات والتعريفات الجمركية والحوافز الضريبية والاستثمار في أعمال البحث والتطوير للحد من التكلفة لذا يتوجب وجود التشجيع والدعم من الجهات الحكومية بالدولة لإمكانية إنتاجه. ما طموحاتكم للمشروع ؟ نطمح لتنفيذ المشروع علي نطاق أوسع للوصول إلي دراسة جدوي دقيقة تساهم في تطبيق المشروع كما نطمح لان يكون هناك توعية كافية بأهمية استخدام الوقود الحيوي واتجاه الدولة لإنتاجه والاعتماد علي المصادر المتجددة والطاقات النظيفة ونأمل وجود دعم مادي وعلمي للشباب بعيدا عن الروتين والاهتمام بشباب الباحثين وبكليات العلوم في مصر ومدها بأحدث الأجهزة لأنها أساس النهضة في جميع الدول المتقدمة.