هل تستعيد مصر بتحركاتها تجاه اعتداء إسرائيل علي غزة المفهوم الصحيح للأمن القومي المصري ؟ المتعارف عليه أن التاريخ لا يتعامل مع أمننا القومي بالحدود الجغرافية ولكنه يضع في حساباته العمق الفلسطيني والبعد العربي والتحرك الإسلامي وخريطة منابع النيل وملامح القارة السمراء. هذا ما كان المتلاعبون بمصير الوطن يحاولون طمس معالمه وهذا ما لا نريد الآن التعجل في إعادة ترسيمه فربما تكون سرعة الرياح عاصفة وربما تخفي خماسين المنطقة كثيرا من خفافيش الظلام وعشاق الصورة القديمة لمصر والمنطقة. وقد أعجبتني تغريدة الدكتور محمد محسوب أمس والتي قال فيها كالعادة لم تف إسرائيل بوعدها بوقف الغارات أثناء زيارة الوفد المصري, لأنها ببساطة لا تري فارقا بين فلسطين ومصر ورغم أن الأحداث المتلاحقة في غزة والجنون الانتخابي في تل أبيب تحريك اسرائيل رسائل لدول الجوار والعين الصهيونية التي لا تبرح سيناء في تمردها الحالي وقراءة تاريخ التآمر علي هويتها تواجدها بين الإهمال المصري وأحلام النزوح الغزاوي فإنني أكاد أنفجر قلقا من النيران علي الحدود. صحيح أن الوفد المصري تحرك في مهمته أمس بجناحين أحدهما للتهدئة ومحاولة وقف الغارات والثاني لتأكيد التضامن والتشديد علي أن مصر اليوم ليست هي مصر الأمس وهو ما أكده رئيس الجمهورية بعد صلاة الجمعة, إلا أن السيناريوهات التي جرت باستئناف الغارات أثناء الزيارة وما ارتبط بها من أقوال بأن حماس هي التي اخترقت الهدنة أو أن إسرائيل هي التي نسفتها يشير إلي أن نيران الحدود باتت قريبة من صانع القرار المصري خاصة مع حديث بعض المسئولين الأمريكيين أمس عن المساعدات العسكرية وأن الموقف المصري يتطلب إعادة النظر فيها وغيرها من التطورات المتلاحقة ومنها ما يتردد عن نزوح كثير ممن يسمون أنفسهم بالمجاهدين إلي سيناء. وقد تعرضت إسرائيل إلي850 صاروخا من جانب حماس في2012 حسب الوطن المصرية واقترب بعضها من تل أبيب وهذا يزيد من النيران علي الحدود وتحت الأنفاق وحتما ستتغير الصورة مع تل أبيب وما يسيطر عليها من رعب وكذلك تحركات الجهاد ضد مصر وإسرائيل في سيناء واستمرار الهجوم والغارات الوحشية البربرية. وفي مصر مازالت الصورة تجمع شتاتها بحثا عن ملامحها التي تحتاج إلي ما يضيف إليها القوة قبل الشعارات للتعامل مع النيران أو حتي مشاهدة المسرحية الدموية!