يعيش الاقتصاد المصري حالة من عدم الاتزان بعد الأحداث المتلاحقة التي أثرت عليه وجعلته في أسوأ حالاته بعد أن أهملنا كل مقوماتها من صناعة وزراعة وإنتاج وتفرغت كل فئة للوقفات الاحتجاجية والاعتصامات وقطع الطرق وأعمال التخريب وتوقف عجلة الإنتاج ليهجر العامل مصنعه والفلاح أرضه والتاجر متجره بحثا عن مطالبهم الشخصية دون النظر إلي الآثار السلبية التي ستخلفها هذه الأفعال علي الاقتصاد الذي أصبح مثل المريض الذي يبحث عن علاج لمنع انتشار بقية المرض في جسده الضعيف,لتقل الصادرات وتزداد الواردات ويهبط سعر الجنيه المصري ويرتفع الدولار ويزيد العجز في الموازنة العامة للدولة, وحتي يسترد الاقتصاد عافيته وضعنا أيدينا علي الأعراض التي عصفت به ليضع لنا مجموعة من الخبراء روشتة النهوض به مرة أخري والعودة إلي أفضل ما كان عليه في الماضي. في البداية يقول الدكتور سلطان أبو علي وزير الاقتصاد السابق إن عودة الأمن وتحسن أدائه يعد من أهم النقاط حتي يسترد الاقتصاد المصري عافيته وبدونه لن تحل أي أزمة داخلية مهما كانت لأن الأمن هو الأساس الذي يشجع كل الفئات للعمل الجاد, كما أنه يشجع أيضا الصادرات وجذب الاستثمارات الأجنبية والعربية والمصرية ويعيد السياحة إلي سابق عهدها مشيرا إلي ضرورة أن تكون سلوكيات المجتمع المدني محفزة للتنمية والنمو وتزيد من الادخار وان يكون هناك انضباط والتزام في العمل, وان يشعر قطاع الأعمال بالمسئولية الاجتماعية بخلق فرص عمل جديدة والعمل علي زيادة الإنتاج ودفع مزيد من الضرائب وتقديم خدمات في مختلف القطاعات مثل التعليم والصحة. أشار إلي أهمية خلق الثقة في الاقتصاد المصري وهذا ما تسعي إليه الحكومة من خلال القرض التي تحاول الاتفاق عليه مع البنك الدولي والذي يقدر ب8,4 مليار دولار,فالهدف ليس قيمة القرض ولكنه عنوان الثقة بأن الاقتصاد المصري يتعافي لتشجيع المستثمر الاجنبي في الاستثمار بمصر. وأن الحكومة عليها إجراءات تقليدية من حيث الموازنة ولذلك فهي مطالبة بتنشيط الاقتصاد وتشجيع قطاع الأعمال علي زيادة الإنتاج, وعدم وضع أعباء جديدة علي المستثمرين ومنحهم تسهيلات وحوافز جيدة من أجل زيادة حجم الاستثمارات وخلق مناخ استثماري تنافسي. ويؤكد الدكتور سمير مرقص أستاذ المحاسبة والضرائب والقانون بالجامعة الأمريكية ومستشار رئيس الجمهورية السابق أن الاقتصاد تعرض لمظاهر أدت إلي تعرضه لهزة قوية منها انه كان يعاني من اختلافات جوهرية وهيكلية قبل الثورة نظرا التركز الثروة في فئة معينة من الشعب وعدم توزيعها بالشكل الملائم فاحتكر الاقتصاد قلة سيطروا عليه بمصالحهم. قال إن الاقتصاد تأخر خلال ال30 سنة الماضية لعدم وجود خطة واضحة لرفع قيمة الاقتصاد المصري وزيادة الصادرات وتقليل الواردات والحفاظ علي قيمة الجنيه المصري والاكتفاء الذاتي في الزراعة وتنمية الابتكار والإبداع لانهما قاطرة التنمية في اي دولة فتأخرت الزراعة وظهرت البذور المتسرطنة وأهملت الصناعة ولم تبذل الحكومة اي جهود لتطويرها ونتيجة لذلك انكمشت الصادرات وزاد الإقبال علي الواردات. مشددا علي انه حتي يسترد الاقتصاد عافيته لابد من الاستقلال التام للبنك المركزي الذي يعد دعامة الاقتصاد المصري نظرا لان تدخل غير المتخصصين في عمله يؤدي إلي ارتباك البنوك,مؤكدا أن هذا سوف ينهي مشكلة البطالة بنسبة75% من خلال التأجير التمويلي مباشرة وليس من خلال شركات وبذلك نقلل من مخاطر البنوك التي تأتي من الإقراض النقدي وليس من تأجير التمويل. أوضح إن مصر بها نحو20 مليون فدان خصبة للزراعة في الصحراء الغربية وهي أرض طفيلية تكونت نتيجة تراكم طفلي نتج عن جريان سبعة أنهار مغمورة عبر التاريخ وكما قال الدكتور محمد البار أنها ممر التنمية وتجعل مصر مزرعة أفريقيا وحتي ألان لم تبذل الدولة أي جهد لاستغلال هذه المساحات الشاسعة من الاراضي الخصبة, كما أن صعيد مصر بها أخصب الاراضي الزراعية في العالم ولكن الاهالي معظمهم يزرعون قصب السكر رغم أن الفدان يدر من الفين إلي الفين وخمسمائة جنيه وإذا تم استبدال زراعة القصب بنباتات طبية وعطرية سوف يدر الفدان الواحد من180 إلي200 ألف جنيه, كما أن الصحراء الشرقية بها ضعف الرصيد العالمي من الذهب أي أنها تمثل ضعف الاحتياطي العالمي من هذا المعدن النفيس, مؤكدا أن الذهب ينتشر في الحدود بين محافظتي سوهاج وأسوان ويزداد تركيزه في المنطقة الواقعة بين الأقصر وأسوان, معلنا أن هذه المنطقة غنية أيضا بمعادن النحاس والحديد والالومنيوم واليورانيوم واذا تم التركيز علي التنقيب علي هذه المعادن سوف تدر لمصر ثروة تفوق ثلاثة أضعاف دخل الدولة من الزراعة. ويري الدكتور مرقص أن الاقتصاد المصري يشكو من أمرين الأول قلة الصادرات في السلع التي لم ترتق بأي منتج خارجي ولم تعمل الدولة علي تحسينها حيث أدي ذلك إلي أن المواطن يفضل السلع الأجنبية ليقل الدخل القومي والعملة الأجنبية وينخفض الجنيه المصري وبالتالي وجدنا أنفسنا في وضع مالي سيئ بسبب استنزاف رصيدنا من الاحتياطي الاجنبي بدلا من التفكير في وسيلة جيدة للخروج من لازمة بعد أن قمنا بتصفية الكفاءات والمبدعين الأمر الثاني يتمثل في زيادة الواردات بعد أن أصبحت السلع المحلية غير قادرة علي المنافسة. أما الدكتور عبد الرحمن عليان أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس فقال إن السبيل للخروج من ألازمة وانتعاش الاقتصاد هو عودة الأمن بسرعة وزيادة الثقة في النظام السياسي الذي يدير البلاد ومنحه فرصة للعمل وتنفيذ برنامجه, واستقرار في التشريعات والقوانين والمصداقية في القرارات الاستثمارية التي سوف يشرعها البرلمان المقبل أو مجلس الشوري الحالي, وأن تكون هناك قرارات وقوانين تطمئن القائمين علي السياحة حتي تسترد عافيتها وتعود أفضل مما كانت عليه من قبل وتزيد من معدلاتها نظرا لأنها تعد مصدرا مهما من مصادر الدخل القومي. أضاف أن ضخ الاستثمارات العربية والأجنبية والمصرية الموجودة في الخارج إلي مصر لن يأتي إلا باستقرار الأوضاع الداخلية في كل شئ حتي يشعر المستثمر بالأمن والأمان علي نفسه وأسرته وماله. وأستطرد قائلا انه ينبغي علي الحكومة أن تعيد تشغيل المصانع التي توقفت عن الإنتاج وأغلقت في الفترة الماضية والتي تقترب من ألفين وخمسمائة مصنع وضخ أموال فيها حتي تدور عجلة الإنتاج مرة أخري, ويعود العاملون إلي مصانعهم بعد توقف دام شهورا عديدة, فضلا عن ضرورة وضع نظام زراعي يسير جنبا إلي جنب مع الصناعة مع تحديد الأسعار حتي لا يحدث تلاعب في الأسواق.