في التاسعة والنصف من صباح كل يوم تقف المحامية الإيرانية نسرين سوتوده، ترفع لافتات باللغتين الفارسية والانجليزية، تنادي فيها بالحق في العمل والمعارضة، وتتظاهر وحدها أمام نقابة المحامين بطهران احتجاجا علي قرار منعها من ممارسة مهنة المحاماة لمدة 3 سنوات. المظاهرة اليومية التي بدأتها سوتوده قبل 7 أشهر تستمر نحو الساعتين ونصف الساعة يوميا، وتحولت إلي مركز لكي يتضامن أفراد من الشعب الايراني مع سوتوده ضد النظام الايراني، حيث يجيء اليها خلال وقفتها الاحتجاجية نشطاء معارضون وأصحاب مظالم لدي الدولة لاستشارتها في الامور القانونية وهو ما تتجاوب معه سوتوده، كما يدعمها نشطاء صوفيون وأهالي المعتقلين بسجون النظام. سوتوده قضت معظم حياتها العملية كناشطة حقوقية أكثر من كونها محامية عادية، حيث تبنت قضايا المرأة الايرانية وشاركت في منظمات حماية المرأة كما دافعت عن المتهمين القصر والنشطاء وزملائها المحامين، وفي أعقاب الانتخابات الرئاسية 2009، التي شهدت اتهامات بالتزوير لصالح الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد كان لسوتوده مشاركة فاعلة في الاحتجاجات الواسعة التي اندلعت، ودافعت عن أسر من قتلوا علي أيدي قوات الأمن، ما أدي لالقاء قوات الأمن القبض عليها. وفي 2010، حكم عليها بالسجن 11 عاما بتهمة «الدعاية ضد النظام»، و»العمل ضد الأمن القومي»، وبعد دعوات مستمرة للإفراج عنها من قبل الأممالمتحدة، وعدد من الحكومات الاجنبية، ومنظمات غير حكومية من جميع أنحاء العالم، تم تخفيف الحكم إلي 6 سنوات، وقضت وقتا طويلا في الحبس الانفرادي ودخلت في أكثر من إضراب عن الطعام احتجاجا علي ظروف سجنها غير الإنسانية احدهم استمر 49 يوما خسرت خلالها نحو 50 كيلو جراما من وزنها. وفي 2013، بعد أن أمضت 3 أعوام في السجن، تم الإفراج عن ستوده بشكل غير متوقع، بدون تفسير من السلطات. وعقب الافراج عنها منعتها نقابة المحامين من مزاولة المهنة تحت ضغط من المقربين من الحكومة بذريعة التهم التي حوكمت بشأنها، وهو ما تعتقد سوتوده أنه بتأثير من اجهزة المخابرات والأمن القومي الايرانية. زوج نسرين سوتوده «ريزا خاندان» كان دائما داعما لها في نضالها الحقوقي، رغم تلقيه عدة تهديدات من جهات امنية، ولكنه لا يخفي أنه كان قلقا علي زوجته خلال فترة احتجازها. وكجميع الايرانيين تتابع سوتوده نتائج اتفاق بلادها مع الدول الست الكبري حول البرنامج النووي، وتبدي تفاؤلها حول رفع العقوبات وأثره علي حياة المواطنين ولكنها تستبعد أن يؤثر علي حالة حقوق الانسان في البلاد، بحسب تصريحاتها لمجلة فورين بوليسي، حيث تؤكد أن المحافظين المتشددين مازالوا يحكمون قبضتهم علي نظام الحكم في البلاد ويمنعون أي تحسن في المجال الحقوقي. ورغم محاولة العديد من المحامين لاقناع سوتوده علي التراجع عن تنفيذ مظاهرتها اليومية الا انها ترفض وتصر علي استكمال كفاحها من أجل العدالة.