ثوار.. نعم ولكننا متحضرون.. غاضبون.. نعم ولكننا لسنا همجيين.. نطالب بالقصاص.. نعم ولكننا لا ندعو للانتقام.. ننشد الحق والعدل.. نعم ولكننا في نفس الوقت حريصون علي ألا تهدر دماء أبنائنا هباء. 48 ساعة نعدها بالثواني لنراهم مرة أخري خلف قضبان قفص العدالة.. من يحتمي بسرير ويدس إصبعه في فتحة أنفه دون مبال بملايين تشاهده علي شاشات تنقل صورته إلي أرجاء الكون.. ومن يسعي لإخفائه عن عيون هجرها النوم وظلت ساهرة لتضم ذلك المشهد.. ومن يحدق بعيون لا ترتجف جفونها فيمن تتقاطع ملامحهم أمامه مع قضبان حالت دون الإمساك برقبته فهم أهالي شهداء أريقت دماؤهم علي يد من كان يفترض فيه حمايتهم.. ليس تشفيا في أحد ولكن إحساسا بأن ساعة الحق والعدل قد حانت وآن لمن غدر أن يسدد فاتورة غدره بأبناء وطنه. 48 ساعة وينادي علي من كان يسبق اسمه سيادة الرئيس بالمتهم محمد حسني السيد مبارك, ومن بعده متهمون كانت الحياة تتوقف عند مرور مواكبهم.. وقبلهم جميعا من كان توقيعه علي أمر اعتقال كاف تماما بأن تفشل معه جهود' العرافين' بأن تعثر علي أي أثر له, ولا تكفي أطنان من البن في بقايا فناجين قهوة يتجرعها أهله ومحبوه لمعرفة مكانه.. ولا تضمن آلاف الأوراق التي تضمها مئات من حوافظ المستندات يتلقاها قاضي المعارضات من محامين رهنت زوجات مصاغها لسداد أتعابهم لأن يظهر مجددا من اختفي فجأة ليعود ويضمه أهله مرة أخري إلي صدورهم. 48 ساعة ونتأكد جميعا أن الطريق إلي نظام جديد يحترم آدمية المواطن ويراعي احتياجاته ويحافظ علي كرامته ويصون حاضره ويخطط لمستقبل أفضل قد بدأ بالفعل.. فالقضية هنا ليست انتقاما أو تشفيا بل بحثا عن حق' اختنق' بدخان قنابل مسيلة للدموع أو نزف حتي الموت من رصاصات غادرة اخترقته.. محاولة لإنقاذ مستقبل وطن يسعي لأن يجد لكل طفل مكانا يمسك بيده قلما فيه ليتعلم ز ر ع.. ح ص د.. ليضمن لكل من يجمع قروشا ليستر البنت أن يحقق ما يتمني أن تراه عيونه قبل أن يغمضها إلي الأبد.. من يتمني أن تضمه وأهل بيته أربعة جدران تحميه من العيون.. ومن يتألم مرضا من أن يجد مكانا في مستشفي عام وليس في جناح مستشفي7 نجوم في منتجع ربما يضع نهاية لألمه.. ومن لا يخاف من غدر الزمن وهو يتلقي بيد تهزها سنوات العمر وأحكام الزمن معاشا يكفيه. علي النقيض من ذلك الحلم بات الوطن كله مصلوبا وأصبح مواطنوه جميعا معتقلين داخل جدران الخوف علي ذلك المستقبل الذي بدأت ملامحه تتشكل في وجداننا ليلة11 فبراير الماضي.. فالبعض يسعي لأن يحيل أجراس الكنائس وأذان المساجد إلي كلمة السر لتنطلق فرق الاغتيال لتصفي وطنا.. تجهض حلم شعب.. تخنق بسمة طفل يلوح بعلم تمثل خطوطه الثلاثة ونسر صلاح الدين المشتبك معها قواعد تشكيل وجدانه الوطني..!!.. فهناك من يسعي إلي القفز علي الثورة واختطافها وبينهم من يراهنون علي إقناع البسطاء منا بأنهم يحملون توكيلا إلهيا لحماية الدين وفرض التقوي علي مواطنين يرونهم أنهم في حاجة إلي دليل يرشدهم إلي طريق الإيمان!! أو من ينصبون أنفسهم قضاة في محاكم للتفتيش في النوايا بأسلوب مكارثي جديد!!.. أو أولئك الذين يحتفظون بصكوك الوطنية والثورية يوزعونها علي مريديهم وحوارييهم!! ندعو إلي مليونيات تغير لافتات أسماءها كل يوم جمعة ونترك أبوابها مفتوحة علي مصراعيها لكل من يريد التسلل إلي الصورة ربما يلحق بقطار الثورية.. نخرج إلي ميدان التحرير لنؤكد حقنا في محاسبة قتلة أبنائنا أو لننادي بترتيب أولويات تضمن لنا أسلوبا راقيا لمشاركتنا في صياغة قرار مستقبلنا وقادم الأيام لأبنائنا.. وعندما يبدأ الطريق إلي ذلك يعود غير قليل منا ويلتف مرة أخري بحثا عن سبب آخر يتيح له أن يقدم' عروضا لقواه' أو علي الأقل يشارك فيما هو أقرب للدورات الرمضانية في أي من أحياء القاهرة.. ألم يحن الوقت لأن نتوقف عن ذلك وننتبه إلي قادم الأيام لعلنا نتلمس طريقنا الصحيح ؟!! [email protected] المزيد من مقالات عبدالعظيم درويش