تعيش قرية المنشأة الصغري التابعة لمركز القوصية, التي يبلغ تعداد سكانها أكثر من ثمانية آلاف نسمة, مأساة حقيقية في أسيوط, بعد أن تخطاها قطار التقدم والتنمية علي مدار الأعوام الثلاثين الماضية. حيث مازال الأهالي يعيشون حياة بدائية, ويعتمدون علي الطلمبات الحبشية في تدبير احتياجاتهم من المياه التي تتسبب في كثير من الأمراض لاختلاطها بالصرف الصحي وعدم تنقيتها, أما مشكلة المشكلات فتكمن في الخبز الذي بات يمثل قضية حقيقية لكل أسرة, حيث يوجد بالقرية مخبز واحد جعل نصيب الفرد من الخبز يوميا يقدر بنصف رغيف, وهو لا يلبي احتياجات الفرد علي الإطلاق, ولجأ أصحاب المخبز وبعض الشخصيات في القرية إلي حل وسط حيث تم تقسيم الأهالي إلي نصفين كل يأخذ احتياجاته من الخبز يوما بعد يوم بنظام الدور, وهو ما جعل معاناة الأهالي تشتد مع هذه المشكلة, ولم تتوقف مشكلات القرية عند هذ الحد حيث يعاني أهالي القرية من ضعف التيار الكهربائي, ورغم وجود مصرف لصرف ملوحة الأرض فتحول إلي برك ومستنقعات بعدما ألقي الأهالي به مخلفاتهم, وكذلك الحيوانات النافقة, وهو ما جعله مصدرا للأوبئة والأمراض. وقال رمضان نصر( من شباب القرية): إن القرية تعيش حياة بدائية للغاية, فلا توجد به خدمات, ولا أي إمكانات, وكل ما يقدم لهم ما هو إلا مسكنات لتسيير الأمور, حيث إنهم محرومون من المياه النظيفة, و الطرق الممهدة, والخدمات الصحية والتعليمية, ولا يوجد مركز شباب. وتحدث جمال محمد سيد( من أهالي القرية) قائلا: إن القرية تعيش في القرون الوسطي, حيث لا يتخيل أحد أن الدولة بإمكاناتها الحديثة, وتقنياتها المستحدثة توجد بها قرية تعتمد في توفير احتياجاتها من المياه علي الطلمبات الحبشية الممتدة في باطن الأرض, وذلك لعدم وصول مياه الشرب إلي عدد كبير من المنازل, وعدم قدرة خزان المياه علي تغطية كل احتياجات القرية, وهو ما يجعلها دائما في حالة انقطاع مستمر, وتترتب علي ذلك إصابة العديد من الأهالي بأمراض الفشل الكلوي, والحصوات, والتليف الكبدي وما غير ذلك, لذا نرجو من المسئولين النظر إلينا بعين الرأفة لإنقاذ أطفالنا من الموت الذي يلاحقهم, وفيما يخص الصرف الصحي فالأمر لا يختلف كثيرا, حيث توقف المشروع منذ ثلاث سنوات ويضطر الأهالي إلي حفر آبار أسفل منازلهم لتصريف المياه, وتترتب علي ذلك عدة كوارث, منها التهديد الدائم بانهيار المنازل لتآكل الأساسات. واستنكر محمد محمود محمد( مدرس ثانوي) الوضع الذي يعيشه الأهالي فهو مجاعة حقيقية لعدم توافر الخبز, حيث يوجد بالقرية مخبز وحيد يمتلك حصة ضئيلة من الدقيق لا تفي باحتياجات الأسر التي بات نصيب الفرد بها نصف رغيف يوميا, وقال: إننا لا نجد العيش الحاف لنسد به أفواه أطفالنا في وقت يحمل فيه المسئولون الشعارات الثورية, لذا نطالب وزير التموين بالنظر بعين العطف وزيادة حصة المخبز الوحيد, أو تشغيل المخبزين الآخرين الجاهزين للعمل ولا تتوافر لهما حصص من الدقيق. وأكد محمود علي أحمد( من أهالي القرية) أن المشكلة تكمن في مصرف المياه الخاص بالأراضي الزراعية الذي يحاصر القرية, حيث تحول إلي برك ومستنقعات بسبب قيام الأهالي بإلقاء مخلفاتهم من القممة, وكذلك الحيوانات النافقة في ذلك المصرف, وهو ما أدي إلي انتشار الحشرات والزواحف التي تنقل الأمراض والعدوي بين المواطنين, لذا نطالب المسئولين بتغطية ذلك المصرف الذي يتضرر منه الجميع. ويضيف عبدالغفار عبدالكريم( مزارع) أن القرية تعاني من تفشي البطالة بها, وذلك لاعتماد أهلها عي الزراعة والفلاحة التي تتطلب عمالة موسمية, وبرغم ذلك يسعي الجميع للرزق, لكن المشكلة الحقيقية التي تؤرقنا وتكاد تزهق أرواحنا هي عدم وجود جمعية زراعية بالقرية بالرغم من تبرع الأهالي بقطعة أرض لإنشاء جمعية زراعية, خاصة أن جميع مزارعي القرية يواجهون مشكلات من خلال لجوءهم إلي القري المجاورة لقضاء متطلباتهم من الجمعيات الزراعية, وهو ما يترتب عليه حدوث مشادات ومشاجرات قد تتطور وتصبح حرب أهلية بين قرية وأخري, لذا نطالب المسئولن بتسلم قطعة الأرض وبناء الجمعية الزراعية الخاصة بالقرية. وشاركه حمادة عطية عبدالكريم( من أهالي القرية) الحديث قائلا: إننا في حزن عميق بسبب تجاهل المسئولين لمطالبنا البسيطة التي ربما تحسن من أحوالنا المعيشية, حيث إن الأهالي قاموا بالتبرع أيضا بقطعة أرض تقع في وسط القرية لتخصيصها لبناء مكتب بريد عليها يساعد كبار السن في صرف معاشاتهم بدلا من المعاناة التي يجدونها من جراء الذهاب لمكاتب البريد المجاورة للقرية والتي تبعد بمسافة تقدر ب15 كم, ومعظمهم حالتهم الصحية لا تسمح لهم بالحركة, لذا نطالب المسئولين بتسلم الأرض وبناؤها. ويوضح سيد عبدالمعين عثمان( موظف) أن القرية معزولة تماما عن القري المجاورة لها لصعوبة الوصول إليها بسبب شبكة الطرق المتهالكة التي تربطها بالقري المجاورة, خاصة بعدما تم تكسير الطريق الرئيسي المؤدي لمدخل القرية عقب عمليات الحفر الخاصة بشركة المياه لتوصيل خطوط مياه الشرب النقية إلي القرية, التي لا نعلم عنها شيئا, هذا بالإضافة إلي عدم وجود وسائل نقل آدمية حيث إن وسيلة النقل الوحيدة المتوافرة بالقرية هي السيارات( ربع النقل) التي تستخدم لنقل المواشي, وبرغم ذلك نضطر لاستقلالها لكونها الوسيلة الوحيدة للتنقل من وإلي القرية. ويشير صلاح عبدالراضي( من شباب القرية) إلي أن مشكلة التعليم من المشكلات الأساسية بالقرية, حيث لا يوجد بالقرية سوي مدرستين للتعليم الأساسي والإعدادي, كثافة الفصول بهما عالية للغاية, وتعملان علي فترتين لسد حالة العجز, ونتمني من المسئولين استغلال الأراضي التابعة للدولة في بناء مجمع مدارس ابتدائي وإعدادي وثانوي لوقف معاناة التلاميذ, وكذلك عمليات التسرب الجماعية للطلاب, خاصة الفتيات اللاتي يعجزن عن الذهاب إلي القري المجاورة بسبب صعوبة المواصلات, وكذلك الطرق. وأكد المهندس مصطفي طاهر رئيس مركز ومدينة القوصية أن قرية المنشأة حالها حال مئات القري المصرية التي تعانيا نقص الخدمات بسبب عدم وجود موارد مادية, والميزانيات محدوة, ففيما يخص مشكلة المياه يجري حاليا مد شبكات خطوط المياه في جميع قري المركز, بما فيها قرية المنشأة, لتوصيل محطة الشرب النقية من النيل للقرية من خلا لمحطة أم القصور, وكذلك الصرف الصحي الذي توقف بسبب الاعتمادات المالية. أما فيما يخص عمليات الرصف فنحن جاهزون للرصف لكن عقب انتهاء عمليات التجريب في خطوط المياه التي يحدث لها انفجار, عن مشكلة الخبز أكد رئيس المركز أنه ستتم مخاطبة محافظ أسيوط لطلب زيادة حصة القرية من الدقيق, وفيما يخص الأراضي التي تم التبرع بها سيتم فحصها لتسلمها وإقامة المشروعات المخصصة لها عليها. وأضاف رئيس المركز أنه سيقوم بوضع مشروع تغطية المصرف في الخطة المقبلة, ومخاطبة وزار الري لتكملته, خاصة أن الميزانيات المخصصة لذلك لا تفي بالغرض.