كنت أظن أن اختلافنا سينتهي باتفاق رغم أجواء الخلاف والتصادم التي تسيطر علي المشهد. وكان تفاؤلي مرتبطا بحالات كثيرة من الاتفاق التي تلت اختلافنا كان أبرزها اتفاق المصريين في بداية العصر البطلمي علي ولاية' فيليب ارهيدوس' الشاب المعتوه للعرش خلفا لأخيه غير الشقيق الإسكندر الأكبر والاعتراف بحق جنين' روكسانا' زوجة' الاسكندر' الفارسية- وكانت حاملا- في مشاركة' فيليب' الملك. ولا أجد أكثر من اختلافنا الحالي حول والذي تحول إلي مصادمات وقتال ودماء, والكارثة الكبري أنه ناتج عن أن كلا منا يري الشئ بعينه فقط ولا يعترف بحق الآخر في الرؤية أوالتفسير. وتشير الشواهد إلي أننا أصبحنا كالعميان الثلاثة الذين أدخلوا غرفة بها فيل و طلب منهم أن يكتشفوا ما هو الفيل حتي يتمكنوا من وصفه فأخذوا يتحسسونه وبدأوا يصفونه, فقال الأول: الفيل مجرد أربعة عمدان علي الأرض وقال الثاني: إنه يشبه الثعبان تماما وقال الثالث: يشبه المكنسة, وتعجب الحاضرون من اختلافهم الذي وصل إلي ما يشبه المشاجرة و تمسك كل منهم برأيه و راحوا يتجادلون ويتبادلون الاتهامات بالكذب والإدعاء حتي اكتشف من تابعوا الموقف أن الأول أمسك بأرجل الفيل وتحسس الثاني خرطومه فقط بينما لم تصل يد الثالث إلا إلي ذيله واتضح أن الثلاثة لا يكذبون ولكنهم لم يعطوا أنفسهم الفرصة للوصول إلي الحقيقة الكاملة. نحن نتعامل كالعميان وتنزلق أقدامنا في وحل الاختلاف والصدام ليس لأننا لا نري ولكن أيضا لأن عيوننا حينما تبدأ في التعافي وتري جزءا من الواقع والحقيقة تكتشف أن من يقودوننا في طريق الظلام من العميان مثلنا ويتعامل الكل بنظارته الخاصة التي تعتمد علي نظرية من ليس معنا فهو ضدنا أحدنا جعلها دينية والآخر اختارها مدنية والثالث يري بعيون الآخرين بنظارة عاكسة للحقيقة إحدي عدساتها محدبة تكبر وتضخم في الذات والأنا والرأي الشخصي والأخري مقعرة تصغر وتقلل من رأي الآخرين. ولهذا توالت أزمات اختلافنا وخلافنا منذ ثورة25 يناير وتحول إلي طعنات متبادلة في الشرف وتشكيك في الولاء للوطن وأعطي طرف لنفسه حق التهديد باسم الثورة والثوار والثاني بإعلان الإمارة الإسلامية وتداخلت غزوات النهضة ورابعة والإنتاج الإعلامي والدستورية مع مسيرات الغضب بالتحرير والاتحادية والنور والقائد إبراهيم. ولم نعد عميانا فحسب وإنما تدخلت عوامل وقوي بأرواح شريرة جعلتنا لا نسمع أيضا فافتقدنا القدرة علي الحوار أو الفهم أو الاتفاق الودي حتي حانت لحظة لبدء الحوار واتفاق الجميع علي المشاركة في الدعوة التي وجهها الجيش المصري, كل القوي الوطنية المتصارعة والمتناحرة في السياسة وافقت علي المشاركة في الحوار وما كدنا نتوقع النتائج التي من ضمنها إنهاء حالة الاحتقان حتي تم إعلان إرجاء اللقاء إلي أجل غير مسمي. الحوار تم إرجاؤه أو تأجيله أو حتي إلغاؤه ولكن الرسالة وصلت للجميع وللأسف مازال الخلاف مستمرا!