أصبحنا نعيش في دولة لا تعرف الحقيقة من الشائعة, أقاويل تتردد هنا, واقاويل هناك, تصريحات ونفيها, وأرقام وعكسها, إحصاءات وضدها, الرسميون يتاجرون بإنجازات وهمية, والشعبيون يفضلون طبلة الكذب والنفاق, ورجال المخابرات علي الهواء مباشرة, والخبراء في كل مكان بلا أدني درجات للخبرة, وبين كل هؤلاء لا توجد دولة علي أرض الواقع, وأصبح لسان كل مصري حزين ومكلوم ومصدوم: هية مصر راحت فين؟ لا يختلف أحد علي أننا نعيش أقصي درجات المأساة التي تجاوزت حدود الارتباك والفشل فتاهت الحقيقة تماما, لذلك لا تستغرب إذا قال لك أحد أن الرئيس في خطابه اليوم سوف يعتقل300 من المعارضة وشباب تمرد ورجال الجيش والمخابرات والإعلام, ولا تندهش إذا سمعت أن إعلان الأحكام العرفية علي الأبواب, ولا تحرك ساكنا إذا قيل لك إن الجيش أنهي استعداداته لتولي الإمر, ولا تفاجأ إذا قيل لك إن عمر سليمان مات مقتولا وإنه لا توجد أحداث تسمي موقعة الجمل. ولا يصيبك ضيق إذا قرأت أن شيئا لن يتغير وأن الخارجين في مظاهرات30 يونيو سوف يبايعون الرئيس محمد مرسي, وأن الطوابير التي تقف أمام محطات البنزين والسولار إنما تراصت من أجل التأكيد علي أن مصر ليس بها أزمة للوقود وأن الفلول وكفار الإعلام يتاجرون بالموقف ويفتعلون أزمة لا أساس لها علي الأرض وأن هدفها النيل من الإنجازات التي حققتها مؤسسة الرئاسة في عام واحد وأنه علي المصريين أن ينتظروا السبع الثمان لا العجاف. لا تكذب أحدا ولا تكتئب فالبيانات موجودة والميكروفونات أكثر والكاميرات تتجول في كل مكان وبائعو الذمم يتحركون من الشوري إلي الرئاسة إلي المقطم إلي مدينة الإنتاج الإعلامي, إلي بيانات المغازلة والود وتهديدات الموت ووعيد السقوط, إلي جبهات تشكل ومؤسسات تتزايد وائتلافات تتوسع كلها تتطلع إلي كرسي العرش حيث لا يجلس الفقراء ولا يقترب المطحونون بالأسعار وتدني الخدمات وضياع الدولة بالمفهوم الذي نعرفه, فالكل في سيرك السلطة وملاهي الصولجان ومرثية البكاء علي الوطن. لا تحاول أن تسأل فلن يقودك أحد إلي الطريق, ويمكنك أن تضل حتي لا يرشدك أحد إلي حيث لا تريد, فهو يريد وأنت تريد ومصر لا تعرف ماذا تريد, وهذا المشهد لا دلالة له إلا أن اللعبة انتهت وأن مصر لا تريد الآن إلا شعبها ليقول كلمته بعد أن تخلي عنه الجميع إلا شباب لا يطمعون في منصب ولا يتاجرون بمبدأ ولا يفاخرون إلا بمحاولة الوصول إلي يدك في الظلام الدامس. لذلك كله... إبحث عن حلم وطنك وشارك من يريدون لك الخلاص من الحاكمين عليه بالفشل... شارك بسلمية وتمرد حتي تعود ابتسامة وطنك التائهة!