يخطئ من يظن أن ما يحدث بين جماعة الإخوان المسلمين وباقي قوي التيار الإسلامي, خاصة السلفيين , ينبئ بمعركة متوقعة بين تلك القوي في المستقبل القريب أو البعيد. أقول ذلك مدركا أن الإخوان يتدافعون في ملعب السياسة وأمامهم برنامج يرجع إلي أكثر من80 عاما كان في بدايته ذا طابع ديني, ثم اكتسب ريشا وجلدا سياسيا, إلا أنهم يطوفون حول برنامجهم بروح الجماعة, وقيادة الإمارة, ومفهوم السمع والطاعة, ومن يكفر بذلك يخرج عنهم ويغادرهم, أما السلفيون فتراهم مجموعات وجماعات بعضها يتصادم مع الآخر بأحكام فقهية, أو معالجات لقضية مستحدثة, أو اجتهاد في نص, ويجتمعون علي منهج ديني طرأت عليه ظواهر سياسية مفاجئة بفعل عوامل التعرية التي ترجع لفساد وإفساد النظام السابق, وقد انعكس ذلك علي تعدد الأحزاب التي تعمل بغطاء سلفي, بل وضربت الانقسامات حزبهم الأبرز, وهو النور, الذي تفرقت دماؤه السياسية علي حزبي النور والوطن. ولا أظن أن بعض الملاحظات والانتقادات التي توجهها بعض القيادات السلفية لجماعة الإخوان وحزبها, تعبر عن رفض دولة الإخوان, ولا شرعية الرئيس المنتخب التي كانوا يرونها في وقت قريب من لزوميات الشريعة, بل وكانوا العين الساهرة, واللسان الداعي, واليد المدافعة عن مليونيات حملت مسمي الشريعة والشرعية في الآونة الأخيرة في مواجهة دعاة الدولة المدنية, ووصل الأمر إلي حد التهديد بإعلان الثورة الإسلامية في حالة الخروج الليبرالي علي الرئيس المنتخب, أو الدعوة إلي إسقاط نظامه. لذلك لا أصدق أن ينقلب السلفيون, ولا أي تيار ذي مرجعية إسلامية, علي الإخوان المسلمين حتي ولو تغيرت مواقف الجماعة وحزبها, لأن الإخوان هي الجهة القادرة علي التعامل مع أصحاب تلك التيارات, والتلاعب بآمالها السياسية, وتربيطاتهم الانتخابية, وصفقاتهم مع الأنظمة مهما اختلفت الأوجه, وتعددت الأقنعة, يضاف إلي ذلك أن غالبية السلفيين لم يكونوا في بداياتهم ونشأتهم الأولي بعيدين عن حركة الإخوان المسلمين فكريا ولا تنظيميا, وعمل بعضهم بين صفوف الجماعة, إلاأنهم يرفضون الانضمام إليها, ويكاد يثق السلفيون أن الإخوان لن يقضوا عليهم إذا استمروا في الحكم, وأن الجماعة تري أن الوقيعة بينهما ما هي إلا محاولات ستفشل مهما زادت عواصفها. ومن هذا المنظور يمكننا أن نتفهم مواقفة جماعة السلفيين و الجماعة الإسلامية و جماعة الإخوان, فكلهم جماعة يا مولانا, تفرقهم السياسة أحيانا, لكنه يجمعهم حلم الصحوة الإسلامية بمزاياه الدينية, وعيوبه السياسية التي تجعل الكذب سلاحا, والخداع أداة فوز, والمراوغة خطة لإرهاق الخصوم, كما أنهم جماعة يتعاملون بغطاء سياسي, وجلد ديني, وجهاد شرعي من أجل هذا المشروع الإسلامي, وفي سبيله يفعلون كل الأشياء ماداموا سيصلون جماعة أيضا إلي غنائم حربهم مع أي قوي سياسية أو فكرية أخري! [email protected]