أجمع الخبراء علي إمكانية إعادة هيكلة شركات القطاع العام بعد الخسائر الفادحة التي تعرضت لها علي مدي الأعوام الماضية, إلا أنه يجب إعداد خطة محكمة تسبقها دراسات علمية لتؤتي الثمار المرجوة من إعادة الهيكلة, خاصة أن تلك العمليات سيتبعها ضخ استثمارات جديدة في ظل نزيف الموازنة العامة للدولة, موضحين أن تدبير تلك الأموال لن يأتي إلا من خلال بيع بعض الأصول المملوكة لتلك الشركات, أو الاندماج مع شركات أخري بغرض إيجاد كيانات اقتصادية جديدة تسهم بدورها في دعم الاقتصاد, وتطوير القاعدة الصناعية لقطاع الأعمال. وكانت الخصخصة في أيام عاطف عبيد قد نالت العديد من شركات قطاع الأعمال, ولعل أبرز خطوات إعادة الهيكلة التي رصدها الأهرام المسائي وفقا لآراء خبراء الاقتصاد, جاء علي رأسها إعادة هيكلة رواتب القطاع العام وإزالة التشوهات والاختلالات التي لحقت بإدارات تلك الشركات نتيجة الحلول المؤقتة والمرحلية للمشكلات والتحديات التي كانت تواجه الحكومات المتعاقبة, بالإضافة إلي المحافظة علي دور السلطة التنفيذية في التوجه والقرار, وحماية تقديم الخدمات العامة والاستثمارية. وقال الدكتور عبدالمنعم السيد, عضو الجمعية المصرية لشباب الأعمال, إن خطة إعادة الهيكلة التي تعتزم تنفيذها وزارة الاستثمار يسهل تحقيقها, بشرط أن تقوم علي معايير محددة أهمها دراسة المؤسسات والوزارات كل علي حدة, من منظار برنامج شمولي, نظرا لاعتبار الدراسة جزء لا يتجزأ من مشروعات متكاملة للإصلاح الإداري, بالإضافة إلي العمل علي ضبط الإنفاق وتقليل حجم أجهزة الدعم الإداري والمالي في القطاع الواحد. وأضاف السيد أن خطة إعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام تقوم علي تطوير القاعدة الصناعية لقطاع الأعمال العام ليكون قادرا علي إنتاج منتجات منافسة, بالإضافة إلي ضخ استثمارات جديدة في الشركات, مستبعدا أن تلجأ الحكومة إلي تصفية أي شركة مع استئناف عمليات تصفية الشركات التي اتخذت بشأنها قرارات تصفية سابقة بعضها منذ10 سنوات. وأوضح السيد أن طبيعة الأمر ستقتضي الاعتماد علي فكرة الدمج والاستحواذ بين الشركات, خاصة مع ارتفاع خسائر بعض الشركات وصعوبة استمرارها لفترات طويلة محملة أعبائها علي شقيقاتها من الشركات الرابحة, خاصة أن فكرة الدمج والاستحواذ هي البديل الأمثل لعملية التصفية التي لاحقتها سمعة سيئة, خاصة أن هناك بعض الشركات مازالت تحت التصفية منذ نحو10 سنوات وحتي الآن. ولفت السيد إلي أنه مع مرور الوقت لن تستطيع الشركات الاستمرار بهذا العدد, والحل الأفضل لها أن تندمج حتي تتمتع بالقدرة علي المنافسة وذات قوة اقتصادية كبيرة. واتفق مع الرأي السابق الدكتور عبدالخالق فاروق, الخبير الاقتصادي, مشيرا إلي أن الشركات الحالية تمتلك مساحات شاسعة من الأصول الثابتة المتمثلة في عقارات وأراض تؤهلها لإعادة هيكلتها من خلال استغلال التدفقات النقدية الناتجة عن عملية البيع, ومن ثم إعادة استثمارها مرة أخري, بالإضافة إلي دمج الشركات ليكون أحد سبل الإنقاذ المتاحة الآن, مؤكدا أنه في حالة وجود عدد محدود من الشركات القوية هو أفضل كثيرا من وجود شركات عديدة تتسبب خسائرها في دفع الشركات الرابحة إلي حافة الخسائر. وأضاف عبدالخالق أن هناك بعض الأفكار المطروحة في شأن تخفيض عدد الشركات, وهو اللجوء إلي التخلص من بعض الشركات بأن يتم تحويلها إلي الوزارات قطاعيا كأن تعود شركات الإصلاح الزراعي إلي وزارة الري وشركات التجارة الداخلية إلي التموين, وشركات السياحة إلي وزارة السياحة, وإن كانت تلك الفكرة تلقي اعتراضا كبيرا بسبب أن الوزارات ترفض الشركات وتفضل أن تنتقل لها الشركات الرابحة ذات الأصول. وأوضح الخبير الاقتصادي أنه من أهم ملامح التطوير الجديدة الاعتماد علي القطاع الخاص في الإدارة أو المشاركة بعد فشل نظام الخصخصة القديم, حيث يعتبر البعض أن الإدارة الخاصة هي الوحيدة القادرة علي العبور بالشركات إلي الأرباح, ولأنه لا غني عن ضخ استثمارات جديدة في الشركات, فإن القطاع الخاص سيكون قادرا علي إعادة الثقة في نشاط شركات قطاع الأعمال العام, وبالتالي فتح باب التمويل البنكي, وبالفعل بدأ عدد من الشركات في تنفيذ اقتراح الإدارة بالمشاركة مع القطاع الخاص أو تأجير وحدات من الشركات العامة إلي القطاع الخاص.