*إن ذكر الأرض في القرآن الكريم دون غيرها من الكواكب هو في حد ذاته معجزة كبري فبالرغم من وجود مئات التريليونات من الكواكب والنجوم القزمية والعملاقة علي شاكلة الأرض إلا إن المكان الوحيد الموجود علي سطح الكون والصالح والمؤهل لحياة الإنسان والكائنات الأخري لم يكن سوي هذا الكوكب المسمي بالأرض. * ولذلك اهتم القرآن الكريم بذكر هذا الكوكب بشكل خاص في اربعمائة وواحد وستين آية متحدثا عن عظمة الخالق سبحانه وتعالي في اختيار الزمان والمكان المناسب للأرض كي تحافظ علي حياة الإنسان وبقية الكائنات الأخري علي ظهره والتي تخدمه وتسهر علي راحته وتمده بكل أسباب البقاء من حيوان ونبات وجماد مما يجعل حياته سهلة ميسورة دون تعب أو معاناة تؤدي به إلي فقدانه للحياة * وتتميز الأرض بإحتوائها علي عنصرين لازمين للحياة ولا يوجدان في مكان آخر هما الماء والهواء فكلاهما ضروري ولازم لكل العمليات الحيوية التي تحدث داخل الإنسان والحيوان والنبات والجماد فتحتفظ بدرجة حرارتها المعتدلة ويحميها الغلاف الجوي من الشوارد القادمة من الكون والكافية بتدميرها وإنهاء الحياة علي ظهرها. * وإذا علمنا أن الأرض التي تدور حول نفسها وتدورحول الشمس ما هي إلا بقايا سديم شمسي تكون من غازات وغبار وبمرور الوقت برد سطحها فتكونت الصخور في قلبها منذ أكثر من4 مليارات سنة وبعدها بمئات الملايين من السنوات كان القمر الذي يدور في فلكها وتميز سطحها بوجود الغلاف الجوي وطبقة الأوزون اللازمين لمنع وصول الإشعاعات القاتلة إليها حماية لحياة الإنسان عليها هذا إذا علمنا أن المسافة بين الأرض والشمس تصل إلي مائة وخمسين مليون كيلو متر وتصل إشعة الشمس إلي الأرض في تسع دقائق تقطع خلال المسافة بسرعة الضوء البالغة300 الف كيلو متر مربع في الثانية الواحدة, وتركيبتها الصخرية الحالية ومكوناتها المعدنية والغازية في وجود الهواء والماء هي التي تميزها عن سائر الكواكب الأرضية الأخري المماثلة لها كعطارد والزهرة والمريخ ووجودها ضمن المجموعة الشمسية في موقع يختلف عن سائر مواقع الكواكب الأخري الموجودة في المجموعة الشمسية. * والحديث عن خلق السموات والأرض كوحدة واحدة ملتصقة مع بعضها البعض في بداية خلق الكون بالرغم من ضآلة حجم الأرض مقارنة بحجم الكون مما يجعلنا ندرك الأهمية البالغة للعلاقة الوطيدة بين التصاق الأرض بالسموات مثل التصاق الجنين ببطن أمه كي تعطيه الحياة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معني فأهمية خلق الأرض بالنسبة للسموات كأهمية رحم الأم لحياة الجنين كما في قوله تعالي:( أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون) الأنبياء30 ومن هنا كانت العلاقة الحميمة التي تربط بين السموات والأرض وارتباط أقدار كل منهما بالأخر علي الرغم من محدودية حجم الأرض مقارنة بحجم الأكوان الأخري والكون بكل كواكبه ونجومه ومجراته والذين لا نعرف منها سوي5% ويبقي95% من الكون مجهول, هذا عوضا عن السموات السبع بمستوياتها المختلفة والمخلوقات الأخري المجهولة لنا, ومع ذلك تبقي الأرض في قلب الأحداث لان منها إنطلقت شعلة الإيمان بالله بعد خلق الإنسان الأول والذي كان في نفس الوقت رسولا إلي أبنائه كي يعلمهم التوحيد الخالص ويعرفهم الإيمان بالله الواحد وكان هذا محور خلافة الإنسان في الأرض بالرغم من ضآلة حجمها مقارنة بمخلوقات الله الأخري في الكون حتي ندرك أيضا أن معني العبودية لله سبحانه وتعالي الذي وهب لنا الحياة دون مقابل في الدنيا ولكن سيدفع كل منا ضريبة الإنتفاع برزق الله في صحته وما أنعم الله به عليه في حياته. مفكر إسلامي وأستاذ بطب الأزهر رابط دائم :