في صباح كل يوم يبادرني واحد من الناس بهذا السؤال مصر رايحة علي فين؟ وفي كل يوم لم أجد أجابة شافية أرد بها علي سائلي وفي اعتقادي أن الكل في مصر عاجز عن الاجابة عن هذا السؤال.. والحقيقة الوحيدة التي نستخرجها من تكراره يوميا ومن كل الأعمار والفئات هو وجود نزعة تشاؤمية لدي المصريين تتعلق بمستقبل هذا البلد: فلم يعد يملك أي منا مساحة من التفاؤل حول مستقبل مصر في ظل الصراعات المتنامية شمالا وجنوبا وشرقا وغربا والمستحوذة علي كل مساحة وخارطة هذا الوطن الذي يئن ويتضجر ليل نهار. وأنا لست متشائما بطبعي ولكن لاأملك بصيصا من الأمل أمنحه لغيري ولا أجد مخرجا واحدا من هذا النفق المظلم في كل مساحات التربص والتصارع والتناحر علي أقسام مصر وحصر مساحتها وطوائفها ومعتقداتها الفكرية داخل قالب مصمت فاقد للنبض. فإذا مانظرنا إلي يومنا نتأمل ما به من أحداث لوجدنا أننا لسنا في دولة بل في حلبة صراع وتخبط يعيد مصر إلي المربع صفر ولا أقصد بمربع الصفر هو عصر مبارك بل أقصد ردة تاريخية قد تعيد مصر لعصور من الجهالة والخرافات تكتسح معها كل خطوة تقدمت مصر بها إلي الامام فليس من التشاؤم ولا المثير للغرابة أن نري بأعيننا المجردة كل التخبط السياسي والاداري بدءا بمؤسسة تحكم وانتهاء بإدارات محكومة ومرورا بحكومة عاجزة عن طرح أي حلول أو إيجاد مخرج للأزمات الطاحنة التي تشهدها مصر في كل لحظة وهي حكومة ساعدت بعجزها وقلة خبراتها وقراراتها العشوائية علي تحويل مصر إلي أشلاء. أما مايشهده التناحر السياسي فهو أمر مخز لدولة عرفت المفهوم السياسي وكان لها السبق علي العالم أجمع في إرساء مفاهيم الدولة الحديثة وإعلاء دولة الدستور والقانون وهي الدولة العاجزة الآن عن كتابة دستور في ظل وجود جهابذة القانون الدستوري مما يعد أضحوكة هذا العصر. يضاف إلي الوكسة التي غيبت معها ما كان يميز المصريين من شعب مرح ومبتسم إلي شعب قانط وعابس مايراه المواطن المصري والذي غرر به بمشروع واهم يحمل عناوين براقة خادعة خالية الدسم والمحتوي كمشروع النهضة الذي لا أعلم ولايعلم غيري أين تبخر وذهب مع الريح.. فأين الوعود بحل مشكلاتنا الاقتصادية وأين الوعود بحل مشكلة البطالة التي تنخر في عظام شبابنا وأين حل مشكلة رغيف الخبز وأين الغاز الذي كنا نصدره وعندما اوقفنا تصديره لإسرائيل أصبنا بلعنة بني اسرائيل وأصبحت لدينا أزمة غاز وأين الحريات التي كان يتغني بها مشروع النهضة في ظل التهديد بحبس كل من يخالفهم الرأي وأين حقوق الأقليات وحقوق المرأة وأين الصحافة المستقلة عن أي تبعية للدولة وأين مصر دوليا وعربيا في ظل تنامي دولة في حجم قطر سياسيا بالمنطقة وأين هيبة الدولة في ظل عمليات الاعتداء علي سيادتها في سيناء؟ وأين؟ وأين؟ كل هذا هو دفتر أحوال مصر.. ولم يبق إلا سؤال واحد أين رئيس مصر. [email protected] رابط دائم :