من السهل أن تشعر الناس بكراهية لحياتهم اليومية سواء كانت هذه الحياة تتمثل في ضيق لقمة العيش أو ضيق مساحة الحرية وهذان العاملان هما أساس التحفيز علي التغيير. وبالتالي تأتي الثورات لتهدم هذا الواقع وتغيره ولكن تبقي المرحلة الأصعب والأهم وهي أن تقيم بناء جديدا علي انقاض ماهدمت وهي آفة تصيب العديد من الثورات وللأسف منها ثورة25 يناير.. فإذا تأملنا ماحدث لوجدنا إننا نسير نحو نفس النهج القديم والتغيير لم يتعد كونه تغييرا في الاشخاص اما المنهج والأسلوب وطريقة التعامل مع الأحداث فتكاد تكون مطابقة بل للأسف أسوأ من الماضي. ولا أدري أين تكمن المشكلة؟ هل كنا في حاجة إلي تغيير الداخل ولا أقصد الشأن الداخلي لنا كدولة بل الأهم هو التغيير داخل الاشخاص فالحقيقة أن الصورة القاتمة المحزنة تعكس مثالب كثيرة في أساليب التعايش مع الواقع الجديد وخاصة في التعلم من الماضي وتلافي سلبياته سواء الانحياز إلي كتلة سياسية معينة أو الاستحواذ علي مقاليد السلطة كأسلوب للتعامل مع الواقع بطريقة توزيع الغنائم وليس بإعلاء قيم المصلحة العامة فوق كل ماهو خاص. وإذا نظرنا إلي الاحداث الاخيرة لعرفنا ان الطرفين المعارض أو المؤيد لكل مايدور من أحداث في خسران والوحيد الرابح هو العدو الذي يتربص بنا ونحن نتفتت ونتناثر دون بذل أي جهد أو ثمن يدفعه. ومن المخزي لنا جميعا أن تنزف الدماء لمجرد تشبث السلطة لطرح من وجهة نظري وجوده أو عدم وجوده لايقدم ولا يؤخر في شئ ولكني التعالي والاستعراض بالقوة واثبات من الطرف الاقوي ومن الاضعف حتي لو احترق الاخضر واليابس وهو أسلوب اشبه بما فعله نيرون الذي أحرق روما من أجل الانحياز إلي طائفه بعينها. أما المضحك المبكي فذلك الاسلوب الذي يتم التعامل به ويتشابه مع الاسلوب نفسه في الماضي سواء الارتكان إلي الصمت أو عدم المبادرة في توضيح ما يحدث امام المواطن كحق اصيل له. ومن المثير للغرابة ان ينيب الرئيس نائبه لمواجهة الازمة ولا أدري ان كان نوعا من التعالي أو عدم توريط نفسه في تعهدات أخري لن تنفذ.. والغريب أن ماطرحه السيد النائب من حلول سواء مايتعلق بأزمة الدستور لم يتعد أن يكون آراء مرسلة واجتهادات شخصية لاتمثل وجهة النظر الرسمية وبالتالي لافائدة منها. والأخطر في نظري ماتمخض عن النائب من إجابات في مؤتمره الصحفي وهي تصريحات أن اخذناها مأخذ الجد وليس اعتبارها مجرد زلة لسان لكان لها عواقب وخيمة وتنذر بأن الرعب قادم لا محالة لمستقبل هذا الوطن.. أولي هذه الاجابات عندما سئل سيادته لماذا طرح السيد الرئيس في اعلانه الدستوري ضرورة امهال اللجنة التأسيسية شهرين إذا كان بامكانها أن تنتهي من اعداد مسوده الدستور في يوم واحد فأجاب النائب بأن الرئيس لم يكن يعلم وهي اجابة من وجهه نظري تشكل استهزاء بذكاء المواطن وتقلل من احترام السيد النائب له. وأما الاجابة الاخري الكارثية فتكمن في رد سيادته في معرض سؤاله عن معاناة المواطن مع رغيف الخبز وأنابيب الغاز ومنظومة الامن رد النائب بأن المواطن هو الذي يدفع الثمن وقد نسيناه في غمرة الصراع السياسي وأن المواطن لايهمه الديمقراطية أو الدستور وهي إجابة تدل علي ان السيد النائب مازال يتبني اسلوب العصر البائد علي طريقة اطعم الفم تستحي العين وهو أسلوب يمثل قمة الاحتقار لمواطن يشهد العالم كله له كل يوم بحسه السياسي. وفي النهاية أري أن المتكبرين هم الذين يدركون الحكمة ولكن ماأخشاه أن تكون بعد فوات الآوان. [email protected] رابط دائم :