مسح الرجل وجهه بيديه المبتلة من دموعه التي لم تتوقف منذ أن جلس معنا في استراحة الأهرام المسائي وبعد فترة من انتفاضته هدأ قليلا ثم سكت ونظر إلي الأرض وهو يقول: اسمي محمد معوض أعمل موظفا بإحدي المؤسسات الحكومية أحمد الله علي كل ما مر في حياتي لكن الجحيم الأخير الذي اتنفسه منذ الاربعاء الماضي يوم13 مارس لا يطيقه إنسان. وصمت الرجل وعادت الدموع تتجمع بمقلتيه من جديد وخرجت الكلمات بطيئة من فمه قائلا: ابنتي الوحيدة اعتماد ذات الاربعة عشر ربيعا ذهبت إلي مدرسة الحي الحادي عشر لاعداية بنات بمدينة6 أكتوبر وحضرت طابور الصباح وصعدت السلم مع اقرانها وقبيل دخولها إلي الفصل قالت لزميلتها انها ستذهب لشراء كيس مناديل من امام باب المدرسة, وتعود في الحال كان الوقت قبل بداية الحصة الأولي وبعد فترة اتصلت بها صديقتها جنة وقالت لها إن الحصة سوف تبدأ اسرع فردت اعتماد بانها قادمة. ويسكت الرجل قليلا يلتقط أنفاسه ثم يستكمل قائلا: بدأت الحصة ودخل المدرس الذي اعتاد رؤية اعتماد والتي تتلقي علي يديه درسا خصوصيا فلاحظ غيابها فسأل جنة عنها فذكرت له أنها امام المدرسة تشتري مناديل فطلب منها أن تتصل بها فاجابت بان رصيد هاتفها نفد فاتصل بها المدرس من هاتفه ففوجئ بهاتف ابنتي مغلق فقام علي الفور باصطحاب باقي أقرانها في الفصل واتجه يبحث عنها في فناء المدرسة, ويسيطر الأب الحزين علي انفعالاته ويكمل حديثه بصوت مليء بالشجن فوجئت والدة اعتماد باتصال من جنة عن طريق هاتف المدرس يبلغها اختفاء ابنتي وعدم عودتها من ذهابها خارج المدرسة فجن جنون الأم وجزعت لقرب المسافة بين البيت والمدرسة اتجهت معها ونجلي الحسيني الطالب بالثانوي العام وذهب ثلاثتنا نبحث عنها داخل وحول المدرسة وسألنا بائع مناديل يقف بجوار المدرسة عن أوصافها, فلم يتعرف عليها من كثرة المتردين عليه وعلمنا بعد ضغط من الاسئلة علي قهوجي يعمل قريبا من المدرسة بعد وصف ابنتي له انها اجرت اتصالات من محمولها, ثم حضر توك توك وركبته ولا يعلم قسرا ام برضاها, وظللنا نبحث داخل المدرسة حتي الثانية عشر ظهرا وقبيل الساعة الواحدة اتجهنا إلي البيت لعلها تكون عادت وفي نفس الوقت كانت امها مع بعض الاقارب يبحثون عنها في المستشفيات واقسام الشرطة ويسألون سائقي سيارات التاكسي لعل أحدا شاهدها دون جدوي حتي شارفت الساعة السادسة المغرب فاضطررنا إلي الذهاب إلي قسم شرطة ثاني6 أكتوبر في الحادية عشرة, وتم عمل محضر بالواقعة وتسليم12 صورة لها وظل المحضر بالقسم من يوم الاربعاء حتي السبت الماضي وتم تسلمه وتقديمه إلي النيابة عن طريق صول وذهبنا معه إلي محمد خليل وكيل النيابة وسردنا عليه الواقعة وتفاصيلها وكتب في نهاية المقابلة علي المباحث التحري عن الواقعة من المدرسة. وفي قسم الشرطة, ارسلوا في استدعاء زميلتها اسراء زميلتها المقربة ولا أعلم ما الاقوال التي سردتها لهم وبعد مرور8 أيام علي الواقعة اتجهت إلي القسم لاسأل عن أي جديد أو ما يفيد عن الواقعة ففوجئت برد أحد الضباط: لو عندك أنت أي أخبار ابلغنا بها ثم قال لما نوصل لشيء سنتصل به, ويسيطر الأب علي دموعه المحبوسة ثانية وهو يقول: رجاء زوجتي ذبلت وتموت ولا تنام منذ اختفاء ابنتي الوحيدة.. وأري وجهها في كل مكان.. ولا أجد امامي إلا أن استغيث باللواء حكمدار الجيزة مناشدا أبوته ومساعدته في انهاء عذاب أسرة تعيش أسوأ آلامها لفقدها قطعة منهم.. وأرجوه أن يتابع أي من ضباطه رقم هاتف ابنتي التي اتصلت منه قبيل اختطافها من امام مدرستها واستجواب كل من يحتمل أن له علاقة بهذا الكرب الذي نعيش فيه. رابط دائم :