من نافلة القول: ان الرؤي قد توافقت, علي مدار العقود الأخيرة علي المستوي العالمي, بأن الديمقراطية هي أكثر أنماط الحكم اتساقا مع قاعدة الحكم للشعب وكيف لا وهي التي أرست قاعدة صوت واحد لكل مواطن أيا كان موقعه أو علمه أو دينه أو سنه أو جنسه.. الخ, لتقض إلي غير رجعة أنظمة الحكم النخبوية التي سادت في عصور غابرة, والتي كان فيها الرأي أو القسم الأكبر منه راجعا للنخبة سواء أكانت نخبة عسكريين أم كبار رجالات المجتمع وغير ذلك. ولطالما تعرضت الديمقراطية لانتقادات انصب أغلبها بأن صناديق الانتخاب قد تفرز في النهاية من هو غير صالح أو جدير بتحمل المسئولية واستند الناقدون علي أرضية فكرية مفادها أن مرحلة صناديق الاقتراع ينبغي أن تكون الأخيرة, فليست هي المبتغي أو المنتهي. والمعني المراد هنا أنه يستوجب أن يسبق مرحلة صناديق الاقتراع تهيئة المجتمع وإعداده لمواجهة الاستحقاق الديمقراطي وتبعاته, سواء من خلال وضع الدستور الذي ينظم حركة المجتمع, ويحدد هوية الدولة وحقوق الأفراد والجماعات جميعا.. الخ بل ذهب البعض في اجتهاده إلي مدي أبعد, فحذر دوما من أنه حتي في أعتي النظم الديمقراطية مثل الولاياتالمتحدة فإن الانتخابات تخضع للتزييف وليس التزوير المعتاد وذلك عن طريق استخدام سطوة رءوس الأموال والإعلام وجماعات المصالح وغيرها, في تشكيل وعي الناخبين وحملهم حملا علي تنبي اختيارات معينة. وغني عن البيان أن استخدام أدوات فاعلة في تشكيل حركة المجتمع مثل رءوس الأموال والدين والإعلام وغيرها يتعاظم تأثيرها كلما انخفض مستوي الوعي العام وانتشرت الأمية, وساد العوز المادي أو انعدم الأمن في ثنايا المجتمع وحناياه!!!. وقد بات مستقبل مصر الوطن وأرض المنشأ والممات , علي المحك وعلينا أن ندرأ جانبا, دعاوي البعض الذي ما فتئ يدفع بأن أحدا من المشاركين لا يستحق الصوت الانتخابي, فالبادي أن مثل تلك الحجة الواهية تناقض نفسها بنفسها, فالمشاركون هم نتاج المجتمع وإفرازه, فلا مناص إذن أن نختار من بينهم من يبدو أنه أكثر قدرة علي إدارة البلاد خلال تلك المرحلة الحرجة من تاريخها, إذ لا يعقل أن يكونوا جميعا متساوين في القدرة أو عدم القدرة أو الأمانة أو عدم الأمانة.. الخ. سيكون لكل منا إذن صوته الانتخابي الذي سيؤدي به دوره المنشود أمام ضميره أولا ثم الوطن ثانيا ومن الطبيعي جدا أن تختلف الرؤي وتتضاد الاجتهادات, بيد أنه ليس من الطبيعي أبدا ولا المقبول في دولة بحجم مصر وتاريخها وقدرها ألا ينصاع الناس, اختيارا وليس قسرا, لنتائج العملية الانتخابية فور إتمامها, بصرف النظر عن نتائجها طالما اتسمت بالنزاهة والحيدة, علي غرار ما تم في الانتخابات البرلمانية الأخيرة فمن المؤكد أنه سيكون هناك بالضرورة فائز واحد وأحد عشر خاسرا, وأن من بين المهزومين من يكون قد تأتي له الحصول علي أصوات عدة ملايين من المصريين. فلنحذر جميعا من بعض الدعاوي أو التهديدات المبطنة التي ترددت خلال الأيام الأخيرة, مثل نذر شؤم, والتي تشي بأن ثمة جماعات أو جهات أو تيارات لن تقبل بنتائج الانتخابات الرئاسية, استنادا إلي قاعدة أن عدم فوزهم وفوز آخرين سيعني من وجهة نظرهم أن الانتخابات لابد وأن تكون قد تم تزويرها بالضرورة!. هؤلاء ينقضون ويقضون استقرار الوطن, ويعرضون أمن المجتمع وأمانه إلي أشد المحن ابتلاء والأمل معقود علي السواد الأعظم من شعبنا ذي الحكمة والبصيرة التي طالما أدهشت الكثيرين بأن يلفظ أي دعاوي لإثارة فتنة لا يعلم أحد مداها, وليعلن كل فرد بأنه بصرف النظر عن صوته الانتخابي الذي سيعطيه لمن يعتقد أنه المرشح الأفضل سيصطف كالجندي وراء الرئيس القادم أيا كان من هو؟, حفاظا علي صالح الوطن وأبنائه فعلينا أن نتذكر أن التحديات الماثلة كبيرة, وأن علاج فشل عقود طويلة من سياسات التنمية يستوجب عملا فوريا وتناصحا مجتمعيا وليس عراكا واعاقة وتعطيلا.. الخ ولندرك أن قرابة40% من المجتمع يعانون أمية خانقة, وأن قرابة السبعين في المائة من أهلنا فقراء.. وأن الكل يعاني بشكل أو بآخر,,, ثم علينا أن نتذكر أنه أيا كان ربان السفينة, فالكل مطالب بمساندته ومساعدته والاصطفاف خلفه, لأنه يستحيل أن يمسك بالدفة أكثر من ربان في الوقت نفسه, والا كان مصير السفينة الغرق..!!